ثقافة العيب.. تجتاح صحة المرأة وحياتها
بقلم : منى حسين
العودة الى صفحة المقالات

اوردت معلومات منظمة الصحة العالمية الى ان سرطان الثدي ياتي في مقدمة انواع السرطانات التي تصيب النساء في العالم المتقدم والنامي على حد سواء، الا انه من الملاحظ ارتفاع معدلات وقوع هذا المرض في بلدان العالم النامي وحسب المعلومات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية بسبب زيادة متوسط العمر المامول وزيادة التوسع العمراني واعتماد انماط الحياة الغربية وعدم العمل باليات الكشف المبكرللوقاية... وقد اشارت المعلومات الى الكثير عن مرض سرطان الثدي لكننا لم نلتمس المساس بجوهر الاسباب الحقيقة لتفشي مرض سرطان الثدي. وتفيد التقارير الطبية الحديثة ان الكشف المبكر لسرطان الثدي يمكن انقاذ حياة المريض المصاب به. لقد ارتبط مرض سرطان الثدي بثقافة العيب والممنوع، وفرضت هذه الثقافة على المراة التعايش مع المرض ومعاشرته وتحمل آلامه على افتضاح امر الاصابة به، ومن المؤكد ان النساء لسن راغبات بمعاشرة المرض حبا بذلك، لكن العيب والتقاليد واللايجوز ان تصاب به المراة هو من اوجد حاضنة المرض وفعلها عند المراة.
ان العائلة ترفض زيارة البنت للطبيبة النسائية بعد البلوغ وتحديدا قبل الزواج وان شكت ذلك، يرد عليها بأن الأمر عادي مع التحذير بعدم البوح بما تعانيه.. أما المرأة المتزوجة فقد يملؤها الخوف من هجرة زوجها لها او استبدالها بزوجة اخرى متحججا بمرضها.. وتبقى المراة بدائرة صراعها الازلي الكتمان والخوف والشعور بالالم.. صراع الخوف من مواجهة المجتمع بمرض اصابها قد يكون بمراحلة الاولى ويمكن السيطرة علية والتخلص منه.. وهكذا يصبح المرض في احد اسبابه جزء من تخلف وجهل العائلة والمجتمع على حساب حياة المراة وصحتها. هذا من جانب من جانب اخر نرى ان التعليم ومناهجة لا يقترب من حملات التوعية خلال المراحل الدراسية بصنوفها، ولا يقترب من المرض لدراسة اسبابه وكيفية تجنبه ولحد الان لا توجد حلول حاسمة للمرض بقدر ما يشاع حول المرض التخويف والعيب واللا يجوز الاصابة به ونرى الجهات الصحية العالمية تتحدث عن اسباب المرض ولم تتحدث عن استئصال اسباب المرض.. وفي النهاية تطالب المراة ولا تطلب اشياء اخرى تطلب فقط من المراة ان تفعل كذا وكذا ولا يذكر شيء عن الفاعل الحقيقي للمرض والمسبب الرئيسي، سرطان الثدي وزنزانة العيب واللا مقبول.. وذلك الحصار الاجتماعي التقليدي الذي يجتاح صحة المراة وحياتها.. سرطان الثدي مرض يمكن تجنبه بمعاملته على انه مرض وظاهرة مرضية طبيعية لا يؤدي الى عزل المراة وابعادها عن ممارسة حياتها العاطفية.. لكن وببالغ الاسى ان ما يحدث هو ان يتمكن المرض وبدعم التخلف والجهل بعزل المراة في سجن انفرادي.. تحت جرم العيب واللايجوز للبنت البوح عن اماكن التحريم في جسدها.. ولا يجوز للمراة ان تصاب بمرض في اجزاء من جسدها وظيفتها فقط للامتاع والجنس.. لا يجوز للبنت زيارة الطبيبة النسائية وهي لا تزال صغيرة او غير متزوجة وهكذا يجتاح المرض النساء..
سرطان الثدي منتشر في العراق بشكل كبير وقد طالعتنا التقارير الطبية في العراق عن مدى سعة أنتشاره، وأخرها كان التقرير الذي صدر عن أختصاصي الأمراض السرطانية في مستشفى تكريت التعليمي الدكتور أحمد السامرائي، الذي اشار الى أن عدد المراجعات يصل الى 30 أمرأة يوميا في مستشفى تكريت التعليمي وحده..
المشكلة الحقيقة لتفشي المرض هي ثقافة العيب.. وابهام الاتهام الذي يشار به نحو المراة وخصوصا البنت الصغيرة.. وهكذا تمكن المرض من النساء وصادر صحتهن تحول مرض سرطان الثدي الى عقوبة تحبس بها المراة بزنزانة العزل الصحي والثقافي.. ليظل يستشري مدمر حياتها وسارق صحتها بدون اي مواجهة او وضع حدود للايقاف المرض عند حده.. ثقافة العيب التي لا تمنح للمراة حق البوح بما يعتري جسدها الذي اصلا يعامل على انه عورة وعيب وملك للعائلة لا يحق له المرض.. وخصوصا في اماكن معينة هي ملك لشرف العائلة وشرف العشيرة.. لا نريد ايجاد علاج للحرج والخوف والعيب الذي يحيط المراة عند شعورها بالاصابة بالمرض.. نريد منع المرض بالخلاص من العيب والحرج ومعاملتة كقضية صحية عادية.. يجب ان يكون الهدف انقاص الاصابة ومنع تطور المرض بالكشف عنة وبصراحة تامة وشجاعة وثقة بالنفس بعيدا عن سلاسل العيب وقيود الخوف والحرج..
ومثلما تهتم الامم المتحدة والجهات المعنية بمرض سرطان الثدي يجب عليها ان تضع على عاتقها سياسة التوعية والتربية الصحية والجنسية للمرأة.. بالضغط على الحكومات ومن خلال الحملات الاعلامية والدعائية عبر القنوات الفضائية ووسائل الاعلام المختلفة.. وتنظيم الندوات والورشات التعليمية، تشكيل الفرق والمفارز في المحلات والمناطق السكنية والمدراس للتوعية....الخ، عندئذ نستطيع ان نضع اللبنات الاولى لقاعدة الانطلاق في النضال ضد هذا المرض الخبيث ويصبح الحديث حول سرطان الثدي ذوى معنى وجدوى.

  كتب بتأريخ :  الخميس 24-10-2013     عدد القراء :  1650       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced