بمناسبة الذكرى السنوية لاندحار النازية وحلفائها انتصار حاسم وتضحيات جسيمة
بقلم : رشيد غويلب
العودة الى صفحة المقالات

اقتحم الجنود السوفيت في ساعات الصباح الباكر من يوم الثلاثين من نيسان 1945، وبعد قتال مرير مع 5 آلاف من قوات آس آس النازية، بناية الرايخستاغ الألماني، ورفعوا العلم الأحمر فوقها، معلنين بذلك سقوط النازية الألمانية، وبعد عدة أيام وفي الثامن من أيار استسلمت بقية القوات النازية المقاتلة في برلين.
وجاء هذا الانتصار الحاسم بعد أربع سنوات من القتال الصعب، والضحايا الجسيمة في سبيل تحرير أوروبا، ومعها العالم من سيطرة وخطر الفاشية. لقد كلفت معركة تحرير برلين، التي استمرت سبعة أيام، حياة 30 ألف جندي سوفيتي. وكان القتال يدور في الشوارع، وينتقل من بيت لآخر. وكذلك سقط العديد من الجنود السوفيت في معركة عبور نهر الاودر، وفي اقتحام مرتفعات "سيلور" القريبة من الحدود البولونية. لقد تسبب النظام الفاشي المنهار، حتى ساعاته الأخيرة، في مقتل عشرات الآلاف من الجنود، والمدنيين الألمان، رجالا، نساء، وأطفالا، جراء الإصرار على المقاومة العدمية، ونتيجة لأوامر قوات آس آس بتصفية المتراجعين، ورافضي الاستمرار في القتال العبثي. ان تحرير شعوب أوربا من سيطرة واضطهاد الفاشية، يعد بحق يوما مشهودا في تاريخ العالم المعاصر، والذي تحقق بفضل النضال المشترك لجيوش الحلفاء (الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، فرنسا،الولايات المتحدة الأمريكية، وأمم العالم الأخرى)، وقوات الأنصار والمقاومة في البلدان التي احتلتها الفاشية الألمانية وحلفاؤها. ومن المعروف ان الجيش السوفيتي لعب الدور الرئيسي في القضاء على الفاشية. لقد أوقف السوفيت تقدم الجيوش النازية، الأول على أبواب موسكو، في شتاء عام 1941، وشهد النازيون في عام 1943، في ستالينغراد ومناطق القوقاز هزائمهم الأولى، وفقدوا نهائيا زمام المبادرة الستراتيجية. وحتى ذلك الوقت كان الجيش السوفيتي يخوض بمفرده المعارك البرية ضد التحالف الفاشي. وبعد ذلك انزل الحلفاء قواتهم في ايطاليا وفي حزيران 1944 قاموا بإنزال نورماندي الشهير، ليفتحوا الجبهة الثانية، التي وعدو الاتحاد السوفيتي بفتحها منذ عام 1942. وهذا يعني ان الجيش الأحمر حرر كامل ترابه الوطني، معتمدا على قواه الذاتية، وتقدم مقتربا من الحدود الألمانية، وحتى بعد انزال نورماندي، ظلت الجبهة السوفيتية جبهة الحرب الرئيسية مع الجيوش النازية، وظل الألمان يحتفظون بـ 60 في المائة من قواتهم المسلحة على هذه الجبهة. وفي حالة واحدة خلال التحضير لهجوم Ardennen ولوقت قصير، تم تحويل الأفواج الخاصة من الجبهة الشرقية إلى الجبهة الغربية، ولكن فشل الهجوم، والهجوم السوفيتي المبكر في عام 1944 اجبر الألمان على اعادة هذه الأفواج إلى الجبهة الشرقية مجددا. وفي الفترة الزمنية بين انزال نورماندي واستسلام الجيوش النازية خسر الجيش الأمريكي 174 إلف مقاتل، وبين بداية الهجوم النازي على الاتحاد السوفيتي في 22 حزيران 1941، والثامن من أيار 1945 خسر الجيش السوفيتي 8,5 مليون جندي ، ما عدا الملايين الذي قتلوا في معسكرات الأسر الألمانية، او اللذين ماتوا في تلك المعسكرات جوعا. وهناك 10 ملايين إنسان من مواطني البلدان المحتلة سخرهم النازيون في معسكرات العمل الإجباري تحت ظروف عيش لا إنسانية، مات الكثير منهم في تلك المعسكرات.
لقد كلفت الحرب العالمية الثانية البشرية 55 مليون ضحية نصفهم من مواطني الاتحاد السوفيتي السابق. وعلى الرغم من ذلك تصر القوى المحافظة، واليمينية الألمانية على توصيف الثامن من أيار بـ"بيوم هزيمة الجيش الألماني وبداية تقسيم ألمانيا"، رافضة وصف هذا اليوم التاريخي بـ"يوم التحرير". وفي العاشر من أيار عام 2010، رفضت الأكثرية البرلمانية في البرلمان الاتحادي الألماني مشروع قرار تقدمت به كتلة حزب اليسار، يدعو لاعتبار الثامن من أيار عطلة رسمية في عموم ألمانيا، ويذكر ان مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن في شرق ألمانية تعتبر، منذ عام 2002 ، الثامن من أيار عطلة رسمية في المقاطعة.
ان الإرث التاريخي للثامن من أيار يتعرض للتشويه، عندما يجري التقليل من أهمية الدور الريادي للجيش الأحمر في عملية التحرير، وعندما يجري الاحتفاء في بلدان شرق اوربا بالمتعاونين حينها مع قوات الاحتلال النازية، باعتبارهم أبطالاً وطنيين. وعندما ينظم النازيون الجدد في ألمانيا، وفي بقية البلدان الأوروبية المسيرات بحماية قوات الشرطة المحلية، ويجري ملاحقة المشتركين في التظاهرات المناهضة للفاشية من قبل الشرطة، والسلطة القضائية. ويجري تشويه الإرث التاريخي ليوم التحرير، عندما ترفض الأكثرية البرلمانية في البرلمان الألماني مشروع قرار تقدم به الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وليس اليسار، يدعو لمنع نشاط الحزب القومي الألماني، احد أقدم أحزاب النازية الجديدة في ألمانيا.
في الثامن من أيار عام 1945 بدأت على أنقاض أوروبا، حقبة جديدة من السلام والمصالحة والتفاهم بين الشعوب ولهذا فان هذا اليوم هو يوم التحرير، وليس ان يكتفى للاحتفال به كل خمس، أو عشر سنوات، انه اليوم الذي يجب ان يقدم فيه الشكر بصوت عال، لكل من ساهم في تحرير البشرية من غول الفاشية.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-05-2013     عدد القراء :  1631       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced