نهاية الشيوخ- الانهيار القادم للانظمة الخليجية
بقلم : تمت الترجمة من قبل سوزان سامي جميل- كندا
العودة الى صفحة المقالات

بقلم كريستوفر م. دافيدسون: أستاذ الدراسات السياسية الشرق أوسطية في جامعة دورهام- انكلترا
نشرت في جريدة النيويورك تايمز الامريكية في اكتوبر 18، 2013

في هذا الصيف وعبر الانترنيت أعلن عدد كبير من السعوديين تذمرهم من ارتفاع نسبة عدم المساواة والفقر والفساد والبطالة في المملكة، وأصبحت حملتهم من خلال التغريدات في موقع التويتر واحدة من أهم المواضيع الملفتة للنظر عالمياً، وأدى ذلك طبعاً الى خلق حالة انذار في دائرة النخب السعودية انتشرت سريعا في أنحاء المملكة وما يجاورها. إن صرخة الاستنفار ( الرواتب غير كافية) التي أطلقوها أثبتت أن الترابط الاجتماعي للنظام الملكي مع الشعب أعلن فشله وعلى نطاق واسع.
العديد من الخبراء يؤمنون بأن دول الخليج نجت من الربيع العربي لأنهم دول مختلفة. لقد واجهت هذه الدول العديد من العواصف في الماضي كالثورات القومية العربية لعام 1959 و 1960 الى هجوم صدام عام 1990 وحتى حملة ارهابيي القاعدة عام 2003، لكن هذه الانظمة ليست مختلفة بالأسس وإنما هي ببساطة كسبت الزمن بواسطة البترودولار، لكن الزمن بدأ ينفد!
قد لا يواجه شيوخ الخليج الفارسي حتى العام القادم نفس مصير القذافي في ليبيا أو مبارك في مصر لكن النظام الذي أوجدوهُ لا يمكنه من المقاومة الى المدى البعيد وقد يتمزق أسرع حتى مما يظنه البعض.
تعتبر السعودية الوتد الأساسي لدول الخليج الست لذا فإن استقرارها السياسي الداخلي أمر حتمي للمنطقة برمتها خاصة بعد أن تحول الانتباه خلال ثورات 2011  لهذه السياسات والانظمة التي عفا عليها الدهر.
على الرغم من عدم معقولية استثناء السعودية لكنها بالتاكيد تختلف قليلا عن جيرانها، فالملك الثمانيني عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لا يشبه القذافي أو مبارك فهو يمتلك ثروة النفط التي استخدمها لشراء ذمم المحتجين، فقد خطط لتهدئة الغضب الذي اشتعل في غفلة منه وذلك بزيادة الاعانات الحكومية، وخلق فرص عمل ووظائف كثيرة في القطاع العام وأعلن عن تأسيس برامج الانفاق الحكومي والتي لم يسبق له أن أوجدها. لحد الآن يعتبر ما قام به بن عبد العزيز هو أسرع وأنجح وسيلة لابعاد الجماهير عن الشوارع أي عن الثورات.
لكن هذا لا يعني أن النظام الملكي مرن كما يرى بعض الدبلوماسيين والاكاديميين عبر جدالهم حول ذلك بل على العكس تماماً فإن استراتيجية النفط الآنفة الذكر قد استخدمت كرد فعل لارتفاع السخط في المنطقة، كذلك استخدمت بسبب الخوف الجذري العميق للحكومة من أن تكون الجماهير الهائجة في العالم العربي سببا سريعا لتحريض الشعب على اثارة الشغب في السعودية.
علاوة على ذلك فإن الانفاق الحكومي من أجل بقاء الأنظمة الملكية في السعودية ودول الخليج لن تدوم طويلاً، فالسعودية مثلاً أنفقت هذا العام فقط مبلغ 500 مليار دولار لتحقيق الرفاهية وقد تم أنفاق معظم المبلغ على الضمان الاجتماعي وخلق فرص جديدة للعمل في القطاع العام.
ان هذا التوزيع الهائل للثروة لا يمكن أن يستمر لمدة أطول، لأن هذا المستوى العالي من الانفاق العام لا تحتمله الدولة وسيتضاءل في الأعوام القادمة أمام الجهود القادمة لتعزيز الحساب المالي في المملكة والذي يستوجب ايقاف الخيرات عن السكان وأستحقاق القطاع العام.
بينما ينخفض احتياطي النفط من جهة فإن سرعة استهلاك الطاقة داخليا ترتفع وكذلك خارجيا من قبل الدول الحليفة، كما أدى  الانفاق المتصاعد في المملكة إلى ازدياد  سعر النفط فيها وفي الدول الخليجية الأخرى.، وبعبارة أخرى فان سعر برميل النفط الذي تحتاجه هذه الدول لإيجاد التوازن الاقتصادي ارتفع أكثر وأكثر، مثلاً في البحرين الآن سعر البرميل 115 دولار أكثر بكثير من السعر السابق الذذي كان بحدود 102 دولار بينما في عمان وصل الى 104 دولار للبرميل.
في البحرين وسلطنة عمان ، أصبح الاعتماد على ارتفاع أسعار النفط محفوف بالمخاطر، وفي المملكات الصغيرة الغنية بالنفط  بدأ الوزراء يتحدثون بصراحة عن سعر التعادل أي الخروج من الصفقات بلا خسارة أو ربح وهي حالة لم يكن حتى التفكير بها ممكناً في السنوات الماضية، وحتى الكويت فإنها تلقت في أوائل أكتوبر من هذا العام تحذيرا من صندوق النقد الدولي  للعمل على كبح جماح الإنفاق على الرعاية الاجتماعية و وظائف القطاع العام والبدء بالاعتماد على زيادة الدخل اللانفطي بالسرعة الممكنة.
بالنسبة للأسر الحاكمة في الخليج فإن الأسوأ من الأزمة الاقتصادية القادمة هو في الحقيقة قمعها للتظاهرات حيث بدأ تأثيرها يتوضح على شرعيتها وكأن العقود الاجتماعية التي شُحذت بحذر قد بدأت تهترئ.
هذه التحركات لفتت انتباه المجتمع الدولي- وخاصة تلك المؤسسات و الحكومات التي لها علاقة  بأسطورة خيرات الانظمة الملكية الخليجية، ولكن ماهو أكثر أهمية هو أن صانعي القرار أثاروا انتباه  السكان المحليين يزياداتهم الكبيرة هذه.
في الدول التي تتمتع بأعلى مستويات الانترنيت والهاتف الذكي في العالم تكون للفرد قدرة أكثر للاطلاع على المعلومات من أي وقت مضى ، لذا بدأ الناس يتساءلون علناً عن وجود أعداد كبيرة من السجناء السياسيين، واستخدام قوانين مكافحة الإرهاب كحجة لتبرير الاعتقالات الجماعية وكذلك  الاعتداءات المستمرة التي تمارس ضد ما تبقى من المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام.
البحرين هي جزيرة صغيرة على بعد بضعة أميال من المملكة العربية السعودية وهي الآن وبشكل متزايد تشكل شيئا من دولة تابعة إلى الرياض . تحمل الناشطون المؤيدون للديمقراطية في الدولة وطأة القمع الذي تمارسه الدولة . هوجمت احتجاجاتهم ، والتي كانت على أعتاب ثورة شاملة في منتصف عام 2011 ، مرارا وتكرارا من قبل المرتزقة - في كثير من الأحيان من باكستان والأردن - في حين دعت الحكومة كلا من السعودية والامارات للتدخل العسكري المباشر لقمع السكان والمعروف أن غالبية السكان- وهم من الشيعة لا يقبلون بالعيش تحت ظل النظام الملكي السني التقليدي. 
في عام 2011  تم هدم دوار اللؤلؤة الشهير الذي كان بمثابة نقطة تجمع في المنامة، و دمرت العشرات من المساجد الشيعية، والأخطر من ذلك ان الشيعة في البحرين وشرق المملكة العربية السعودية أصبحوا ضحايا استراتيجية طائفية بينما سعت الحكومة السعودية لإقناع المواطنين السنة والحلفاء الغربيين بأنهم يقاتلون ضد وكلاء ايران التوسعية الخطرة وليس ضد طليعة الديمقراطية لثورة شعبية .
حتى حكومة دولة الامارات قد بدأت تلعب بهذه البطاقة الأجنبية،  مفتقرين لمعرفة العدد الحقيقي للسكان الشيعة قام المسؤولون الاماراتيون بالهجوم على ما زعموا انهم الاخوان المسلمون الاماراتيون وألقوا القبض على المئات من المواطنين من ضمنهم أعضاء من منظمات اسلامية محلية قديمة ومسالمة، والان وفي الامارات هناك احدى اعلى نسب السجناء السياسيين بين الافراد من محاميين لحقوق الإنسان وأكاديميين و طلاب وراء القضبان. كما أن هناك قاضي سابق وأحد أفراء الاسرة الحاكمة والجميع متهمون بالتآمر لقلب نظام الحكم.
بهذه الاستراتيجية من الانفاق، ادخر الحكام بعضا من الوقت لصالحهم لكن بتكلفة كبيرة جدا وباتباع سياسة ال فرق تسد واذكاء التوترات الطائفية بالقاء اللوم على الغرب سيبقي الانتباه بعيدا لفترة طويلة عن سياسة النظم السياسية الاستبدادية في المنطقة.
عندما تقترب هذه الانظمة الملكية الاستثنائية من الانتهاء وستنتهي، ستأخذ الجماهير مكانها المناسب لتلعب دورها في اتخاذ القرارات السياسية الكبيرة والواسعة القادمة والتي تحدث الآن لخدمة النخب القمعية فقط ، وستعمل هذه الجماهير لصالح شبابا اكثر نضجا ووعيا وتواصلاً.

رابط المقال بالانكليزية:
http://www.nytimes.com/2013/10/20/opinion/sunday/down-with-the-king.html?pagewanted=1&_r=2&

  كتب بتأريخ :  الخميس 14-11-2013     عدد القراء :  1826       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced