حقيقة الأسلاميين وواقعهم المُخزي
بقلم :
العودة الى صفحة المقالات

(القسم الثاني)

الأمر الثاني الذي تطرق إليه الكاتب الفاضل الأستاذ طارق حجي في مقاله القيم اعلاه يتعلق بحرية الإعتقاد التي وصفها الكاتب لدى الإسلاميين بقوله :
" بينما وصلت الإنسانية في سائر المجتمعات المتمدنة والمتقدمة لكفالة حرية الإعتقاد بمعنى حرية الإنسان في ان يؤمن ( او لا يؤمن ) بما يشاء ويختار. فإن معظم الإسلاميين في عالمنا اليوم لا يقبلون هذا المفهوم في شكله المطلق ويؤمنون بوجوب تطبيق عقوبة الإعدام على من يترك دينه في حالات معينة هي حالات تخلي المسلم عن الإيمان بالإسلام . علماً بانهم جميعاً يجيزون تحول اتباع اي دين للإسلام "

هناك نقاط كثيرة مهمة تستوجب النقاش في هذا المفصل الهام من المقال . النقطة الأولى تتعلق بحرية الإيمان التي سمح بها النص القرآني حسب ما يراه ممن ينظرون إلى هذا النص نظرة علمية تاريخية ترتبط بنشأة الإسلام على ارض شبه الجزيرة العربية آنذاك والتي تأكدت في الأية29 من سورة الكهف " َقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ". وهذا يقودنا إلى كيفية فهم الإسلاميين لهذا النص القرآني الذي يعتبره الكثيرون منهم بأنه نص منسوخ بالآيات المدنية التي جاءت لتؤكد وجوب الإيمان وبالعقيدة الإسلامية حصراً وإلا ......؟ قد يؤدي بنا هذا الطرح المتعلق بالناسخ والمنسوخ إلى نقاش حول أهمية القرآن ككل او اهمية بعضه دون البعض الآخر مما ينطبق عليه مضمون الآية 85 من سورة البقرة " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" التي تنطبق في هذه الحالة على الإسلاميين الذين يعتمدون في جل إطروحاتهم على القرآن المدني في حين يعتمد مخالفيهم على النص القرآني كاملاً بعد إعطاءهم الأهمية التاريخية والموضوعية للنصين المدني والمكي . وانطلاقاً من هذه الأهمية التاريخية والموضوعية يرى جمهور القرآن ككل ان النصوص المكية هي التي تتلائم والعصر الذي نعيش فيه مع الإعتراف بالنصوص المدنية التي تتلائم والعصر الذي عاش فيه الإسلام في حقبة الصراع على الوجود على ارض شبه الجزيرة العربية . وفي هذا المجال لابد لنا من الإستشهاد بما آمن به واحد من فقهاء الإسلام المتنورين وهو الأستاذ المرحوم محمود محمد طه الذي دعى " إلى تطوير التشريع الإسلامي بالإنتقال من الآيات المدنية التي قامت عليها صور الشريعة ، إلى الآيات المكية التي نُسخت في ذلك الوقت لعدم تهيؤ المجتمع لها ، حيث الدعوة إلى الديمقراطية والإشتراكية والمساواة الإجتماعية "(أنظر الرابط بعنوان لمحات من سيرة الأستاذ محمود محمد طه :
http://arabic.rt.com/forum/showthread.php/202819
فمسألة نسخ آيات حرية الإيمان المكية التي يعتقد فيها الإسلاميون مسألة في غاية التعقيد ويجب ان يشرحها الإسلاميون للناس قبل ان يتكئوا على مثل هذه الأقوال الضبابية التي لا تصمد امام اي نقاش علمي . إن مسألة النسخ بحد ذاتها هي مسألة موضع الجدل بين الأوساط الإسلامية المختلفة . فبعضهم ينطلق من عدم وجود النسخ في القرآن اصلاً. فقد اكد الشيخ الدكتور أحمد حجازي السقا في كتابه " لا نسخ في القرآن " على عدم نسخ الآيات التي يدعي البعض انها منسوخة من القرآن ويناقش هذه الآيات ويبين احكامها ويؤكد علىانه لا نسخ في القرآن ولا إبطال لإحكامه . أما أحمد صبحي منصور الذي ينتمي إلى مدرسة القرآنيين فينطلق ايضاً في بحثه " لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن الكريم " من تلك الأسس التي تنفي وجود اي نسخ في القرآن الذي يراه متكاملاً في كل نصوصه (رابط البحث :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=33639
ومن نفس المنطلق ايضاً يتحدث حسام رشدي الغالي في كتابه " بالحجة والبرهان لا نسخ في القرآن " أنظر الرابط لهذا الكتاب :
http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=egb59708-5059647&search=books
فنحن إذن امام دراسات علمية رصينة وموثقة بالأدلة والبراهين والحجج وهي تنفي ما يذهب إليه البعض من الإسلاميين بنسخ بعض الآيات المكية التي كانت تضمن حرية الإيمان والعقيدة وتترك الأمر لله وحده لكي يتصرف مع المؤمن وغير المؤمن ولم يخول الله اياً من الإسلاميين النيابة عنه في هذا الأمر ، اللهم إلا إذا فسر الإسلاميون وأولوا النص القرآني الذي يجيزون فيه لأنفسهم القيام مقام الله . فالدعوة التي اطلقها المرحوم الشهيد الأستاذ محمود محمد طه هي دعوة من صميم الواقع الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية وهي بأمس الحاجة اليوم إلى ان تبين للمجتمعات غير الإسلامية بأنها تتبنى ديناً يؤمن بحرية الإنتماء الديني وليس ذلك الدين الذي يقتل المخالف على هويته سواءً كانت هذه الهوية إسلامية مخالفة او غير إسلامية . وإنها تتبنى ديناً يؤمن بالإختلاف الذي نص عليه كتابه المقدس حينما قال في الآية 118 من سورة هود :
" " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين "" أو " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين - سورة يونس, أية 99 ""

وليس بالدين الذي لا يستوعب الآخر بل يخشى منه فيشهر عليه الجهاد الذي ابدلوه بمصطلح القتال وما القتال إلا مما يُكره عليه المرء وليس القيام به طواعية . إلا ان ما نراه اليوم بين صفوف المتأسلمين كيف يحاولون غسل ادمغة الناس بتفسير القتال بالجهاد ضد الآخر الذي اراد الله له ان يكون على الحالة التي هو عليها الآن واراد له ان يكون مؤمناً او غير مؤمن كما اراد للبشر اجمعين ان لا تكون امة واحدة . فهل يرعوي الإسلاميون حينما يصرون على مخالفة من يعتقدون بأنهم يعبدونه إلا انهم يكفرون بآياته او ينحرفون عنها خاصة في مسألة الإختلاف مع الآخر وفي مسألة الحرية الدينية بحيث وصل بهم التزوير والتحريف والإنكار للنص القرآني درجة يغربلون فيها ما يحلو لهم من الآيات فيوظفونه في سبيل تحقيق مآربهم الشريرة ويتركون الآيات الأخرى التي لا تحلوا لهم بحجة انها منسوخة ، وما للنسخ في القرآن من وجود كما بينا اعلاه . بل ان هناك التكامل في النص القرآني مع اخذ تاريخية هذا النص بنظر الإعتبار . ومن الطبيعي هنا ان لا يصار إلى تحديد تاريخ معين لتطبيق او عدم تطبيق آيات تهم البشرية في جميع عصورها كآيات الحرية والإختلاف مع الآخرين والتعايش معهم بسلام ومحبة ، ولكل دينه ومعتقده دون إكراه او إجبار .

اما المسألة الثانية التي ينبغي مناقشتها هنا هي مسألة عقوبة ألإعدام لمن يترك الدين الإسلامي او ما يسميه الفقه الإسلامي بالردة . وهذا ما سنتطرق إليه في حديثنا القادم.

  كتب بتأريخ :  الأحد 22-09-2013     عدد القراء :  1668       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced