تعالوا نتحاور من اجل الرقي بالثقافة العراقية بعيدا عن المحاصصة
بقلم :
العودة الى صفحة المقالات

في سلسة حوارات أجريها مع مثقفين عراقيين حول الثقافة العراقية في المرحلة الراهنة ودور المثقف في التأثير والتغيير، التقيت في برلين الشاعر والكاتب اسامة العقيلي، للحديث في هذا الراهن الملتبس، وعن اشكالية المثقف العراقي وعلاقته بالسياسي،وايضا كيف ينظرهذا، للثقافة والمثقفين في بلد يسعى للخروج من كثير من ترسبات ماض قاس لازالت توابعه عالقة:
http://www.iraqiwomensleague.com/uploader/ar/1254529129usama.jpg
كيف تنظر لواقع الثقافة العراقية في الوقت الراهن؟
*هذا السؤال الذي يطرح بشكل مكرر هو التفاف على سؤال اخر وهو ما الذي نريده من المثقف وماهو مطلوب منه؟ ولمصداقية أكثر فالمطلوب هو توسعة للسائد أيا كانت قوة حضوره، فنحن للأسف لا نعترف بموت وخمول وكسل الثقافة، وفي مجتمع كالمجتمع العراقي بُنيت اكتاف ثقافته من خير بعض السياسيين (لا اعني ماليا بالطبع) بل أولئك السياسين الذين غفلوا نوعا ما عن المثقف وتركوا له بعض الحرية فانتج ما انتج، وإلا فلا يوجد سياسي في الدنيا يحب المثقفين لأنه ببساطة يراهم أعلى منه وهم يرونه أدنى منهم، ومع ذلك فهذا الانتاج ظل رهينا بالسياسة والسياسي يدور معها او ضدها ويخرج منها ربما مصادفة من يتخذ لنفسه موقفا وهو بذلك يتحول من شاعر في الوعي الجمعي العراقي الى ثائر ويصفق له باعتباره شجاعا وهنا لابد من الاشارة الى ان مظفر النواب هو آخر أنبيائهم، ولذا فسيكون من الصعب لمثل هذه الثقافة التي اصبحت مرجلا يغلي بالسياسة ان نقول ان جملة (وضع ثقافي حالي) ستكون شهادة ميلاد بينما نحن نقصد من ورائها المقارنة بين الكان والكائن، ولا داعي للبحث عن واقع الثقافة في (الكان)، غير أن (الكائن) نقصد به التلميح الذي يحمل في طياته كما مميزا من الأسئلة يجرنا الى حقيقة لا اعرف لم نخافها مفادها ان الوضع الثقافي الذي نسأل عنه نحمله، حتى على صعيد طرح السؤال، آليات تدليس غريبة، وهي ليست خفية عنا، فبدلا من السؤال عن الوضع علينا ان نقول إننا نقصد شيئا محددا لا نصرح به في العادة، وهو علاقة المثقف بالسلطة الدينية.
الوضع الثقافي العراقي يبشر بخير، وأنا متفائل جدا بأنه سيكون منارا للثقافة العربية وركنا قويا في أركان الثقافة العالمية بعد أن يستقل الوضع الأمني والاجتماعي في العراق، وبعد أن ننفض بقايا الدكتاتورية من فكرنا ونظرتنا للآخر فنحن لا نبتعد عن الخلاص منها سوى ست سنوات وهي فترة ليست كافية لتنقية الأجواء الثقافية بشكل كامل فبعضنا لما يزل يحمل في بواطنه جهازا قمعيا ويمكن ملاحظة ذلك في مشادة كلامية بين اثنين لا أكثر، وكذلك بعد أن نتخلص من بعض نزعاتنا النرجسية والإلغائية التي هي أيضا من مخلفات الدكتاتورية ولو ان فيها شيئا من شخصية العراقي.
ماهي علاقة المثقف بالسياسي وماهي الاشكالية السائدة بينهما ؟
كم أتمنى أن لا تكون للثقافة علاقة بالسياسية، وأعني بذلك أن يصبح الثقافي تابعا وهو ما يحدث بالفعل شئنا ام ابينا، وبالمناسبة هنا فأنا أمقت مقتا شديدا مصطلح الأدب الملتزم والأديب الملتزم وهو يذكرني بوصف أحد النقاد لهم بأنهم يشبهون طباخي القياصرة .
ولكن ماهو المطلوب من المثقف العراقي؟ وأي مثقف نعني؟
يمكن في هذا المجال أن أضرب مثلا على بشاعة بعض المثقفين فأحدهم صور في نص هو أسوء نص كتبه إنسان في التاريخ حيث يصور فيه الحذاء بالعلم العراقي، والأعتراض ليس على العلم بل على تابعية مخجلة وانعكاس مثير للاشمئزاز لرؤية من نسميهم لسان حال الأمة في واحدة من أشد كذباتنا فضائحية.
إننا نبالغ أكثر مما يبالغ به الأخرون، نحن شعب بالغ في نفسه ولم يحم ِ ظهرَه (الذي كان معرضا لأبشع أنواع الركل) تاريخٌ طويل من إدعاءات الدعم الحضاري والخلقي التي طرنا معها في بالونات الوطنية والقومية والأمة الواحدة، وكذا لم يحم ظهرَه كلُّ ما انتجته الثقافة العراقية، هل نتحدث هنا عن التأثير الأخلاقي للثقافة ونتاجها أم عن التأثير القيمي والعدالي، تلك امور يختص بها السياسي للأسف ، هل نبالغ وندعي أن الثقافة أو المثقف قادران على أن يقفا ولو لمرة واحدة ندا للسياسي أو أن يتقمصا دوره بالتصدي لقضايا الناس وضمان حياتهم، إننا نقفز على كل موانعنا الواقعية لو تخيلنا ذلك أو حتى حلمنا به، وليس ثمة شعب بالعالم يحلم بذلك، هل رأيت أو سمعت يوما عن ثقافة أو مثقفين غيروا الواقع السياسي، أو غيروا اجندة من أجندات الاحزاب أو القادة العسكريين؟ هل سمعت يوما عن شاعر أو رسام أو أي مثقف أو مبدع أو مفكر آخر حاسب سياسيا؟ يجب أن نعترف ان سياسيا واحدا عادلا يحكم لأسبوع يعادل، فيما يقدمه للناس، ما يقدمه الشعر في ألف عام، وأن حاكما ظالما لو حكم لأسبوع لقادر على أن يصلب ويشرد ويحكم بالاعدام على الثقافة كلها وكل من ينطق بلفظها، إننا فقط ندعو هنا أن يمن علينا الله بسياسي يعرف قيمة الثقافة والأدب والفن لنرى بحبوحة المنتج العراقي الذي ينم عن راحة، أعتقد أنه سيكون مليئا بالبكائيات كعادته وأنا بذلك أجيب عن سؤالك الثاني.
استبشرت خيرا عندما اخبرتني بتعينك بمنصب قنصل بالسفارة العراقية في برلين ، شاعر يتعيين بمنصب قنصل.ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟.
يمكن أن يكون عملي دافعا لي لأثبت لنفسي وللآخرين انني صادق فيما أدعيت من قبل وما كررته من مصطلحات الانسانية والحقوق والعدالة والتواضع، ذلك هو اختبار، ضميريا انا راض عن نفسي كل الرضا، استمع الى الناس وأشعر بمتعة كبيرة وراحة ضمير لا توصف وأنا أضع لهم حلا أو أرشدهم لطريق، أجمل ما في الكون أنك تجلس مع من تمثل أنت واجهة حقوقة التنفيذية وتشعر بما يشعر وتعطيه حقه بالكامل فيذهب والرضا مرسوم على محياه، اذكر في هذا المجال أن رئيس وزراء هارون الرشيد علي بن يقطين كان علوي الهوى فأرسل للأمام الكاظم (ع) كتابا يعلن فيه أنه سيستقيل من منصبه لأنه يخدم ظالما، فأجابه الأمام بكتاب جاء فيه ((إلزم مكانك، اكفني واحدة أكفك عند الله ثلاث، اكفني أن لا يرجع صاحب حاجة يقف على بابك مردودا وخلي بينه وبين الخليفة أكفك ثلاثا : لا يظلك سقفُ ظالم، ولا يسلط على رقبتك سيفٌ ولا يدخل الفقرُ بيتك قط))، فما ارقى هذا المعنى وأجمله، انا رجل اشتراكي الهوى، أحب أن أخدم الناس وأحلل لقمتي كما يقولون لا ان أجلس في مكتبي ناسيا انني كنت لاجئا عانيت ما عانه الذين يقفون في الخارج، هل أنسى واترفع عن خدمة الناس والتواضع لهم؟ لا أبقاني الله لذاك اليوم.
ولقد وجدت عند البعض توجها ودعما للكفاءات العراقية في الخارج، غير أن الأمر لا زال طور البناء ويحتاج الى جهد وتركيز وتوجه يقدم بشكل عملي ويعرض على الناس تلك الكفاءات، الفرق هنا أنني سعيت بنفسي للأمر ولم أسم نفسي شاعرا أو ناقدا لاكون عاطلا عن العمل واصرخ في وجه الدولة اعينوني ونفذوا ما حلمت به إذا ما سقط النظام.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 02-10-2009     عدد القراء :  2292       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced