حالمة حد الأشتعال! *
بقلم : النصير يوسف أبو الفوز
العودة الى صفحة المقالات

الشهيدة احلام، هي "عميدة عذبي الخميسي". مواليد بغداد 1956. طالبة في كلية الزراعة. قطعت دراستها وغادرت العراق عام 1978 أبان الحملة الارهابية للاجهزة الامنية للنظام الديكتاتوري المقبور. عادت مع زوجها الى الوطن، الى كردستان العراق، والتحقت بصفوف الأنصار في 28/5/1982. استشهدت ببطولة في الأول من أيار 1983، في احداث "بشت ئا شان" الاولى!
للقلب شكل القنبلة.
وللرصاص هجس الأصابع،
لم يعرفوا - ولن يعرفوا - أن المبادئ وقوفا عن موقعها تدافع!
كان دجلة شاهدا حين عرفت أن تلك الغادة التي يتناثر الليل على كتفيها اسمها (عميدة عذبي الخميسي)، وكانت بنادق الأنصار شاهدا وهي تلمح قامتها الرهيفة تخطر بين نساء قرى منطقة " روستي" (1) تنثر المحبة وشموسا صغيرة. وعبر تضاريس الايام ظلت تلك الغادة حالمة حد الاشتعال، راحلة أبدا في شموس الأماني، في تويج الروح، في شرايين الفرح...
كان ليل عدن الساحر يلمنا في شرفة مقمرة. زوجها يسترخي قريبا منا، "ناظم حكمت" وأشعاره، وحبيبته منوّر، يشاركونا جلستنا، التفتت عميدة إلى زوجها، وفي عينيها بريق حالم أخاذ :
- اذا صار لدينا طفلة سنسميها منوّر!
هل لي ان أتبارك من عيني منوّر؟ ان اجدل شرائطها، وارتب لها حقيبتها المدرسية؟ ان اسهر لاجل عينيها مرة؟ ليلة واحدة اسأل فيها النجمة التي أريد، ليلة اسهر، ارسم لها الأماني عصفورا لجناحيه شواطئ دجلة والفرات؟
الحمى تحرق جسدي، وأمي بعيدة... بعيدة، وحزن المنفى له ملمس الحجر، حين أفقت، كانت أمي تجلس عند سريري ساهرة والليل يتناثر على كتفيها!
كل ليلة تراني النجمة ساهرا مع بندقيتي، أوقد هواجسي شموعا و(حلومة) المتألقة على خافي الوميض تتقد شموسا، وذات يوم سأزهر عند مفرق شعرها ورد رازقي له عطر الأماني وسيكون ناظم حكمت ضيفنا!
ان من يستهين بامرأة تحمل بندقية، يشتبك زنادها أحيانا بالضفائر، في (بشت ئاشان) عرف ان أمراة كـ "أحلام" يمكنها بسهولة ان تترك خلفها امشاطها ومرآتها وأن تتفجر بعنفوان الفرات، وان يكون لاصابعها قوة الصخر وهي تضغط الزناد دفاعا عن شرف المبادئ!
في معارك الأنصار، حين ينحني الرصاص متكسرا عند الصخور، ويهوم صداه في الوديان وحنايا الروح، أراك يا عميدة، على خط التسديد، عند كتفي "الفرضة"، تسندين ذراعيك وتبتسمين.
لرصاصي سيكون استدارة شفتيك، وبريق بسمتك. ومنوّر ستأتي، وسأضع صورتك وخصلة من شعرك في حقيبتها المدرسية!
أحلام...
قد نلتقي وأضع بين كفيك الرصاصة التي ستحولني الى "سر الليل" (2)، وقد انتظر لأجدل ضفائر منوّر، واهمس لها عن امرأة يتناثر الليل على كتفيها، حالمة حد الاشتعال، ظلت الشموس تتناثر من بين أصابعها حتى اخر لحظة من حياتها!

6/ 3 / 1988
كردستان / مقر مراني
ملاحظات اضافية:
* النص كتب في حينه لعدد من مجلة انصارية خاص بعيد المرأة.
1 ـ روستي: منطقة تابعة الى محافظة اربيل، كان فيها مقر لسرية من الأنصار، عملت الشهيدة أحلام هناك لفترة، وقدمت خدمات مشهودة في التوعية والتمريض لنساء قرى المنطقة.
2 ـ دأب الأنصار عادة على اختيار أسماء الشهداء ككلمات لسر الليل.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 09-03-2009     عدد القراء :  2714       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced