حكام العراق ... اخرجو منها لانكم في حضيضها
بقلم : علي عرمش شوكت
العودة الى صفحة المقالات

ان دعوة النزول عن سدة الحكم قد تبدو هذياناً لدى من على كرسي السلطة. ولكن وكما يقول الماديون: ان في كل لحظة كل شيء جديد في الحياة، فضلاً عن بديهيات ادارة الصراعات السياسية التي تؤكد دوماً بأن لا مكان للمستحيلات في دراما السياسة، وفي ذات الوقت ليس غريباً على من ينعمون بالسلطات المطلقة ان يروا بقائهم بمنأى عن التغيير - وعلى حد عبارة المقبور صدام " ان الله يحبه ولهذا وصل الى الرئاسة" - وعليه "سيعيش الف عام وعام !!" مستنداً على ما اخبرته به احدى العرافات، كما ان الملوك غالباً ما رددوا مقولتهم المعروفة " ان للمملكة رب يحميها ". وبالمناسبة قيل في العراق قبيل ثورة 14 تموز 1958 بوقت قصير"ان دار السيد مأمونة". كل هذه القناعات المطلقة بدوام التسلط والاستبداد، انتهت بين ليلة وضحاها، وبات صاحب الدار المأمونة مسحولاً في شوارع بغداد،وصاحب الايمان بان رب العالمين يحبه، اخرج من جحر ارنب، قد هيأه لنفسه بالتزامن مع  الانتخابات الصورية التي كان يجريها بنتائج الـ  100% ..!!.
ان دروساً في تاريخ العراق السياسي غنية بالعبر، ولا يبدو على حكامنا اليوم الاتعاظ بها. وليس ثمة حاجة الى كاشف اسرار ليبين لنا بماذا حشيت ادمغة هؤلاء الحكام من تصورات واحلام البقاء الابدي، انهم قد باتوا اسرى المال والجاه الذي لم يدر بخلدهم يوماً الاقتراب حتى من حواشيه، لاشك انهم مصابون بمرض السلاطين والاستبداديين عبرالتاريخ، الذين عاشوا في حالة غارقة بوهم البقاء، ايماناً بالقوة التي اتت بهم الى منزلة الحكم، وانها كفيلة بحراستهم الى الابد من اي طامع بمكانتهم !!. دون ان يحسبوا يوماً ما تصنعه حركة الزمن من تطورات تفرض استحقاقاتها، تلك التي اذا ما اغفلت ستجعل كل ذي حركة مستعداً لقلب ظهر المجن عندما تختمر لديه مقومات التحول.
ومن النادر ان نجد احداً من الحكام قد تنازل عن "بغلة السلطة" بطيب خاطر، ربما كان مثل الجنرال" سوار الذهب" في السودان، والمناضل"مانديلا " في جنوب افريقيا، قد صنعا سابقة في التاريخ السياسي الحديث، بتنازلهما عن كرسي الحكم، وهما في قمة النجاح، وكانا يحظيان باعتزاز شعوبهما، اذ سُجل عملهما كظاهرة لا سابق لها ، ولن تتكرر كما يبدو في يومنا هذا. ومن اتعس تجليات عبادة كرسي السلطة هي حالة الرؤساء والملوك العرب الذين يفضلون الموت تقطيعاً اوحرقاً اواعداماً بايدي الجماهير، كمصير (صدام و القذافي وغيرهما ) على ان يتنازلوا عن سدة  الحكم، وفي النتيجة سرعان ما تنكشف اسرار عنادهم وتمسكهم بمواقهم السلطوية، فالجرائم التي لا تعد ولا تحصى، والفساد والاختلاسات للمال العام التي يرتكبونها. تولد لديهم جسامة في الخشية من القصاص، الذي لا فرق بينه وبين ما يتوقعونه من مصير حينما يقعون تحت طائلة الجماهير الغاضبة، مما يدفعهم على التشبث باوهامهم العليلة بانهم خالدون في مواقعهم، ظناً منهم بأن القوة التي اتت بهم ما زالت كفيلة بحمايتهم.
يتجلى ذلك في الوضع السياسي العراقي على درجات سافرة من التمسك بمواقع الحكم دون اية مؤهلات موجبة، في حين غدا التفسخ يعم جميع مفاصل "الطبقة" الحاكمة، مما اوصلها الى الحضيض، ولا بد ان لا يُغفل اصل الحكاية كما يقال، المعنى هنا، من اي رحم ولدت هذه التشكلية الحكومية..؟. فهي مخاض ازمة ثقة ولدت ازمة حكم وتقاتل على الحصص، ورغم تشكيلها من خلال التدابير والنوايا المبيتة الماكرة، الا انها ظلت حاملة  في ثناياها لعلتها القاتلة، والمتمثلة بكثرة القيادات الفاشلة الجاهلة المفعمة بقلة المعرفة بادارة شؤون البلد، ولذا لا عجب من الفشل الذريع الذي غرقت فيه حتى هامتها، والذي لابد من ان يؤدي عاجلاً الى الانهيار اذا لم يكن الانفجار المدمر المحذور منه.
ولعل من يدعو قادة الحكم في العراق الى الخروج من الحضيض الذي وصلوا اليه في ادارة شؤون البلد سيسدي لهم افضل خدمة قبل ان يدفعوا الثمن الباهض، والذي لا يتوقع منه سوى ان تشيعهم ذات القوى التي اتت بهم الى مواقع السلطة، تشيعهم الى مثوى غير محسودين عليه، هذا اذا لم تأبنهم بموت سياسي ولا احد يرجو لهم الشفاعة.

  كتب بتأريخ :  السبت 23-02-2013     عدد القراء :  1569       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced