علامَ النواب غاضبون؟
بقلم : عدنان حسين
العودة الى صفحة المقالات

عدد غير قليل من أعضاء مجلس النواب، بمن فيهم رئيس المجلس، غاضبون من مجريات الحملة الشعبية للحدّ من رواتب وامتيازات النواب وسواهم من أصحاب المناصب العليا والدرجات الخاصة في الدولة. وبلغ الغضب بالنواب ورئيسهم درجة قرر معها الرئيس أسامة النجيفي تخصيص جلسة لمناقشة الحملة التي قال إنها "موجهة إلى الشعب"، باعتبار أن أعضاء المجلس نواب الشعب!
هذا الغضب مفهوم ومتوقع تماماً، فنصف أعضاء مجلس النواب في الأقل استقتلوا في اطار أحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم وطوائفهم وعشائرهم للوصول الى مجلس النواب من أجل هذه الرواتب والامتيازات بالذات. والذين لم تغرهم الرواتب والامتيازات كثيراً إنما كانت أعينهم على الأهم، المقاولات والصفقات. والشاهد على هذا الكلام موجود في وثائق هيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية، إذ وراء أكبر قضايا الفساد المكشوف عنها، نواب ووزراء ومسؤولون كبار ممن يحظون بالرواتب والامتيازات المستهدفة بالحملة الشعبية.
للأسف، ليس دقيقاً ما قاله رئيس مجلس النواب بان أعضاء المجلس هم ممثلو الشعب.. كنا نتمنى هذا، لكن العدد الأكبر منهم عُينوا بخلاف إرادة الناخبين.. عيّنهم رؤساء أحزابهم وكتلهم على وجه التحديد، فأعضاء المجلس الحالي على سبيل المثال دخلوا البرلمان استناداً إلى قانون باطل متعارض مع مبادئ الدستور وأحكامه (وهذا بحسب حكم المحكمة الاتحادية العليا)، وهم في غالبيتهم الساحقة لم يبلغوا العتبة الانتخابية المطلوبة التي تؤهلهم لتمثيل أكثرية الناخبين، وبالتالي الشعب.
الحملة الشعبية تستند إلى منطق يقول إن أعضاء مجلس النواب وأمثالهم من المسؤولين الكبار في الدولة، المعينين في الغالب لا وفقاً لمعايير الكفاءة والخبرة والاختصاص والالتزام الوطني وانما على أساس المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والاعتبارات الشخصية، يتقاضون رواتب ومخصصات عالية جداً ويحظون بامتيازات كبيرة لا يبررها ما أنجزوه وقدموه للشعب والوطن، وان هذه الرواتب والمخصصات والامتيازات الباذخة سيتمتعون بها أيضاً بعد انتهاء مهماتهم حتى لو كان أمد خدمتهم لا يزيد عن أربع سنوات. وفي المقابل فان هناك موظفين وعمالاً يخدمون المجتمع والدولة على مدى عقود متصلة أضعاف ما يقدمه النواب وأمثالهم ولا يتقاضون أثناء خدمتهم وعند تقاعدهم الا ما يوازي فتات موائد النواب وأمثالهم.. أين العدالة في هذا؟ وأين الحق؟ وأين الوطنية؟، خصوصاً وان معظم النواب وأمثالهم كانوا موظفين عاديين وليسوا أشخاصاً مميزين بذكاء خارق وبطولة وطنية.
الجلسة التي قرر رئيس مجلس النواب عقدها لمناقشة "الحملة الشرسة" تقدم دليلاً آخر على أحقية وشرعية الحملة الشعبية، فالنواب يتقدمهم رئيسهم لا يتأخرون عن تكريس جلسة عاجلة لمناقشة هذه المسألة بينما يتوانون ويماطلون أشهراً وسنوات في بحث القضايا التي تهمّ الشعب، بما فيها أخطر هذه القضايا المتعلقة بالأمن ومستوى المعيشة والخدمات.
النواب يتداعون في الحال لمواجهة الحملة التي تستهدف امتيازاتهم الأسطورية، لكنهم لا يتحلون بالغيرة ذاتها للبحث في المجزرة الإرهابية اليومية التي تستهدف الشعب .. منذ سنة تقريباً والمجزرة متواصلة ومتفاقمة ولم يخصص المجلس جلسة لبحث الأمر.. المجلس لم يفلح في استدعاء رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وسواه من المسؤولين الكبار والصغار في أجهزة الأمن والدفاع للمساءلة والمحاسبة وكشف الحقيقة.. المجلس لم يكرس جلسة لبحث تفاقم البطالة والفقر وأزمات السكن والنقل في البلاد.. المجلس لم يعقد جلسة لبحث انهيار نظام الخدمات.. المجلس لم يتداع الى جلسة لبحث الفساد المالي والاداري الذي يتفشى على حساب أمن الشعب ومعيشته وصحته وتعليمه وكهربائه وغذائه.
لا بأس أن يعقد البرلمان للبحث في الحملة الشعبية، ولكن هل يجرؤ أحد فيه على تقديم كشف حساب بما أنجزه هذا المجلس على صعيد واجباته التشريعية والرقابية التي أقسم الأعضاء على أدائها؟ .. هل لدى أحد في المجلس الشجاعة لكي يجيب عن السؤال: بأي حق تريدون العيش في النعيم مدى الحياة وبعد الممات بينما الشعب الذي "تمثلونه" يتلظى في جحيم الإرهاب والفقر والتخلف، ولا تؤدون أدنى واجباتكم تجاهه؟

  كتب بتأريخ :  السبت 24-08-2013     عدد القراء :  1571       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced