دولة القانون..!
بقلم : جمال جصاني
العودة الى صفحة المقالات

كما غير القليل من العبارات التي جمعت بين حاجتين حيويتين (الدولة والقانون) فقدهما سكان هذا الوطن القديم بعد التغيير وانطلاق عصر الحوسمة بكل اشكالها الاقتصادية والسياسية والامنية، احرز هذا الشعار رواجاً كبيراً في بورصة التداول الاعلامي والانتخابي. ومن دون شك كان اختياراً موفقاً للجماعة السياسية التي اتخذته في موسم الصناديق. هذه الحاجة الاولية لوجود الاوطان واستقرارها وازدهارها، تتطلب قبل كل شيء فهماً واضحاً عن معنى هذا الشعار ومدى استجابته لحاجات العصر، فمفهوم الدولة اليوم غير تلك النسخ التي عرفتها مدوناتنا وموروثاتنا، فهو اليوم لا علاقة له بمفهوم (الراعي والرعية) ولا حتى ما عرفته البشرية بعد الثورة الفرنسية الكبرى؛ كجهاز يعبر عن الهيمنة الطبقية، هو كما جميع القضايا الاخرى خضع لتأثيرات التطور المطرد والمتعاظم لحياة البشر المادية والروحية والمعرفية.
ولا يختلف الأمر مع مفهوم (القانون) حيث تصدعت الهياكل القديمة للتشريعات، فما كان يحسب ضمن المتفق عليه اجتماعياً وقانونياً امسى اليوم جريمة يحاسب عليها، وهكذا شهد العالم تحولات نوعية على صعيد المنظومات الفكرية والمعرفية مثل ذروتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وماتلاه من مواثيق دولية مناصرة لكرامة وحرية عيال الله. لذلك لن يجدي نفعاً التعكز على مثل هذه الشعارات الجميلة من دون تحديد نوع الشحنات التي اكتستها والوظائف التي وجدت من أجلها. ان الدولة والقانون اللذين يحتاجهما عراق ما بعد (جمهورية الخوف) لا بد من ان يرتقيا الى مستوى المخاطر والتحديات التي تواجه حاضر ومستقبل شعوب وقبائل وملل هذا الوطن القديم. لا بد من امتلاكهما لقدرات ومميزات اكثر تقدماً مما شهده العراق في تجاربه السابقة، لا ان يعودا به الى الشرائع والهياكل المنقرضة (قبائل وطوائف وعصبيات وما يتجحفل معهم من سناين..) لا نحتاج لمزيد من عروض الازياء التقليدية والمزاودات في امتشاقها، كما حصل بعد حقبة (الفتح المبين). الدولة والقانون اللذان بمقدورهما انتشالنا من هذه الاوضاع الملتبسة التي نعيشها، تصنع على أيدي القوى والشخصيات التي تمتلك مشروعاً مدنياً وحضارياً، لا عبر المجاميع والمخلوقات الهامشية والديماغوجية المسكونة بوهم اعادة انتاج الماضي. ان تحقيق هذا الهدف (بناء دولة القانون) يحتاج الى قوى ورؤى لا علاقة لها بآيديولوجيات التشرذم السائدة اليوم في المشهد السياسي الراهن، حيث حالتنا تشبه الى حد كبير ما اشار اليه انطونيو غرامشي ذات يوم (القديم يحتضر والجديد لم يولد بعد..) مثل هذه المراحل الانتقالية تحتاج الى الكثير من الشجاعة والمسؤولية والصبر كي نصل الى ضفاف الدولة والقانون المنسجمين وحاجات الحياة الحديثة..

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-05-2013     عدد القراء :  1479       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced