هل قرأت ماكتبه الشبوط؟
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

ثمة متعة متجددة في قراءة سيرة مارتن لوثر كنغ.. حيث يبدو لنا صاحبها وهو يقدم درسا في المصالحة.. قبل أشهر احتفلت أمريكا ومعها العالم بمرور نصف قرن على حلم لوثر الذي جسده من خلال خطاب أراد أن يقول من خلاله للمقربين منه قبل المختلفين معه، إننا مكون واحد.. لا فرق بين أبيض وأسود إلا في درجة الحلم ببناء وطن يتسع للجميع.. قبل خمسين عاما قال لنا الرجل الأسود: "على الرغم من الصعوبات التي نواجهها اليوم وغدا ولكني أريد أن أحدثكم عن الحلم فأنا مارتن لوثر كنغ لدي حلم واحد هو أن نتساوى جميعا في المواطنة.." ولم يكن يدري أن مواطنا أسود من أصول أفريقية سيصبح يوماً رئيسا لامريكا، وسيقف في نفس المكان ليقول: في هذا المكان سيقف لوثر كينغ ليرمز إلى الأزمنة كافة، وسط نصب أولئك الذين أنشأوا هذا البلد، وأولئك الذين دافعوا عنه... إننا نجتمع هنا في لحظة تغيير كبير حيث يصبح حلم إعلاء شأن المواطنة حلمنا جميعا ".. دولة مواطنة لا دولة مكونات هكذا يحلم الرجال الكبار.. كم هي جوهرية كلمة المواطنة.. يستخدم ساستنا منذ سنوات بعض التعابير البليدة،مثل المظلومية وحقوق المكونات.. جاء ساسة البلاد بحلم التخلص من الدكتاتورية وإنقاذ البلاد من الخراب والعوز والظلم.. ولكن ماذا كانت النتيجة؟.. خلال عشر سنوات لم يبق من الحلم شيء.. ظل مارتن لوثر يحدث الناس عن حلم المواطنة فيما نحن اليوم نجد مثقفا وإعلاميا بارزا يذكرنا بأننا دولة مكونات لا مواطنين.. ففي مقال نشرته صحيفة الصباح يعيب رئيس تحريرها محمد عبد الجبار الشبوط على المكون الشيعي أنه: " يعاني من خلافات بين كياناته السياسية، ويمارس الكثير من ناشطي هذا المكون سياسة التسقيط بحق إخوانهم، مما لا يمارسونه مع غيرهم، ومما لا نجد مثله في المكونات الأخرى. يوجد في هذا المكون من لا يثق بالنخبة السياسية الشيعية. التظاهرات التي طالبت بإلغاء رواتب النواب التقاعدية كانت شيعية في الأغلب." لا أريد أن أجادل السيد الشبوط في مفهومه للمكون الشيعي، ولكنني أساله فقط من أين تأتّى له أن يعرف أنّ التظاهرات التي خرجت تطالب بإلغاء تقاعد النواب كانت شيعية خالصة..إلا إذا كان الرجل قد اعتبر التظاهرات التي خرجت في بغداد والموصل وصلاح الدين كانت تهتف بطول العمر للسادة النواب.
في مقال الشبوط هناك أسئلة ما زالت صالحة للاستغراب، خصوصًا عندما يشكو "طباخي" الطائفية من الطائفية نفسها، ويعتبرونها مضرة للجسم والعقل، وعندما يدافع عن حكماء دولة القانون عن خدعة اسمها "مظلومية المكون".
وسأوجّه سؤالا للأستاذ الشبوط،: لماذا انفجرت الطائفية في وجوهنا مع وصول أحزاب وكيانات سياسية، تضع نفسها تحت مسمى خادع: احزاب اسلامية؟
هل النخبة السياسية الشيعية التي يتهمنا الشبوط بعدم الثقة بها، استطاعت خلال عشر سنوات أن تقدم مشروعا وطنيا عابرا للمكونات والطوائف.. هل تملك هذه النخبة حلم تأسيس دولة المواطنة لا دولة الطوائف؟ الإجابة أعتقد يعرفها السيد الشبوط ويدركها جيدا، وهي أن هذه النخب أصبحت مصانع للطائفية والكراهية.. كما أن الفكرة السياسية لهذه النخب انتقت من الأفكار ما يصلح لبناء نظام طائفي ديني لا نظام مؤسساتي مدني، وأن هذه النخب أيضا تسعى لإقامة دولة الكراهية التي تصنيف المواطنين إلى انواع ودرجات.
السيد الشبوط من هي هذه النخبة التي تريد من الناس مساعدتها.. مشكلتنا ياسيدي ليست في التسقيط الذي تتعرض له النخبة.. مشكلتنا أو بالأحرى مأساتنا أن إداريي هذا المكون وذاك جاءونا من دون أي خبرة أو معرفة أو تأهيل، فصرنا نرى مسؤولين يحتقرون ويكرهون الدولة المدنية، ويعتبرون الحديث عنها رجسا من عمل الشيطان.. مسؤولين ما أن تم انتخابهم حتى تصوّروا أنهم تملّكوا البلاد بوثيقة إلهية وبصك سماوي، والشعب بالنسبة لهذه النخب عبارة عن زبائن.. وعند تجار السياسة، فإن الزبون على حق فقط في موسم الانتخابات.. وبعدها يصبح مجرد رقم يضاف إلى أرقام الضحايا الذين يسقطون بالعشرات كل يوم من أجل أن يستمر دعاة المكونات في الجلوس على كراسيّهم.
السيد الشبوط الشجاعة تقتضي مواجهة الجميع بالحقائق، لا التخفي تحت أغطية عاطفية، أو شعارات طائفية إذا دققت بها ستكتشف بسهولة أنها غير صالحة للاستخدام البشري.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 01-10-2013     عدد القراء :  1563       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced