منْ لا يعرف الصقر...يشويه
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

( إلى الرفيق النصير
كريم الصالح أبو ريتا )
                للبداوة بين عينيك بريقها، حيث كنت تضيء بها ليلنا المعتم الخالي من بصيص ضوء إلا من ذبالة فانوس احترقت أخر قطرات النفط فيه، وأنت تروي لنا حكايات حبك الأول تحت شجرة جوز في قرية لا تحمل من معنى اسمها سوى الحروف، أنها قرية البيت الواحد (يه ك ماله)، كان الربيع على أوله ونحن لا نملك من الفرح غير تلك الذكريات التي ندفئ بها أياما زمهريرية اللحظات، وكانت ذكرياتك مفتاح تجاوزنا لكل القحط الذي نعيشه، نضحك لكي نجعل الصبح يقترب من حافات حزننا، فالصبح بدون الضحك لا يعني أكثر من شمس خجلة ترمي أشعتها علينا بمنة، وكأنها تذكرنا بثقل ضيافتها لنا في بقعة محصورة بين قمتي جبلين، لهذا ترانا نتزود من اشعة ذكرياتك عن حبك الأول، كي تورق في أرواحنا ذكرياتنا عن حبنا الأول، كنت لا تحمل من البداوة غير ما هو جميل من اصالة في الخلق وكرم وتسامح ومحبة وألفة وإيثار ومساعدة، ولا ادري أي منخل استعملت في روحك كي تتخلى عن كل صفة تجعلك بعيدا عن حب الناس، كان طعامنا مقتصرا على العدس الذي اسميناه العدس الانتهازي، فهو يعاد علينا في وجباتنا الثلاث بأشكال طبخ مختلفة، يكتسب لون الطبخة بكل فحولة، ويتجمع في اسفل الصحن رافضا بتمنع أنثوي ملامسة المعلقة له، وحتى رغيف الخبز الذي شوهت النار صباح وجهه وأختصرت من حجمه ما استطاعت، كان ينأى بمساماته أن تنقع في ماء العدس، في ظل هكذا وضع كنت أنت تقرأ لنا رسالة حبك الأول والتي جاءت مع البريد الحزبي قادمة من بيروت، كانت الرسالة تحمل من الوصايا ما يلقنه القائد العسكري ذو النزعة الانسانية من وصايا إلى جنده بل هي (الرسالة) أكثر تشددا، وأنت في حيرة كيف لك تنفيذ هذه الوصايا؟ تغذى جيدا هههههههههههههه نضحك معك وأنت تسأل(البيض شلون لونه؟)، تعدد هي لك قائمة طويلة من أنواع الطعام الذي يجب أن تتناوله، مثلما تطلب منك أن ترتدي ملابس شتائية تقيك من البرد، فيتعالى ضحكنا مع ضحكك حين تتذكر من أنك لا ترتدي تحت سروالك شيئا، وبكل حبك لرفاقك تلف لهم سكائر من تبغ أختلط مع أوراق اشجار العفص، كي يرتاحوا قليلا من هموم وحلاوة ذكرياتهم، رغم أنك في البدء لم تتقن لف السكائر، كنت أنا أتساءل في داخلي عن سر هذه العذوبة البدوية التي تحملها في روحك، كنتَ زاهدا بكل مغريات الحياة، انتميت َإلى طيبتك رغم أنحدارك العائلي، فقد كنت َمن عائلة غنية ولكنك أبدلت َحبك لرفاقك بكل غنى عائلتك. ليس للفرح البدوي حدود في روحك، مثلما لم يكن للضغينة عش في روحك، مرت عليك لحظات أقسى من أية صخرة جبلية ولكنك تمايزت في صبرك وتجاوزت قساوتها وكأنك تستمع إلى تلك الأغنية الغجرية وترددها بصوت يمتد بعيدا بين الوديان:
(ترجّل، ايها الرب على الأرض،
هذا الجمال الفائض جدير بذلك،
هنا أقف فتيا وسط القش،
الذهب الأسمر لون جلدي،
يلتمع في ألق الشمس،
أصفر وأسمر، أبيض وأسمر،
أنظر هنا يا رب وانحن ِ أمامي،
فأنا على عجلة كي أصل إلى فتاتي،
الأسمر والأجمل كي آخذها لي زوجة،
أنظر هنا يارب، وانحن ِأمامي)
هكذا أنت كنت، صقرا محلقا في السماء، ولكن منْ لا يعرف الصقر ...يشويه مثلما يقول مثلكم البدوي.

  كتب بتأريخ :  الخميس 31-10-2013     عدد القراء :  1749       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced