العراق.. خارج التغطية
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

قبل أيام سألت أحد البرلمانيين سؤالاً محيراًً: أليس أمراً مثيراً للاستغراب، أن يخرج العراق من الاهتمام الدولي؟! فقد خرج الأمريكان الذين كانوا يبحثون في الشأن العراقي كل يوم، وخرج الاعلاميون الذين كانوا يرسلون تقاريرهم وحكاياتهم بين ساعة وأخرى، لم يعد أحد يخبرنا ماذا حدث بعد نجاح حكومتنا الباسلة بطرد آخر جندي أمريكي، لا يوجد من يصارح الناس عن نوع الدولة التي يفكر بها ساستنا الأشاوس، وما هي طبيعة الحكم الذي يخططون له بالخفاء، وما هي الطرق التي تعيد علاقة الناس بالدولة ونظم السياسة وقوانين الحياة؟
أتنقل بين المواقع الإخبارية العالمية والعربية، فأجد أن انفجار عبوة في إحدى مدن مصر يتصدر نشرات الأخبار، فيما يتوارى خجلا خبر انفجار عشر سيارات في بغداد وعدد من مدن العراق.
المؤسف أن الأخبار الوحيدة التي لا تزال تنقل من هذا البلد، هي أخبار الخلاف على العطل الدينية.. وصولات ثائر الدراجي ومماحكات حنان الفتلاوي.. أما عشرات القتلى الذين يتساقطون كل يوم، وانتشار فرق القتل على الهوية، وغياب جميع أشكال القانون، فكل هذا مجرد " خبر عاجل " على العراقية، سرعان ما يترك المكان لصولات الرفيق بشار الأسد.
هل من أجل خبر ينزوي خجلا في اسفل الصفحة؟ أو من أجل أن يخبرنا إبراهيم الجعفري:" أن العراق ينجز كرامات إن لم تكن معجزات، " يبتهج العراقيون!
كان العراقيون يأملون أن يبتعد عنهم عراق صدام بقادته، لكنهم ما أن رفعوا رؤوسهم حتى وجدوا أن العراق بعد التغيير مثل العراق قبله، وكانوا يأملون أن تكون سلوكيات وشعارات وخطب القادة الجدد غير خطب علي حسن المجيد و طه ياسين رمضان والصحاف. كانت الناس تأمل أن تحتفظ بوزارة العدل، لكي تتأكد من أن العدل اليوم أفضل منه في العقود الماضية، فوجدوا أن وزارة العدل تكرس جهودها من اجل أن تعرض على الناس تمثالا نصفيا لرئيس مجلس الوزراء، بدلا من أن تعرض لهم سجلا باحترام حقوق المواطن.
ليس قليلا ما أخذه رجال "دولة القانون" من أعمار العراقيين، وليس قليلا " الأمان " الذي حرَّمه الساسة على أبناء هذه البلاد.
ألا يستحق هذا الشعب ما هو أفضل بكثير من هذه الوجوه الكالحة، أو هذا النظام الذي لا لون فيه إلا لون الخراب والفوضى والانتهازية. تجادل اثنان من كتاب الرواية غونتر غراس وماريو فارغاس يوسا. قال الأول، إن ألمانيا في حاجة دائمة إلى رجال مثل فيلي برانت وهلموت كول، وإن بلدان أميركا اللاتينية في حاجة إلى حاكم شديد البأس.. نظر إليه يوسا والسخرية تملأ وجهه قائلا.. أنتم كول وبرانت.. ونحن بينوشيه وتراخو، إما طاغية عسكري أو مستبد بلباس مدني!
لقد تصورت الناس أن قادة بعد 2003 سوف يحسبون حسابا لمعاناتهم وتضحياتهم في الحقبة الدكتاتورية، لكن المصيبة أن السادة المنتفعين من التغيير يتعاملون معنا على أننا شعب من الغزاة وأعدوا العدة لدحرنا وردنا على أعقابنا لتأتي صورة البلاد بلا امل ولا أمان، لا نمو ولا طمأنينة، ولا أحد يسمع صوتا سوى صوتهم.. ووطن في مهب الريح ينتظر أن تتذكره نشرات الأخبار فيجد أن العالم منشغل بـ "أبو أنس الليبي". ويخصص صفحاته الأولى للناشطة الباكستانية ملالا يوسف التي استقبلها أوباما مشيدا بتصميمها على نشر حق جميع الفتيات في الذهاب إلى المدرسة وتحقيق أحلامهن، في الوقت يدير ظهره لخبر مقتل معلمة في الموصل على يد متشددي الجماعات الإسلامية.
كان معمر القذافي يصرّ على أن يكون كرسيّه أعلى من كراسيّ ضيوفه، فانتهى في مجرى للقاذورات! ينتهي الطغاة حين يصرون على أن يضعوا الحبل حول عنق الوطن.. وتنتهي البلدان حين يصر قادتها على أن يجعلوا منها مجرد خبر صغير في زاوية المنوعات يؤكد أن السيد النائب لم يجرِ عملية "بواسير" وإنما أصلح "بلعومه"!

  كتب بتأريخ :  الأحد 20-10-2013     عدد القراء :  1476       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced