حسن العلوي ودرس في الغباء السياسي
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

ثمة متعة تتجدد كلما أعدت قراءة مقدمة ابن خلدون.. حيث يبدو الرجل أحيانا مثل مؤلف دون كيشوت يبارز طواحين البداوة وأخلاق الحكام، لم يخطئ آرنولد توينبي، أشهر مؤرخي العصر الحديث حين قال إن " المقدمة هي بلا شك أعظم عمل من نوعه، وضعه عقل واحد في أي مكان أو زمان".. قراءتي الأخيرة للمقدمة اكتشفت فيها أن صاحبها كان يدعو أبناء قومه إلى أن يستضيئوا بشمس التحضر، وليس بظلام التخلف.
أرجو من ساستنا الأفاضل أن يتصفحوا مقدمة ابن خلدون، ليكتشفوا كيف أن مهمة السياسي هي أن "لا يُسخّر الناس بغير حق، ويجعل مقاديرهم طوع رغباته وشهواته".
حين كتب ابن خلدون مقدمته، أراد أن يقف بوجه مظاهر التخلف التي تحيط بالحاكم، ألم يحذرنا من أن الغباء والسلطة المطلقة عندما تتحدان في رجل واحد، فإن هذا دليل على انهيار العمران.. ولهذا سعى إلى أن يحذرنا في ثنايا كتاباته من أن نتحول إلى جزء لا يتجزأ من غباء الحاكم.
ولا أظن أنكم تختلفون معي أن جزءاً من مشاكلنا اليوم سببه الغباء الذي يقف حائلا دون السير في بناء دولة عصرية.. يكتب ديستويفسكي "قد تجد إنسانا يتهكم على عماوة الأغبياء الحمقى الذين لا يفهمون لا مصالحهم الحقيقية ولا القيمة الحقيقية للفضيلة، ولكن ما أن ينقضي ربع ساعة، ربع ساعة على وجه الدقة والتمام، حتى نراه يقوم بعمل سخيف أو يرتكب حماقة.
ما الذي يجعله يفعل ذلك؟، لا أريد الجواب ولكن أدعوكم لقراءة ما قاله النائب حسن العلوي لصحيفة الرأي الكويتية،فقد أخبرنا وبالحرف الواحد أنه " من الجيل الأول والمخضرم، فأنا خارج القيود التي تفرض على الآخرين من الاتصال بشخص أو بآخر وأتسلم رسائل من عزة الدوري دائما وعلى صلة بمسؤوليه ومساعديه الذين يزورونني، أنا خارج المحرمات السياسية لدوري في الحياة السياسية "!
هل كانت هذه أغرب مبارزة صحفية خاضها السيد العلوي، بالتأكيد لا، فالعلوي طالبنا من قبل بأن نثأر لأبطال الأمة العربية من أمثال القذافي ومبارك وصالح بعبارات باتت اليوم تجسد أسوأ ما في تفكيرنا، هل هناك بلاهة أو جريمة أكبر من هذا الذي يحدث حولنا؟!
وأعود إلى ابن خلدون الذي يكتب في مقدمته أن السلطانيين دائما ما ينظرون إلى الرعية باحتقار شديد ووصفوها بكل النقائص يظهر ذلك من جملة المسميات المترادفات.. الدهماء... الغوغاء... العوام... الرعاع، تقرأ ابن خلدون وتسمع حسن العلوي فتضرب كفاً بكف وتتساءل من أين للسيد العلوي هذه الطاقة الجبارة والقدرة على مفاجأة الناس؟ وهذه القابلية على حرق الحقائق والقفز عليها، بحيث عزة الدوري اليوم من منظور حسن العلوي سياسي من حقه أن يتراسل معه!
نظريا من حق "المواطن" العلوي أن يختار ما يشاء من الأصدقاء ويراسلهم، لكن ليس من حق العلوي "النائب" أن يتباهى بصداقته لعزة الدوري، مثلما تباهى من قبل بدعمه لمعمر القذافي.. فهو مثلما اختار أن يصبح نائبا وأقسم على أن ينبذ العنف، مطالب بأن يدفع ثمن خياراته، لأنه لا يجوز للنائب أن يمثل دور المعارض والشريك، فهو لايزال يخرج علينا كل صباح ينشد القصائد في حكمة المالكي وقدرته على إدارة البلاد، وفي الوقت نفسه يمدّ جسورا مع أشخاص يناصبون المالكي العداء!
لعل اول اعراف ومبادئ اخلاقيات العمل السياسي، وفي البرلمانات الحديثة هناك عقوبة بالسجن اذا كتبت او تحدثت خلافا لهذه المشاعر.، ولهذا اعتقد ان الحرية التي مارسها العلوي تقع تحت طائلة القانون وليس ضمن حرية القول.
كما إنني لا أفهم بالمرة كيف يخرج علينا رئيس مجلس الوزراء يهدد المعتصمين والمتظاهرين بأنهم جزء من البعث وينفذون مخططاته.. لكنه يصمت ويتوارى أمام مثل هذه التصريحات سواء من العلوي أو مشعان أو عزت الشابندر.
أعلم أن هناك من سيتحجج بحرية التعبير، وعدم الحجر على قرارات القضاء، لكنّ فارقاً هائلاً هناك بين حرية الرأي وحرية اللعب بدماء الأبرياء، التي تتحول في النهاية إلى امتهان واستهانة بتضحيات العراقيين في سبيل نظام حكم يحترم خياراتهم السياسية.
هل تريدون الجواب على سؤال طرحته في بداية المقال عن انتشار الغباء السياسي؟ الجواب ببساطة: لأنه لا أحد من ساستنا يقرأ ويتعلم من دروس التاريخ، يكتب ابن خلدون:" في أزمنة القحط يجد التاريخ أن من الأسهل عليه تكرار نفسه بدلا من تكليف نفسه بتقديم الجديد.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 19-08-2013     عدد القراء :  1665       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced