لحظة حرية حاسمة !
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

لحظة الانسحاب تقترب من موعدها، اليوم، تصور "محرراً" مهزوماً، ولحظة الارهاب  تقترب من موعدها خلال الأسابيع التي مضت تصور وحشاً جريحاً يائساً يواصل ارتكاب فظائعه.
فقد شهدت الأسابيع الأخيرة موجة من أعمال الارهاب، مرتبطة بعملية انسحاب القوات الأجنبية من المدن، وبمساعي استكمالها اليوم، الثلاثين من حزيران.
وفي غضون ذلك تشهد اللوحة السياسية التباسات ومخاوف، ونرى التناقض جلياً لدى أطراف سياسية، بينها قوى "مقررة"، ونراه أكثر جلاء لدى القوى "المحررة".
فالعم سام يتحدث، تارة، عن مخاوف من تفاقم العنف بعد الانسحاب، وتارة أخرى عن قدرات القوات العراقية بما ينفي تلك المخاوف، مما يكشف عن "تخبط"، مقصود أغلب الظن، ميز سياسة واشنطن منذ "مابعد التحرير"، بل وحتى "ماقبل التحرير"، في فترة الاعداد للحرب وسيلة وحيدة للاطاحة بالدكتاتور، وما جرته هذه الوسيلة من عواقب وخيمة.
ومن الجلي أن التصعيد الارهابي الحالي، وحتى المتوقع لاحقاً، من جانب قوى الظلام على اختلاف مشاربها، والذي ربما يوحي بمشروع عنف ما بعد الثلاثين من حزيران اذا جاز التعبير، يهدف الى الاستفادة من الفراغ الأمني المحتمل بسبب الانسحاب، وتوظيف ذلك سياسياً لاثبات وجود أمام قوى الاحتلال (الأميركان أساساً) للحصول على ما يمكن من المكاسب. وهذا في الواقع، يؤكد، رغم الصخب والزعيق حول "مقاومة" الاحتلال، أن قوى الارهاب تواصل تقديم المبررات لبقاء القوات الأجنبية واستمرار الاحتلال. وهي تدرك جيدأ أن العد التنازلي لانهاء الوجود العسكري الأجنبي يسحب من تحت أقدامها بساط الذرائع لاستمرار إجرامها الذي يستهدف الأبرياء، حيث تلحق قوى الحلف غير المقدس بين أيتام النظام المقبور، والقاعدة، والجماعات الاسلاموية، وبقايا المليشيات، الأذى بالشعب لا بالمحتل.
وليس من العسير رؤية أن أحد أهداف هذه القوى يتمثل في السعي الى اشعال الفتنة الطائفية مجدداً وإحياء مليشياتها. ومما يلفت الانتباه، في هذا السياق، أنه عند استهداف المناطق ذات الأغلبية الشيعية يوحى بأن هذه المناطق كانت في وضع أفضل عندما كانت تحت سيطرة المليشيات، مما يعني عجز الحكومة وقواتها عن توفير الأمن. وينطبق هذا، في الواقع، على متطرفي الجانبين "السني" و"الشيعي"، حيث التشبث بالعودة الى دوامة العنف الطائفي والثأر المتبادل، في محاولة لاشعال الحريق باستثمار الوضع الأمني بعد الانسحاب.
ومن ناحية أخرى فان وعود أوباما، التي عرضها في خطابه بالقاهرة، مؤخراً، حيث قدم تطمينات وعبر عن رغبة في ترك العراق لأهله، لابد أن توضع على المحك لتقرَن الأقوال بالأفعال، لا أن تبقى مجرد وعود معسولة. ومن هنا فان على الجانب العراقي أن يتعامل بيقظة عالية وحس وطني مرهف دون ركون الى تطمينات ووعود.
ينبغي أن لا تكون لدينا أوهام بشأن نوايا واشنطن التي لن تنسحب وتنهي وجودها الفعلي في العراق بهذه البساطة التي تظهر في الوعود. واذا ما بدا نفوذها العسكري في طريقه الى التقلص و"الانهاء"، فان نفوذها السياسي والاقتصادي سيستمر، وإنها لن تتخلى بيسر عن ستراتيجيتها في مواصلة الهيمنة على قدرات العراق، ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، آخذين بالحسبان التحديات التي تواجهها السياسة الأميركية خلال العقد المقبل في شؤون الطاقة والثروة النفطية.
من الصعب تصور أن واشنطن ستتخلى عما حققته من مكاسب عبر الحرب والاحتلال، رغم "التضحيات الكبيرة" التي قدمتها. ولسنا بحاجة الى أن نورد، ثانية، تصريحات كبار الجنرالات الأميركيين في العراق عن امكانية وآفاق البقاء هنا لعشر سنوات مقبلة.
من ناحيتنا كعراقيين مطلوب منا موقف وطني موحد تجاه مسألة تنفيذ الجانب الأميركي للاتفاق، وعدم الالتفاف على الجدول الزمني بأية ذريعة كانت، بما في ذلك التدهور الأمني. ولابد من تصفية كل الملفات الخلافية العالقة، مثل موضوع الثروات النفطية وعلاقة الحكومة الاتحادية مع اقليم كردستان، وسوى ذلك مما يعوق تحقيق التوافق الوطني المنشود.
سيكون انسحاب الثلاثين من حزيران خطوة هامة حقاً على صعيد استعادة سيادة بلادنا، لكنه يبقى مرهوناً بتعزيز التقدم على طريق تحقيق المشروع الوطني الديمقراطي الذي يشكل الضمانة الفعلية للاستقلال الوطني.
وعلى الرغم من صلاحية مناسبة الثلاثين من حزيران 1920، ثورة العشرين، للتعبئة الوطنية واستثمار المشاعر، فان ربطها بالثلاثين من حزيران الحالي ينبغي أن لا يحجب حقيقة أنه جرى الالتفاف على مكاسب ثورة العشرين الوطنية التحررية في حينه عبر فرض المعاهدات والانتداب، فبات الاستقلال شكلياً والسيادة منقوصة حتى الرابع عشر من تموز 1958.
*    *    *
حيث يوظف "سياسيون" صخبهم حول "الوطنية"، في ظل صراع الامتيازات المحتدم، وحيث يبرر "سياسيون" معاناة الشعب المريرة بدم بارد، يتعين على الحكومة أن لا تكتفي بالحديث عن الجاهزية وتكرار التطمينات. ففضلاً عن رفع الاستعداد والتهيئة، يتطلب الأمر تطهير قوات الأمن من "المخترقين" والمفسدين، وتخليصها من مظاهر المحاصصة المقيتة، وإعادة بنائها على أسس وطنية تحقق ثقة الناس بها.
اليوم لحظة تاريخية حاسمة تتطلب رهافة في الحس، وصدقاً في الوطنية، وشعوراً عالياً بالمسؤولية، وتضامناً في المصير .. وجدارة بلحظة الحرية.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 30-06-2009     عدد القراء :  2443       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced