في عام 1998 سكنتُ لمدة 9 شهور في بيت ريفي هولندي مقابل مزرعة كبيرة لتربية الخرفان . وجدتُ نفسي أراقب نمط الحياة اليومية للخرفان. يخرجون من أماكن مبيتهم صباحا بنظام منقطع النظير . يأكلون ويشربون بنظام. يتجولون في المزرعة بنظام وهدوء منقطع النظير.. يتسامرون بعضا مع بعض ثم يعودون مسرورين إلى أماكن سكناهم قبل حلول المساء بقليل. يمارسون حياتهم وفق خطة تدربوا عليها بقوة ومحبة واحترام حيث كل خروف يتناول حاجته من العلف بكل حرية من دون التجاوز على حصة صاحبه وليس هناك في هذه المزرعة إلا كادراً من شخصين أحدهما طبيب بيطري.المهم أن الخرفان يعرفون حقوقهم وواجباتهم في تزويد المجتمع الهولندي بالجلود والأصواف والألبان والاجبان . هولندا من اكبر مصدّري هذه البضائع في العالم رغم أن مساحة هذه البلاد اصغر من مساحة محافظة الانبار .
تذكرتُ الخرفان الهولندية عند مشاهدتي اجتماعات مجلس النواب العراقي. هذا النائب يروح ويجيء في ممرات المجلس كأنه تائه في مول من مولات عمان او دبي وذاك النائب يصرخ بصوت عال ليناقش رئيس المجلس وغيره يسولف مع الجالس بجانبه وتلك المحجبة تخابر بالموبايل وغيرها ينظف منخاره باصبعه..! عشرات منهم يستنكفون من حضور اجتماعات البرلمان . لا شأن للنواب بالإرهاب وبخطط تمزيق البلاد ولا شأن لهم ببناء مؤسسات الدولة العراقية ولا شأن للنواب المعممين والنائبات المحجبات بشئون المسلمين الفقراء .. لا شأن لهم غير الكسب المشروع وغير المشروع فهم لم يقدموا للشعب العراقي لا الجلود ولا الأصواف ولا الاجبان ولا الألبان ..!
اقسم بالله العظيم أن هناك سببا واحداً جعلني أحب الخرفان الهولندية وعندي ألف سبب عن عدم احترام شعبنا لغالبية النواب العراقيين ..!
ما هو الفرق بين الخرفان الهولندية والنواب العراقيين ..!
