حوار في المنام مع الفريق كَنبـر
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

سأمارس أقصى درجات حُسن النية مع قادتنا الأمنيين الذين يريدون أن يقنعوا الجميع أن مثل هذه الحوادث تحصل كل يوم في العالم مستشهدين بما يجري في الصومال ومالي وأفغانستان، وسأتجرع الروايات الكوميدية التي أعلنها بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية التي تقول إن: "الإرهابيين فشلوا في الوصول إلى أهداف حيوية ! وإنهم خسروا المعركة" وسأصدق بيانات وزارة الداخلية التي تصر على أن عدد ضحايا تفجير أكثر من ثلاثين سيارة مفخخة، لم يتجاوز عدد أصابع اليـــد الواحدة -أتمنى عليكم أن تنتبهوا جيداً للأرقام!
طبعا معظم هذه التصريحات لا تخلو من بعض الفكاهة والسخرية التي تفوق كثيرا تصريحات النائب عالية نصيف التي يفتقدها العراقيون بشدة في هذه الأيام العصيبة، حيث أتحفتنا ذات يوم بتصريح خطير قالت فيه إن "من يعتقد ان الأجهزة الأمنية لم تدحر الإرهاب فهو واهم "، ولهذا كان لابد أن يخرج القائد السابق لعمليات بغداد الفريق عبود كَنبر الذي يقود الآن عمليات ثأر الشهداء في لحظة تجلٍ ليقول إن القوات الأمنية تتعامل مع المواطن بشفافية، وانها تداركت أخطاءها السابقة، وإنها الآن تدرك أن الكثير من الخطط السابقة لم تكن مدروسة جيدا".
وأنا أقرأ تصريح السيد كنبر تمنيت لو سمح لي سيادته بأن أجري معه حواراً لأفهم منه الفرق بين الفشل الأمني وبين العجز عن حماية الناس.. ولأنّ ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ولأننا نعيش في عصر المسؤول الذي لا نراه إلا في الأحلام أو من على شاشة الفضائيات مبتسماً وهو يعدد لنا أنواع الخراب والمآسي التي تحاصرنا كل يوم.. لهذا قررت أن أحلم بحوار مفترض مع الفريق كنبر الذي تفضّل مشكورا واستقبلني بإطلالة مستنسخة من الناطق السابق الفريق قاسم عطا، مرددا بعصبية: أرجوك قبل أن نبدأ الحوار، عليك أن تعرف جيدا أن التاريخ لن يرحم كل من يحاول أن يشكك بأهمية انتصاراتنا الأمنية، فأنتم معشر الإعلاميين تشاركون في أكبر عملية خداع للناس.. فلماذا تتناسون أننا بحمد الله بعد ١٠ سنوات استطعنا أن ننتج نظاما ننافس فيه بلداناً بحجم السودان والصومال وجزر القمر!
س: ما رأيك في من يقول إن بعض الأجهزة الأمنية تمارس نوعاً من التهريج الأمني.. يطلق عليه البعض تقصيرا وإهمالا وشراء ذمم؟
ج : هذا ما أسميه أنا قصورا في عقل المتلقين للمعلومة.. فأنا أريد تنبيه الجميع إلى أن مصطلح الخرق الأمني النوعي يطلق على العمليات الإرهابية الكبيرة مثل ما حدث في 11 أيلول في نيويورك ،فقد قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، بينما الذي حدث عندنا خلال الأيام الماضية لم يذهب ضحيته سوى خمسة شخص.. تصور خمسة شخص ماذا تعني أمام ما قدمناه من منجزات أمنية جعلت بلدانا كبرى تتمنى الإفادة من خبراتنا الأمنية.
س: سيادة الفريق دائما ما تطرب القوات الأمنية أسماعنا بالوصلة الغنائية التي يقول مطلعها: كل شيء تحت السيطرة .. فهل تقصد السيطرات التي تحبس على الناس أنفاسها أم أن هناك سيطرات هي في الحقيقة أخوات في الرضاعة مع الإرهابيين؟
ج: يا عزيزي نحن لا ننشز في اللحن .. وأنا بالذات دقيق في اختيار كلمات الأغاني التي أخرج بها للناس ..فكلمة سيطرة –وأتمنى أن لا تنسى بأنني من هواة الشعر وفي أحيان كثيرة تنتابني رغبة كبيرة بأن أكتب معلقة شعرية عن المنجزات الكبيرة التي تحققت بفضل عبقرية القائد العام للقوات المسلحة، لكن شيطان الشعر يرفض الحضور هذه الأيام بسبب ارتفاع درجات الحرارة- المهم أتمنى ان نكون دقيقين في تعريف المصطلح، فسيطرة تعني السيطرة على مقدرات الناس وآمالهم وأحلامهم وأمنهم ومستقبلهم.. وهذا كله سيكون من مهمة الحكومة وأجهزتها الأمنية التي تسعى لأن يحصل العراق على لقب أرض السيطرات بعد أن غدره المؤرخون وأطلقوا عليه ظلماً اسم أرض السواد!
س: وسائل الإعلام والصحافة العالمية تقول إن المؤسسات الأمنية لم تعد تهتم بأمن المواطن بقدر اهتمامها بملبسه وحشمته وطريقة قص شعره فما قولك في هذا الأمر؟
ج: للأسف معظم العراقيين غير مؤهلين لمعرفة الآداب العامة وأخلاق الطريق.. وهم كارهون للتطور يريدون أن يعودوا إلى الوراء ،إلى عصور الإيمو وعبدة الشيطان، بينما نحن نريد لهم أن يعيشوا في ظل حملة إيمانية تضمن لهم مكانا في الجنة بعد عمر قصير.
س: ولماذا لا يعيشون الجنة على الأرض وهم يتمتعون بخيرات هذه البلاد؟
ج: أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم، كل جنان الأرض، لن تجعلهم يعيشون لحظة اطمئنان واحدة ..المشكلة يا سيدي أنك لا تريد منحي فرصة لشرح وجهة نظري.. فأنتم معشر الصحفيين تتحدثون ليل نهار عن الديمقراطية والحرية والرخاء الاجتماعي وتنسون أنها نِعَم زائلة .. فإذا كنا جادين بإسعاد هذا الشعب علينا أن نغرز فيه قيم القناعة التي هي كنز لا يفنى بينما الخدمات والصحة والتعليم والأمن، مظاهر زائلة وزائفة "منو مات وأخذ وياه امن وامان، مو كافي تلعبون بعقول الناس"!
وهكذا يا سادة انتهى الحوار، لنكتشف أننا أمام حالة قديمة من التهريج تدار بحرفية شديدة شعارها "كل شيء من أجل الشفافية "!

  كتب بتأريخ :  السبت 17-08-2013     عدد القراء :  1549       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced