هل نحتاج الى دكتاتور لشهر واحد؟
بقلم : عبد المنعم الاعسم
العودة الى صفحة المقالات

ليس ما يثير العجب ان تسمع من يقول لك بان العراق لايستعيد امنه واستقراره إلا بحاكم مستبد، يستخدم القوة والبطش وعدم الرحمة. لايعرف حقوق الانسان والديمقراطية واستقلال القضاء والشفافية والتسامح والحوار. القضاة والوزراء والجنرالات وشرطة المرور والاطباء رهن اشارته وتحت الطلب والاذعان. في اليوم الواحد يرسل الى ساحات الاعدام عشرة من الفاسدين ويعلق جثث مخالفي المرور على اعمدة الكهرباء.
ومن يقول لك: نحتاج دكتاتورا لمدة شهر واحد، بعدها تستتب الامور، ويضيف القول: “يمعود” هذا الشعب لاتفيد معه إلا العصا. وحين تسأل القائل هذا (على سبيل المجادلة والمزاح) وهل تريد الدكتاتور وحده أم مع اولاده وافراد عائلته وعشيرته ودربونته؟ فسيرد عليك بسرعة: لا، لا، لا.. وحده. آنذاك سيسقط الطلب في استحالة ان يحكم المستبد بلدا من دون اعوان من اهله وضرعه يتولون سوق الملايين سوقا.
المستبد ليس منصبا تقترحه لأحد من السياسيين، والاستبداد ليس مرضا عارضا يصيب شعبا، او يداهم مرحلة، ففي كل مرحلة، وفي كل بلد، بما فيها البلدان الاكثر ديمقراطية، تظهر نزعات استبداد في صفوف السياسيين حين يفشلون في ادارة الدولة، فكيف الحال بتجربة غضة، وهشة، يجري بناءها في العراق؟.
نستطيع ان نتحدث، في تحليل مدرسي، عن مخاطر ظهور مستبد، او مستبدين يتصدرون مسرح السياسة في طوره الجديد، لكن لايصح استباق ما سيحدث من احتقان في حلقة سلطة القرار، إلا في تذكيرات نظرية لها اهمية فوق ما نحتسب من اخطار:
ان المستبد ممتلئٌ بنفسه، مكتفٍ بمواهبه، غنيٌ عن غيره، ودائم الشعور بحاجة الآخرين إليه؛ لذا فإنه لايسمع في آهات الجائعين وآلام المعذبين، إلا محاولات ماكرة، من المحكومين، للفوز ببعض العطف من الحاكم، ونوال بعض مما “لديه”. فلا جرم أن عميت بصيرته عن ترجمة ما التقطته حواسه، واحيانا يأخذه العجب من صدور أي صرخة احتجاج، ولسان حاله يقول: لم يحتجون! وماذا يريدون؟!. ألست أنا الذي يمنح ويمنع؟! مستذكراً المقولة السلطانية العابرة للزمن، التي قالها يوماً ابو جعفر المنصور: “أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على ماله؛ أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله عليه قفلاً، فإن شاء أن يفتحني لأعطياتكم وقسم أرزاقكم فتحني، وإن شاء أن يقفلني عليه قفلني. فارغبوا إلى الله أيها الناس أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم والإحسان إليكم” .
ان اكبر مهانة لأي شعب، واعظم إذلال يلحقه، حين ينزلق نظامه السياسي الى الاستبداد، وحين يرتضي ان يكون تحت حاكم مستبد فانه يرضى ان يكون قطيعا، لا شعبا.

  كتب بتأريخ :  الخميس 07-11-2013     عدد القراء :  1577       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced