سلطة القرآن
بقلم : محمد عبد الجبار الشبوط
العودة الى صفحة المقالات

في آية مهمة من آيات القرآن، وكل آيات القرآن مهمة، يقول الله سبحانه وتعالى: “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه”.
يقول العلامة الراحل السيد محمد حسين الطباطبائي في “الميزان في تفسير القرآن” ان “هيمنة الشيء على الشيء كون الشيء ذا سلطة على الشيء في حفظه ومراقبته وأنواع التصرف فيه.”
والمُهَيْمِنُ والمُهَيْمَنُ: اسم من أَسماء الله تعالى في الكتب القديمة، كما في القرآن.
وأَصل الكلمة، كما في لسان العرب: “أَأْمَنَ فهو مُؤَأْمِنٌ، بهمزتين، قلبت الهمزة الثانية ياء كراهة اجتماعهما فصار مُؤَيْمِنٌ، ثم صُيِّرت الأُولى هاء كما قالوا هَراق وأَراق.”
واذا كنا نتحدث عن سلطة القرآن، فاننا نؤكد على الفرق بين السلطة والسلطان. وان هذا الفرق سار على القرآن الكريم.
في اللغة العربية، نجد الاثر التالي: “ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”. والواضح ان النص يتحدث عن امرين: السلطان، والقرآن، الذي نقول انه له سلطة، وليس سلطانا.
نجد كلمة السلطان في 13 موضعا في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى:
“وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ”. (ابراهيم 22)
“إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ.” (الحجر 52)
في هذه الايات تجد الفرق واضحا ايضا، فابليس ليس له سلطان على الناس، لكن لديه سلطة عليهم. يؤثر فيهم، لكنه لا يجبرهم ولا يعاقب من لا يمتثل له.
توضح الباحثة ميريام دالون، في كتابها “سلطان البدايات” الفرق بين السلطة والسلطان.
تقول ان السلطة هي الحق في الامر، وهي القدرة على الحصول على سلوك معين من قبل اولئك الذين يخضعون لها من دون اللجوء الى اكراه جسدي. على العكس من ذلك السلطان الذي يستطيع ان يأمر، لكن امره يكون مقرونا بالقدرة على استخدام الاكراه، السلطان يفترض بالفعل قوة قهرية، القدرة على فرض ارادة ما.
يقول شيشرون في شأن القنصل كوينتس ميتيلوس:”ان ما لم يكن بوسعه تحقيقه من خلال السلطان، حصل عليه من خلال السلطة.” يعني من خلال التأثير النفسي والعاطفي على الناس. كان الرومان يميزون بشكل كبير وواضح بين السلطة والسلطان. يقول اوغسطس في “اخبار الملوك”:”لقد كانت سلطتي اعلى من الجميع، الا ان سلطاني لم يكن اكبر من سلطان زملائي في هيئات القضاء.”
السلطة لا تؤثر في الناس من خلال الامر انما من خلال النصيحة. القرآن ينصح القارئ، فاذا كان القارئ على علاقة بالقرآن تتيح ممارسة سلطته عليه فان هذا القارئ سوف يمتثل للنصيحة دون اكراه وقهر جسدي. هنا يمارس القرآن دوره كسلطة وليس كسلطان. سلطة قادرة على الحصول على السلوك المطلوب دون اللجوء الى السلطان، اي الاكراه الجسدي.
سلطة القرآن قائمة على اساس الايمان والحب والتقوى. انها حق معترف به.مشورة تلزم من دون اكراه، من دون ان يكون المرء مجبرا على اتباعها. بهذا المعنى تكون السلطة اقل من امر واكثر من مشورة. فهي مشورة من الصعب للمرء ان يعفي نفسه من اتباعها. وتمتاز السلطة بالسمو والفعالية.
استنادا الى سلطة الحب، يقول القرآن الكريم:” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي؛ يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

  كتب بتأريخ :  السبت 20-07-2013     عدد القراء :  1555       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced