بصراحة ابن عبود
بقلم : رزاق عبود
العودة الى صفحة المقالات

عيد الاضحى، وفيروس الحج!
ما ان اقترب ما يسمى عيد الاضحى، الذي يعقب فريضة الحج الى مكة، والطواف حول الكعبة، وهو تقليد "جاهلي" حافظ عليه محمد حفاظا على موقع مكة الاقتصادي سابقا، ولابقاء هيمنة قبيلته قريش على عرب الجزيرة، حتى بعد الاسلام. الهيمنة، التي امتدت الى كل حدود الدولة الاسلامية بعد ان حصر محمد الحكم على قريش، حتى جاء العثمانيون، وكسروا هذا التقليد، والاحتكار العربي القريشي للخلافة الاسلامية.
يفترض، ان العيد مناسبة يحتفل بها الحجاج بعد اداء، واكمال مراسيم الحج. لكن اغلبهم يعودون الى بيوتهم بعد انتهاء ايام العيد. ملايين المسلمين،غيرهم، يحتفلون بعد اداء شعائر لم يقوموا بها. العيد، يعني ان يكون الناس في فرح، وسعادة، وبهجة بعد انتصار على عدو، او نزول المطر بعد احتباس طويل، او بعد موسم حصاد جيد، او زوال كابوس وباء ما ...الخ.
رغم اننا لم نحج، وان كل الامور، التي توجب العيد، لم تحصل فقد انهالت علينا التهاني، والتبريكات، والامنيات من كل مكان، من المسلمين وغيرهم. من المؤمنين، والملحدين، من خصوم الاسلام، ومناصريه. استعدت الاسواق، والمحلات، والتجار والمضاربين. زينت الشوارع، والجوامع، والمقرات، والدوائر، والمدارس. نظفت البيوت، واشتريت ملابس العيد. واعدت اشهى، واطيب الاكلات. قامت الصحف بتحضير مانشيتات مثيرة. وارتدت مذيعات، ومقدمات برامج الفضائيات افضل حللهن، وارتدى قسم منهن انواع الحجابات المزيفة بالوان فاقعة، وساطعة، وتقليعات صارخة تذكرنا، بالوانها الفضفاضة، بملابس الراقصات اكثر مما تذكر بثياب رابعة العدوية، او المؤمنات الصالحات في الافلام، والمسلسلات المنافقة. وهي تصور ماض "جميل" لم يعشه احد، و"عدالة" موهومة لم يتمتع بها احد.
لم يتفق المسلمون، كالعادة، حتى على "يوم العيد" رغم اضطرارهم على اداء مراسم الحج في نفس اليوم. لم اجد تفسيرا مقنعا لهذا الا مر ابدا. فهل يحتفلون ياتري بفرحة اختلافهم، وتشتتهم، وتعاديهم، وتحاربهم حتى في مناسباتهم التي تفترض التصافي، والتآلف؟ لا افهم كيف يحتفل (يعيد) المرأ في العراق، او افغانستان، او البحرين، او الباكستان، او مصر، او تونس، او ليبيا، او اليمن، او الصومال، او فلسطين، او السودان، والدماء تسيل في الشوارع، واوطان محتلة، او مختطفة، وحروب اهلية مدمرة، وسلطات قمعية، وميليشيات همجية. في كل شارع تقريبا مجلس عزاء، وملايين البيوت تبحث عن فقيد، او تفتقد اسير، او سجين، اومختطف، او مفقود، او مهجر، او تتحسر على شهيد، اوقتيل، او جريح.
في العراق في كل بيت، في كل شارع، في كل محلة، في كل منطقة، مجلس عزاء. في كل يوم سيارات مفخخة، وانفجارات مدوية، وفي كل منعطف تفجير، او نسف، او مسدس كاتم للصوت يتربص بالناس، ويزهق ارواحهم بلا حسباب.
في مكة نفسها حيث "بيت الله الحرام" فوضى، واحتدام، وزحام، وخصام، واوبئة وفيروسات قتلت المئات، وربما الالاف، رغم تعتيم السلطات البدوية، التي تعتبر موت البشر، كموت الذباب. وبدل، ان يحمي الرب بيته، ويحفظ زواره، ويقي ضيوفه، ويرسل اليهم طيوره الابابيل لترمي الفيروس بحجارة من سجيل. انهالت علينا البطاقات، والمعايدات، والكارتات، والفيس بوكات، والتلفونات من المؤمنين الجدد بابابيل من الامنيات بالصحة، والعافية، والامن، والامان، والسلام، والوئام، واعادة الكهرباء المقطوعة، وجريان الماء النقي المختفي، وتوفيرالخدمات الصحية والاجتماعية المفقودة، واستمرار الحصة التموينية، واماني بالتوافق، والديمقراطية، وزوال المحاصصة، والطائفية. اذا كان كل هذا مفقودا فلماذا تحتفلون؟ اذا كانت كل هذه النقاط السوداء من طائفية، وتمزق، وقتل على الهوية، وفساد يزكم الانوف، وسرقة المال العام، واستغللال السلطة، ونهب الثروات الوطنية، والتفريط بسيادة، واراضي الوطن، و...، و... فلماذا تعيدون؟ واي هلال ياترى اسعدكم برؤيته؟
بعد الانقلاب البعثي الامريكي الكويتي الاسود على ثورة 14 تموز 1963 ابقت اغلب العوائل اطفالها في بيوتهم. ورفضت الاحتفال "بعيد رمضان"! لا اتذكر، وكنا صغارا، اننا شعرنا بفرحة عيد، او تبادل تهاني، او رأينا ساحات ،الدواليب" او دورالسينما مزدحمة. حزن اسود خيم على البيوت، والساحات، والشوارع، والنفوس. سحابة سوداء غطت سماء الوطن. كيف يحتفل(يعيد) الناس وابنائهم مغيبة، او معتقلة، او معذبه، او مشردة، وبيوتهم مستباحة، وبناتهم مغتصبة، ومقطعة الاطراف.
نفس الايام غضبت السماء، فهطلت امطارا غزيرة صاحبتها فيضانات، وسيول رهيبة، هددت المدن، والقرى، وخطوط السكك الحديد. كانت العشائر في حالات مشابهة، حتى في العهد الملكي، تبادر الى اقامة السدود الترابية لحماية المدن، والقرى، والحقول، والطرق العامة، وسكك الحديد. في تلك السنة المشؤومة لم تتحرك العشائر، كشكل من الاضراب ضد سلطة الانقلاب الدموي، وبات الخطر محدقا. فتفاوضت السلطات، مضطرة، وتوسلت بالعشائر، ان تهرع كعادتها لحماية الطرق، والجسور، وغيرها، واستثارت هممها، وحاولت اغرائها بشتى السبل. وامام الخطر الكبير، والحزن الرهيب، والعيد اللاسعيد، وافقت عشائر الجنوب على الفزعة، واقامة السدود الترابية بنفس المساحي، التي حرثت بها الاراضي التي وزعتها ثورة تموز على الفلاحين الفقراء. كان شرطهم الوحيد، بعد ان، رفضوا كل المغريات، والتهديدات، ان يسمحوا لهم بترديد الهوسات التي يريدوها. وافق المعنيون على مضض، فهب ابناء عشائر الجنوب للعمل، وهم يرددون هوستهم الاحتجاجية، الشهيرة، المدوية التي اخافت السلطات، وارعبت ازلامها:" شلون نعيد واخت كريم حزنانة"!
السؤال المطروح كم اخت، كم ام، كم زوجة، كم بنت، وكم اخ، كم اب، كم زوج، كم ابن، مفجوعين بالانفجارات اليومية، والقتل المجاني للعراقيين في الاسواق، والشوارع، والساحات، والمدارس، ومجالس العزاء؟ مع هذا تنهال علينا التهاني والتبريكات من كل حدب وصوب وبمختلف السبل والوسائل.
هل صرنا نحتفل بالموت ياترى؟ هل صارت مشاهد الدم اعيادا؟
متى نسلط حزننا، والمنا، وفواجعنا، وقوتنا ضد هؤلاء الذين جاءوا مع دبابات الموت ليزرعوا الموت في شوارع عراقنا الحبيب؟؟!!
عند رحيلهم وعودة الصفاء والهناء لشعبنا سيكون عيدنا الاكبر!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 22-10-2013     عدد القراء :  1521       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced