في عيد المرأة كم "لوتشانا" نريد؟!
بقلم : نهلة ناصر
العودة الى صفحة المقالات

بالرغم من عدم نيل جميع حقوقها، الا ان المرأة الايطالية افضل بكثير من نساء العالم الاخريات، لما تتمتع به من حرية تسمح لها بممارسة حياتها بجميع مفاصلها ومنها السياسية، حتى ان الانتخابات الاخيرة حملت إلى البرلمان الجديد عددا كبيرا من الشباب، وبينهم نسبة كبيرة من النساء من مختلف الأعمار والفئات، ومن جميع الاحزاب المشاركة في الانتخابات.
وتتمتع المرأة الإيطالية باحترام متزايد لكفاءاتها، الأمر الذي يجعلها تتولى مناصب وزارية مهمة لا تقل أهمية عن تلك التي يتقلدها الرجل.
الغريب ان بعض النساء الايطاليات ينزعجن عند تهنئتهن بعيد المرأة، لانهن – حسب قولهن – لسن ضعيفات او مختلفات عن الرجل ليخصص لهن يوم يحتفلن فيه، وانهن يفضلن الاحتفال بالاعياد التي تجمع الرجل والمراة معاً، حيث لا فرق بينهما في الحقوق والواجبات.
فالمرأة تشارك الرجل كل شيء في الحياة وتستطيع التعبير عن مطالبها بكل سهولة، حتى ان برنامجا تلفزيونيا اسبوعيا يستضيف فيه مقدمه – بعد ان ينتهي من ضيوفه – سيدة جاوزت العقد الخامس من عمرها ليحاورها في امور البلاد والعباد اسمها "لوتشانا".
تتحدث لوتشانا بحرية لا مثيل لها وتنتقد ظواهر اجتماعية وسياسية عامة، بشكل كوميدي لاذع، حتى انها احيانا تنتقد البابا، الذي يعتقد البعض انه بدرجة من التقديس لا يستطيع احد انتقاده.
وأنا أتابع حديث المقدمة الكوميدية الإيطالية الشيق والمحفز، فكرت لو كان في العراق امرأة شبيهة بلوتشانا وأرادت انتقاد اداء الحكومة بهذا الشكل، لأقيم عليها الحد - دون ادنى شك - وبلا تأخير.
عندما اتابع لوتشانا اسبوعيا اعود الى نساء العراق واتساءل: كم لوتشانا يحتجن للتعبير عن قضاياهن بشكل خاص، لان القضايا التي يموج بها الوطن اليوم اصبحت تفوق الخيال؟ ولو ان لوتشانا هذه كانت تعيش في العراق لانفجرت غضباً ولصاحت بأعلى صوتها "انقذوا نساء العراق"!.
وبين استماعي لحديث الإيطالية وانشغال فكري بالبلاد، فكرت كم يوجد في بلدنا من ناشطات متميزات يستطعن تغيير الكثير من حال النساء العراقيات لو انهن وحدن جهودهن ووقفن وقفة واحدة للتعبير عن قضاياهن وطالبن بقوانين تنصفهن، وبتطبيق المعطل من القوانين الاخرى التي نالتها المرأة العراقية بكفاحها عبر عقود من الزمن.
واحدة من وسائل التعبير تلك ان تنشر المناضلات تاريخهن في كتب، لا ان يعتمدن على الصحافة التي غالبا ما تنشر اجزاء مقتضبة من حياتهن، لتكون مسيرتهن خطة عمل للكثير ممن يتقن للانعتاق من عبودية المجتمع - ولا نقول الرجل - وتسلطه عليهن. وان تخصص الكاتبات والكتّاب حيزاً للكتابة عن أسماء لامعة لنساء حفل بهن العراق على مر السنين، من ملكات، مؤرخات، محاميات، طبيبات الى وزيرات، وغيرهن ممن يثبتن اليوم انها سليلات اولئك النساء الخالدات.
لن ندعو الى عدم الاحتفال بعيد المرأة، كما هي حال نساء إيطاليات بل وأوروبيات، لان هذا اليوم ببساطة يذكر النساء بما حققنه وبما لم يحققن، وبالتالي يحفزهن ويشد من عزمهن لمواصلة النضال والمطالبة بحقوقهن التي يتم الالتفاف عليها يوما بعد آخر.
ولكن ليس صعباً ان يتحول عيد المرأة من مجرد تجمعات واحتفالات تقتصر على الكلمات والتهنئة الى يوم تتلقى فيه المرأة هدية ملموسة، عندما تسن لها الحكومة قوانين تنصفها في البيت والعمل وتلبي حاجاتها، التي هي في النهاية حاجات المجتمع الذي تتمنى ان يكون حراً سعيداً. وقوانين تبتعد عن سياسة التهميش وتفسح لها المجال للمشاركة في الحياة السياسية واتخاذ القرار، لانها جزء من هذا المجتمع وعليها – كما على الرجل – مسؤولية بنائه وتنميته.
عندما يكلل جبين المراة بتلك القوانين يكون عيدها الحقيقي، وحينها ستظهر ألف لوتشانا عراقية.

  كتب بتأريخ :  الخميس 14-03-2013     عدد القراء :  1853       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced