شهيدات وشهداء بقلم : عبد المنعم الاعسم العودة الى صفحة المقالات تنشطر الشهادة هذه الايام الى تسميات شتى، لكنها تستقر عند موصوف الانثى، في موضع قريب من بركة دم او زنزانة سجن او حافة صخرة، حين تسقط إمرأة افتداء كلمة الحرية، أو تمسكا بحق رغيف، او من خلال غريزة حب البقاء والالتصاق بالحياة. ليست هذه وصفة عراقية للشهادة.. فكل ضحية، في اي مكان في العالم، هي مشروع شهادة نبيلة، فيما يتقدم العراق على سواه في عدد الضحايا الذين يسجلون اسماءهم كشهداء. وهنا أعرف، وأنا أخاطبكن وأخاطبكم بصيغة وحدّتها الشهادة، ان لكل واحد منكم اسما يميزه عن رفيقه، وانكم تجتمعون، كل مساء، على اسم وردة حمراء واحدة تحبونها، وتتفرقون منها، او تتفرعون عنها، الى صفحات هذا السجل الذي كتبتم ابتهالاته الاسطورية، كل واحد يروي قصته.. قصة اللقاء الاخير مع الحياة، معنا، حيث سقط برصاص، او شهق بحبل مشنقة، او غاب في ما بين الصرخة والابتهال. وقبل هذا لا اشك، بانكم تتذكروننا، واحدا واحدا. تستدلون الينا بالبصمة التي اودعتموها في افئدتنا، وبالدَين الذي تركتموه في اعناقنا، وبكلمة السر التي بيننا. وبرغم ان اسماءكم باسقة، وموصوفكم سرمدي، وامجادكم مشرفة فاننا نبحث لكم عن اسم يتسع لاسمائكم جميعا، ولمآثركم كلها، ولهتافاتكم وقصاصاتكم ووصاياكم واحلامكم ووجوهكم وصباحاتكم ومعزوفاتكم.. اسم نستعين به في مشوارنا، ونلوذ اليه من الشظايا والاقدار، ونفتح به اسرار ما يحيطنا، وطالع ما ينتظرنا.. اسم يليق بالفتيات الرائعات اللواتي تركن اسماءهن السرية على حيطان الزنازين، مثلما يليق بالرجال الذين عرفوا خطر الموت وساروا اليه، واقتحموا اسئلته.. اولئك الشجعان الذين انتم. ابحث لكم عن اسم يحاكم اجيال القتلة والطغاة والمأجورين الذين علقت لوائح موتكم في رقابهم.. اسم يرسلهم تباعا الى ساحة القصاص العادل عما ارتكبوا من جرائم تعف عنها الذئاب، ويحض على احتقارهم الابدي.. اسم من خارج ابجديات الكلام، لكن من داخل دلالة الافتداء بالروح من اجل قضية الحرية.. وها هو يأتلق إذ نلملم حروفه من جمال تلك الارواح.. ارواح مواكب الشهداء منذ فجر التاريخ، نلملمها باسمكم، ومن اجل ان تبقى قضيتكم حية أبدا.. يا ابناء الحرية “ما يجعل الصحراء جميلة هو أنها تخفي واحة ما في مكان ما”. أنطوان دو سانت-إيكسوبيري كاتب وطيار فرنسي   كتب بتأريخ :  الأحد 17-11-2013     عدد القراء :  1437       عدد التعليقات : 0