الموقف من : حيدر ردام
بقلم : تحسين المنذري
العودة الى صفحة المقالات

"حيدر نزار ردام " مواطن عراقي من اهالي البصرة ، قدم الى السويد منذ عامين ، حاملا معه هم العراق وجرحا في ساقه نتيجة اطلاق نار عشوائي أُصيب به قبل قدومه الى بلد يبحث فيه عن الأمان الذي إفتقده بين أهله وصحبه ، حيدر ردام ترك أمه وشقيقه وشقيقته وزوجته وإبنه في سوريا ، كبلد مؤقت ،وإنتظارا للالتحاق به في حال حصوله على حق الاقامة الدائمة في السويد ، لكنه لم ينل ما أراد ، كان الرفض والتهديد بالتسفير بموافقة الحكومة العراقية يلاحقه في كل لحظة ،و جرحه النازف في ساقه ظل يؤلمه حتى تقيح ، مما إضطر دائرة الهجرة السويدية الى إرساله لمستشفى متخصص لاجراء جراحة عاجلة . لكن الدواء صار داءا ، فمات حيدر ردام أثناء إجراء العملية نتيجة خطأ في التخدير ـ وهذا نادرا مايحدث في السويد ـ البلد المتطور علميا وطبيا ، لكنه الاجل ، أو القدر النحس الذي ظل يلاحق حيدر ردام قال قولته الاخيرة . إلا إن معاناة حيدر ردام لم تنته عند هذا الحد ، فدارت الاسئلة في رؤوس الجميع ، أين يدفن ؟ ومن له ، وكيف التصرف مع أهله في سوريا ؟ تم إحضار أخيه "عامر" المقيم في بلجيكا ، إلان إنه كان أيضا بلا حول ولا قوة ، فهو لاجئ هناك لا يقوى سوى على قوت يومه . فما العمل ؟ الجمعية الثقافية العراقية في مالمو ، كانت الجهة التي التجأ اليها عامر ردام ، ولم تبخل عليه بالمساعدة ، إتصل العاملون فيها بدائرة الهجرة السويدية ، وهي الجهة المسؤولة عن طالبي اللجوء في أمل الحصول على مساعدتها لنقل الجثمان الى العراق ، لكنها إعتذرت لان نظام عملها يسمح فقط بتسفير الاحياء الى بلدانهم وليس الاموات !!!!! بلدية مالمو وعدت بالمساعدة إذا تم دفنه في أراضيها وليس تسفيره ، فبرز السؤال مرة أخرى ما العمل ؟ لم يكن أمام الجميع سوى الاتصال بالسفارة العراقية في السويد لطلب المساعدة في الموضوع ، وبالفعل إتصلوا تلفونيا وكان على الجهة الثانية من الخط القنصل العام في السفارة السيد "عمر واصف "  ، والذي ما أن سمع القصة حتى بادر بالرد وبلغة دبلوماسية ، معتذرا عن تقديم أية مساعدة لان المتوفي حيدر ردام وببساطة تقدم بطلب لجوء الى السويد وهذا يعني إنه معارضا للدولة العراقية مما يتعذر على السفارة تقديم المساعدة للمعارضين حتى وهم أموات، وبعد إلحاح وترجي وافق على تقديم عريضة للسيد السفير علّه يقدم عونا ، لكن الرد من السيد السفير العراقي في السويد ــ والذي كان معارضا سياسيا سابقا ولاجئا في بلد أوروبي أخر هو فرنسا ــ جاء مطابقا لرأي السيد القنصل العام " عمر واصف " حسب مانقله الاخير الى ممثلي الجمعية الثقافية العراقية في مالمو وعبر الهاتف ، لكن السفارة على إستعداد لختم التابوت بختمها!!!
فيا للمنطق القديم الجديد ، حيدر ردام  ، الهارب من جحيم الموت والمصاب بإطلاق ناري في ساقه ، معارض للدولة العراقية ، لا لشئ سوى إنه يبحث عن الامان ، معارض للدولة العراقية لانه يريد العيش بكرامة إنسانية  إفتقدها في وطنه ، معارض للدولة العراقية ، لأن المحاصصين لم يعطوه فرصة تحقيق آماله في وطنه ، معارض للدولة العراقية ، فقط لأنه يريد تأمين مستقبل مستقر وآمن لعائلته وبالاخص لولده ، معارض للدولة العراقية ولا يستحق سوى ختما على تابوته ، أما خيرات وطنه ، نصيبه في شئ من ماله ، فليس له حق بها لأنه ببساطة معارض للدولة العراقية .
منطق القنصل العراقي العام السيد "عمر واصف " ليس جديدا على العراقيين ، إنه موقف النظام الدكتاتوري المقبور إزاء كل معارضيه ، الحرمان من حق المواطنة ومن الحريات ومن العيش بكرامة ومن كل ماهو إنساني ونبيل ..... وأخيرا الحرمان من حق الدفن في الوطن ذلك مالم يجروء على قوله السيد القنصل العراقي العام في السويد .
فهل هذا هو منطق الديمقراطية الجديدة في العراق ايضا ؟؟
نعم لتعلموا أيها المعارضون ،وأعني أيها المقيمون خارج وطنكم ، الباحثين عن الاستقرار والامان والعيش بأدنى حد من الكرامة الانسانية ، إنكم لا تستحقون شيئا من وطنكم ، وليس لكم حق فيه إلا أن تقولوا "نعم"لكل حكوماتكم ، وأن توافقوا على هدر حرياتكم وكرامتكم وأن تموتوا وانتم راضين عن كل مايجري ، وإلا فأنكم ربما ستحرمون بموجب فرمان قادم حتى من حق الدفن في تربة وطنكم ، وأحذروا أيها الباقين على قيد الحياة في أرض العراق اليوم ، إحذروا أن تغادروا جحيم المفخخات والاحزمة الناسفة ، لا تبتأسوا من حرمانكم من الماء والكهرباء ، لا تتذمروا ، لا تعترضوا ، وأقبلوا بكل شئ حتى وإن كان غير انساني ، وحذار حذار إن تغادروا أرض العراق لئلا تحسبون معارضين للدولة العراقية ويحتار بكم أهاليكم وصحبكم ، إن متم، أين ستدفنون ؟؟
في قضية حيدر ردام ايضا فقد تناخى العراقيون الشرفاء من أبناء الجالية العراقية في جنوب السويد مع بعض من جمعياتهم وتدبروا فيما بينهم كلفة نقل جثمان حيدر ردام وكلفة سفر أخيه الى ارض البصرة ،ووصل الجثمان الى هناك وبدون ختم السفارة ،  إلا إن الخوف يلازمهم من القنصل العراقي العام في السويد السيد " عمر واصف " مخافة أن يلاحق المعارض العراقي المتوفي حيدر ردام الى هناك ويحرمة من حق النوم الابدي في التربة التي تربى فيها .
حيدر ردام ، إرتحل دون أن يعرف قصة معاناته كلها .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 18-09-2009     عدد القراء :  2576       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced