درس مصر
بقلم : أحمد سعداوي
العودة الى صفحة المقالات

ظل الرئيس «المخلوع» محمد مرسي يكرر في أكثر من مناسبة، وفعلها في خطابه الأخير ايضاً، حديثه عن «الدولة العميقة» التي سعى هو وقوى الثورة، كما يعتقد، الى محاربتها، ويقصد بالدولة العميقة تلك القوى الفاعلة والمؤثرة التي ظلت على ولائها للنظام السابق، ومنها 35 عائلة من أثرى أثرياء مصر، وأخرون من أصحاب نفوذ اقتصادي وثقافي واعلامي. ويبدو أن خطة مرسي، ومن ورائه جماعة الأخوان المسلمين، لتصفية الدولة العميقة هذه كان عن طريق أخونة الدولة واسباغ الصفة الاسلامية على مفاصلها، وهذا ما أثار المعارضة بشدة وأدى الى ما انتهينا اليه في 30 من الشهر الماضي، فهبّ المصريون في ثورة ثانية في غضون بضع سنين ليسقطوا رئيساً ثانياً. أو ليعطوا المبرر للجيش للتدخل وازاحة الرئيس المنتخب شرعياً، كما ظل مرسي يقول ويكرر مراراً.
أثارني، بصراحة، تعبير «الدولة العميقة» وعلى خلاف مرسي فأنني أعتقد أن الدولة العميقة في مصر هو الجيش نفسه، والقيادة الفعلية كانت خلال المدة السابقة التي اعقبت الاطاحة بحسني مبارك، كانت في يد الجيش، بصفته صاحب الكلمة الاخيرة في كل ما يجري في البلد، فهو صاحب الهراوة والقوة المادية التي تحدث التغيير، عند الحاجة. وهذا الكلام كان قد طرح عقب الاطاحة بمبارك، وبن علي، فما الذي كان سيحدث فيما لو امتنع الجيش المصري وقبله الجيش التونسي عن الاستجابة للمطالب الشعبية؟ بالتأكيد لن يستطيع المتظاهرون والمحتجون اسقاط الدولة والنظام بأنفسهم وبأيديهم. فالغلبة هنا لقوة السلاح. وهذا الخيار الاكثر اجرامية هو ما اتبعه القذافي في سعيه لتصفية الانتفاضة في بنغازي، وهو ما فعله صدام من دون أن يرف له جفن في تصفية الانتفاضة الشعبية في جنوبي العراق وشماله في 1991.
يصف الأخوان المسلمون في مصر، كما فعل مرشد الاخوان السوريين وكذلك الرئاسة التركية والقطرية والمتعاطفون مع نظام مرسي بالاجمال، بأن ما جرى هو انقلاب عسكري على الشرعية الانتخابية والدستورية، وربما هو صحيح في جانب منه، ولكن ما الذي يمكن ان يفعله الجيش لملايين المتظاهرين الرابضين في الشوارع والساحات والميادين؟ كيف يقنعهم بحل تفاوضي أو الرضوخ لشرعية مرسي؟ ثم ما الذي بقي من هذه الشرعية حين يخرج نصف عدد الناخبين الى الشوارع للتعبير عن رأيهم في استفتاء علني حول الرئاسة؟
الذي جرى أن الجيش ظل يحتفظ بسلطة أخلاقية أكثر شمولية من النظام السياسي نفسه. سلطة تتيح له أن يمارس، عند الحاجة، جراحة سريعة على الجسد السياسي للدولة، استجابة لهوى الجمهور العام من الناس. إنه انقلاب عسكري، وليس انقلاباً في الوقت ذاته.
ويبقى الدرس الأهم في كل ذلك أن الارادة الشعبية والقدرة على التنظيم والحشد كفيلة بتغيير موازين القوى، من دون الحاجة لانتظار موعد فتح باب التصويت في صناديق الاقتراع.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 05-07-2013     عدد القراء :  1517       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced