صرخة حواء
بقلم : هديل الرافدين
العودة الى صفحة المقالات

هناك العديد من مجتمعات محافظة في العالم يكللها عادات وتقاليد متوارثة ذات اعراف معممة تقيد حرية الفرد ,الى جانب عادات وتقاليد جهنمية متطرفة تبنى على هاجس تصهير المراة وقتلها روحياً وجسدياً واجتماعياً,من هذه الاعراف فتوى تبيح قتل النساء اللواتي يخرجن عن المسار المعتاد والمعمول به مجتمعياً,هناك نساء يدفعن ثمن اخطاء غيرهن من الرجال.
المجتمع العراقي اقرب مثال الي كوني عراقية,منذ فترة زمنية ذكر صديق لي ان هناك اعراف عشائرية تأمر قتل الفتاة التي تغتصب عكس المتوقع ,اي لا ينظر المجتمع للمغتصبة كضحية انما كارثة وعار يجب التخلص منها بشتى السبل,هنا تفتح قائمة التهديدات فوهتها بوجه النساء,تقتل بمجرد اشاعة تمس اخلاق احدى الفتيات وان لم يكن الخبر صحيح بتوقيع عريض من قبل اهلهن وعشائرهن,عدا ان هناك من يدفعن ثمن جرائتهن ومطالبتهن بوجودهن,ففي هذا الصدد اخبرتني احدى الصحفيات والناشطات في مجال المجتمع المدني انها خائفة على حياتها وتخشى ان تتحول مطالباتها العديدة لحرية المراة واحترام وجودها الى رصاصة تنهي انفاسها في يوم من الايام,كونها تعمل في مجتمع شرقي محافظ مقيد بعادات وتقاليد واعراف عشائرية.
مجتمع مريض جاهل يهدد وجود المراة ولا يجد ضرورة لمشاركتها في الحياة العامة,مجتمع لا يرى اخطائه ونقوصاته الا من خلال المراة,فالمراة بمنظوره آلة لا يسمح لها بالخطأ ولا يمكن مقارنتها باي شكل من الاشكال ب(الرجل)ادم الانسان في وقت الذي يفترض ان ينظر اليها كمخلوقة من لحم ودم يمكن ان تمر بخطأ ما وتتعرض لظروف وتجارب حياتية,لكن مهما كان ما مرت به لا يجدر ان يهدر دمها ويباح بحجج مسمومة افتاها مجتمع منطوي ومغلق على نفسه,ومعاقبتها بالقتل تحت مسميات الشرف وجلب العار والعيب والحرام واختراق عادات وتقاليد كأنها شيء منبوذ ليست روح وكيان قائم بحد ذاته,ببالغ اسف هناك من يمجد ويفتخر بهذه الجرائم ويصرخ(رجل الشرف )بالصوت العالي "نظفت العار" او "اعدت شرف العائلة" او ....الخ,نسية انه خسر شرفه لمجرد قتل روح تنتمي لدمه.

المجتمعات الشرقية والاسلامية تحديداً المتاصلة بعروقهم هذه الاعراف ذات طابع فكري رجعي متوارث (يتأثر بالاقاويل) يضعوا كل شيء في دائرة الشرف والعيب والحرام والاخلاق وفي هذه الحالة قتل الروح واجب مفروض على العامة (لمن له شرف)لمجرد ان حدد اسم الانسانة المذنبة برايهم وفق موازين عشائرية سائدة,في حين يتناسون ان من مسؤوليتهم حمايتها ..مساندتها..دعمها وتصحيحها اذ اخطأت,لا اعلم ان كنا اوفر حظاً مما سبقونا من اسلافنا الاناث,الا ان ما اعرفه اننا لن نسكت لهذا المرض اللعين الذي يحصد ارواح نساء وشابات ذنبهن ليس لهن ذنب سوى انهن اناث في مجتمع اعمى,يدفعن ثمن نقص المجتمع وجهله,كما يحدث في بعض الدول العربية انتهاك روح المراة واغتصاب طفولتها ,كما حدث مؤخراً للطفلة اليمنية (روان)التي(قتلت)عند اجبارها على الزواج وهي في سن الثامنة من عمرها,ما اراه هنا شخصياً صورة اخرى من جرائم الشرف التي تمارس ضد المراة وغيرها الكثير الكثيرات.
ألا يكفي قتل نسائنا بسبب افكار رجعية وجرثوم مجتمعي ملبوس باسم الاعراف والتقاليد؟
ألا ينبغي بدلاً من معاقبتهن بهذه البشاعة ان يقف المجتمع معهن ويساندهن وياخذ بايديهن ويشجعنهن لايجاد طريقهن في الحياة؟
ألا يجدر ان نضع حد لهذه الظاهرة الدموية التي تقطف ارواح فتياتنا وورود مستقبلنا بحجج تنبذها الانسانية والديانات؟
الغريب العجيب ان هناك الالاف بل الملايين ما يزالوا يشجعون هذه الظاهرة ويباركوها, ألا يكفي ان تكون الفتاة حساب مفتوح على مذابح الجهل والتخلف الفكري والانساني والاجتماعي بدوافع الشرف في مجتمع يضع ايديه على اذنيه لا يسمع الا صوت الحانه؟
يصب كل اخطائه واعبائه على كاهل المراة متجاهل علقم الموت المتاح لنسائنا لابسط الامور ,ليس موت الروح فحسب انما موت التعامل والعنف والاضطهاد التي تتعرض له,متى سنحظى بمجتمع عادل يتفهم انساننا ولا يقيس وجودنا بالجسد فقط ويصنفنا حسب الجنس واللون والانتماء؟
المراة تعنف بمنزلها ..تهان..تضرب..تموت مذبولة في زاوية معتمة وحيدة تصارع من اجل البقاء,تصرخ انقذوني ولا صدى لصراخها.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 28-10-2013     عدد القراء :  2019       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced