الزيارة الآذاريــة
بقلم : وئام ملا سلمان
العودة الى صفحة المقالات

حيرة لازمتني فأسهبت في أفكاري بعيداً حيث تقيمين أنت وقريبا حيث أكون أنا، حينما فكرت أن أكتب ليومي ويومكِ ، لفرحي وفرحك ،لوجعي ووجعك ، لطقوس همومنا التي تزداد رقعتها الجغرافية سعة يوما بعد يوم فتطوي الكرة الأرضية تحت جناحي الرحمة والدمعة ، في يومنا الإفتراضي هذا والذي لا يخلو من صور للجمال ،حيث خيلاء الربيع البهي وقيامة الزهور لهيبة مقدمه ، نافضة عن أغصانها بقايا موسم الثلج وتواقة لعودة العصافير بعد انقطاع طويل ،مسقسقة لموعد إشراقة شمس على كوكب يتساوى به أبناء آدم وحواء بالحقوق والواجبات متجاوزين الشعارات المجلجلة والهتافات العالية والخطب الرنانة في مطالبات لا تنتهي ، هذه الخطب التي يتلاشى صداها في مكانه دون رجع .

وبقيت متنقلة بين ضفاف المشاعر الإنسانية الصافية بعيداً عن الإطناب في بطاقات التهنئة التي تترنح من ثقل أمانيها وكلماتها وعن الحفلات الرتيبة بالرغم من موسيقاها وشدوها ، هذه الحفلات المصطنعة والفارغة من مصداقيتها حيث يتلبس جل حضورها بأخلاق تنكرية على درجة عالية من الإتقان تغدوا أمامها غاية بالبلادة والبلاهة كل أقنعة الحفلات التنكرية ، فما قيمة مسرح يقف على خشبته ممثل وإن كان موهوبا وهو يحمل إزدواجية مريرة غير مؤمن بجملة واحدة مما يكرره من حقوق ومساواة .

وأخذت الضفة الثانية لتتجسد في مخيلتي صور لا تحتاج إلى جهد في رسمها ، فكانت وقفة أم عند بوابة سجن أو مديرية أمن وإنتظار حبيبة لحبيب غائب وقلق زوجة على زوج مغيب وصرخة وليد بعد عناء الطلق أو ربما رصاصة غدر آثمة تثقب رأس عابر سبيل وقد تكون عبوة ناسفة عند بوابة صيدلية الوطن مدعاة لموت جماعي . كل هذه الصور العابرة تترك سؤالا فاغرا فمه ينتظر الإجابة :هل هنالك جدوى من طقس يتكرر كل عام لا يختلف عن طقوس الفرح والعزاء الأخرى ، ولابد من إحيائه بأساطيل الحروف المزركشة والمنمقة والعبارات الرشيقة والأنيقة أو حتى العبارات التي تعاني من التخمة حد الترهل والأنتفاخ من حماية إنسانية وصون كرامة وأمنيات وردية محنطة على الورق . ولأنني انتمي إلى أرض تكتظ بالمزارات والأضرحة حيث آدم يرقد في أرض العراق وقد حصروا مكان قبره وحددوه ولكن لا أحد يدري أين تقيم حواء وتنام نومتها الأزلية في هذا الكوكب! ولأننا عصارة حضارات التوسل والقرابين والشفاعات والدعاء والمزارات وتيمناً بهذا ، ما وجدت الذي يناسب يومك ويومي وأنا أقف عند بوابة حضرتك سوى هذه الكلمات القليلة :

السلام على وريثات عشتار وإنانا
السلام على المضحيات يقينا وإيمانا والباذلات اللواتي لا ينتظرن عرفانا
السلام على إلهات الخصب وربات الحب : سعديه وعليه ومريم وهاجر وسارة ونرجس وفطيمـه وخاجيه وصبريه ونجيه ولميعه وضويه صفوة نسوة العـراق ، في إشراقة هذا الصباح مـن آذار العصافيـر والأقاحي
السلام على الصابرات المكابرات
السلام على النخلة الباسقة والقامة السامقة والخطوة الواثقة
السلام على حاملات الوجع نبيلات الدمع ،اللائذات بالفرح إيمانا وإعتناقا والساكبات المحبة معينا رقراقا .
السلام على مربيات الأجيال وصانعات الرجال
السلام على منهل الرحمة ومانحة البسمة
السلام على الحمامة الصادحة في دوحها غير مكترثة لجرحها
السلام على الأكف التي تدوف الدقيق بماء المحبة وتمنح خبزتها للجياع
السلام على إبنة الرافدين مثقل كتفها بجردل ماء تطفئ به جحيم العطش
السلام على الأم التي التزمت سريرها واهنة عليلة بعد مسيرة الحياة الطويلة
السلام على شهيدات وادي الرافدين منذ أن هبط آدم من علاه مطروداً مدحوراً حتى الساعة
السلام على شهداء العراق وعلى أمهاتهم وأخواتهم وحبيباتهم وزوجاتهم وبناتهم وأولادهم
السلام على من أحب العراق والعراقيين من غير طمع واكتفى بما يلزمه معرضاً عن الجشع السلام عليكن وعلى نون النسوة وهي ترفض سياط العبودية وتدافع عن حقها بالوقفة القوية
السلام عليكن في كل زمان ومكان وبكل الأعراق والأديان ورحمة المحبة وبركاتها .

  كتب بتأريخ :  الأحد 08-03-2009     عدد القراء :  3278       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced