أبا ظفر … الغائب .. الحاضر
بقلم : بلقيس الربيعي
العودة الى صفحة المقالات

ابا ظفر أنا لا ارثيك لأنك لازلت تعيش في ضميري وذاكرتي وانت في سويداء قلبي لا تغيب ..

أنت معي قصة حب رائعة ، وما بيننا يا ابا ظفر تاريخ طويل .. زمن تكتظ وتتناغم فيه ذكريات وصور رائعة الجمال عن حبنا الذي عمدته الحياة بأنفاسها الخالدة .. إن جذوة هذا الحب لازالت وستبقى تتوهج في قلبي وضميري الى أن تحين منيتي .. . أنت بالنسبة لي حديثي الدائم و “سولة سكتًي “ ، ادخل اسمك في كل حديث بشعور أو بدون شعور .و أراك في عيون ظفر ويسار ، الشمعتان اللتان نورتا ظلمة حياتي بعدك …. .

“أخاف عليك من نفسي ومني
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو اني ضممتك في فؤادي
الى يوم القيامة ما كفاني . ”

إن إستشهادك يا ابا ظفر أدخلني في دوامة الحزن الكئيبة ، وظن البعض انه من الصعوبة بمكان أن اتخطى حاجز الحزن الذي غلًف حياتي وانا التي عشتُ معك احلى قصة حب واحلى ايام عمري ، لكني بصبري ( هذا الصبر الذي كنت دائما تشيد به ) إستطعت أن اتجاوز احزاني واحوًل الألم الى عمل دؤوب من اجل ظفر ويسار .

انت في ذاكرتي وبيني وبين نفسي اعيش ذكرياتي الجميلة معك ، ولا يمر يوم دون أن أستمع الى  رسائلك الصوتية والتي في إحداها تقول :

" .. احد الكتاب ، اسمه ليس على بالي الآن ، نقل عن لقمان حكمته التي يقول فيها “ للموت وقت وللحياة وقت . ” صحيح هذه الحكمة يمكن تعزل عزل حاد وقطعي ما بين الحياة والموت ، لكن نحن الشيوعيون ، وهذا إحساسي ، لما نكون أحياء ما نموت ، ماكو موت في حياتنا، ولما نموت ، الموت الطبيعي. نحن نحيا ونتواصل مع البشرية كلها بأفكارنا واعمالنا . وإذا غبتُ عنكِ جسداً، نتواصل انا وانتِ افكار ، واتواصل معك من خلال ظفر ويسار. إذا غبتُ عنك جسداً ، انا موجود . موجود معكِ قصة ، صرنا تاريخ ما ينلغي ، صرنا تاريخ انا وانتِ الحديث عنه يحتاج الى سنين وسنين. انا وانت ارتبطنا بشكل مصيري وعدة اواصر تربط بيني وبينك ….. ”

أجل يا ابا ظفر انت حي رغم غيابك .

امامي الآن إحدى رسائلك والتي تقول فيها : ” تحية حب ووفاء للإنسانة التي لم تفعل الغربة إلا أن زادتني حبا وإخلاصاً لها … للحبيبة التي اصبحت هي والوطن والناس شيء واحد ، بل فيها يتركز ومنها يشع كل حبي لكل الأشياء الجميلة في هذا العالم . لقد أصبحتٍ يا بلقيس انتِ والعراق وجهان لميدالية واحدة هي حبي للإنسان والحياة والحرية ، هذا الحب الذي من اجله ضحيتُ واضحي . رسالتكِ الأولى لي في بلغاريا احتفظ بها في جيبي ولا يمر يوم دون أن أقرأها او أقرأ بعض من كلماتها لبعض ( الأصدقاء ) * . الجميع يحسدني عليكِ يا ام ظفر ، لم يختلف الأمر ، ففي كل قراءة لها أحسُ الدموع تملأ عيوني فرحاً بكِ يا ام الوفاء …. إن كلماتكِ تقطر صدقاً وإخلاصاً ، واملي بل ستبقين رمزاً للوفاء ، للحب ، شجاعة أبداً .

كانت كلماتكِ كما انتِ شفافة … حلوة … حبيبة … وفية ، وكنتُ أخالك بين حروفها باسمة مغازلة ، تغمزين من وراء كلمة هنا وتقهقهين بجرس ضحكتكِ الرائعة وراء كلمة هناك … تكفكفين دموعكِ الغالية عند سطر وتقفين صلبة واثقة من المستقبل خلف سطر آخر وأراكِ …أراكِ .. اراكِ … الحب الذي إفتتن به قلبي كالإشعاع هي ذكرياتي عنكِ......

كنتُ اليوم في حديث مع رفيق حول زوجاتنا ووفائهن وإخلاصهن ، وكان رأيي أنه لم يكن هناك من إنسان له أثر بالغ في حياتي أو إني مدين له ما حييت كما انا مدين لكِ . لهذا ينتابني أحيانا شعور بالذنب لأني لم اقدم لكِ شيئاً يعادل حتى ولو جزء بسيط لما قدمتيه انتِ لي ولحبنا ولإطفالنا، وكل ذلك أساسه إخلاصكِ وحبكِ الصادق ووفائكِ غير المحدود . قلتها واقولها دائماً إني تعلمتُ على يديكِ اموراً كثيرة اعتز وافتخر بها . لكن الشيء الأكيد عندي هو حبي لكِ و وفائي للعهد الذي بيننا … احبك يا ام ظفر واتمنى من كل قلبي أن القاكِ لقاء دائم وبعد أن تزول  قيود الذل عن وطننا الحبيب وان اعيش معكِ بقية عمري وأن نعيد كل ما هو جميل من حياتنا …. ”

أجل “ الظالمي لم يمت “ وكما الأوطان والشعوب لاتموت ، فأنت ليس ميتاً بل حياً في ضمائر كل الطيبين الذين يحلمون بالوطن الحر والشعب السعيد .رحلت عنا جسداً ، لكنك تركت ماضٍ مكتنز بمحبة الناس والرفاق الأوفياء . تركت الحياة المرفهة التي عاشها الأطباء في زمانك ورحت تشدو ترنيمة الحب للوطن والشعب وبقيت تحمل العراق وشعبه في قلبك المفعم بالعطاء والإنسانية .

لن تنساك عتق وعدن وجبال كردستان ، والراية التي ناضلت تحت لوائها لاتزال خفاقة في سماء العراق .ومن يسقط في معركة الحرية لا يموت .



27 ـ 9 ـ 2009


* حين كنتُ في العراق كان يذكر لي كلمة “ اصدقاء “ ويضعها بين قوسين ويعني بها “ رفاق “ خوفا من أن تقع الرسالة بيد المخابرات

  كتب بتأريخ :  الإثنين 28-09-2009     عدد القراء :  2431       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced