مصر بين النهوض والانهيار
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

بعد أن دخلت مصر في حلبة صراع الربيع العربي (( التخريب العربي ))  في 25 /1 /2011  والتي تميزت بالحشود الشعبية في الشوارع والساحات وما رافقها من اعمال عنف لعدة ايام ادت الى تنازل حسني مبارك عن الحكم واستلام المجلس العسكري السلطة ثم ما اعقبه من انتخابات شابه العديد من الشبهات ادت الى استلام التيارات الاسلامية حكم البلاد .. وهو ما واكب وحدث في بعض الدول العربية الاخرى ولكنه قد يختلف بعض الشيء عن ما جرى في غير مصر والتي كان لمشروع كونداليزا رايس العامل الفعال في اثارتها من خلال ما احدثه من فوضى اطلقت عليها بالخلاقة ابتدأها في تونس بائع الخضر بدفع من قبل بعض الاوساط العميلة الخفية التي انكشف البعض منها فقد كانت المحرض لكل ما جرى ودفعته لحرق نفسه كما يفعل الاخرون مما يفجر نفسه في الاحزمة الناسفة أو داخل السيارات المفخخة أملين ان يذهبوا فورا الى جنان الخلد التي يصورها لهم بعض رجال الدين زيفا بايحاء مغناطيسي يسلب الالباب ويشوش العقول فيصدقون ما يقال لهم وما يوحى اليهم فيقدمون على قتل انفسهم بايديهم عن طريق تلك الاحزمة او السيارات المتفجرة او الحرق كما حدث في تونس معتقدين بان هذا الموت الفوري سيحقق مرضاة الله ويدخلهم جنان الخلد الى جوار رسول الله كما يزعمون ... ولم ينتبهوا بأن الكتب السماوية كلها قد اشارت بان الحساب عند قيام الساعة التي لربما لا تاتي إلا بعد ملايين السنين بحساب اهل الارض بالطبع ...فانهم لن يتمكنوا من الجلوس الى جوار الرسول قبل انقضاء هذه الملايين من السنين وحتى تقوم الساعة فعجبا متى ستقوم الساعة ...؟؟؟ من يدري لربما بحرب عالمية نووية  ثالثة  فلا تبقي ولا تذر ..؟؟ فعلى اية حال فقد قامت ثورة مصر على نظام حسني مبارك من قبل نفس المنظمات التي اشعلت الثورات في تونس وليبيا واليمن وهي مستمرة في اشعالها ببقية الدول العربية ودول المنطقة الاخرى تباعا... فقد قفزت عليها جميعها التيارات الدينية لما لها من تاثير عقائدي  كبيرعلى شعوب هذه المنطقة وتمكنت من السيطرة على الحكم فيها بمختلف صورها واشكالها المذهبية وهو ما استطاعته كذلك ان تفعله في مصر ايضا حيث سيطرت التيارات الاسلامية على الحكم فيها بعد تاكدها من نجاحها وحكمت البلاد لمدة سنة كاملة لم يستطيعوا ان يديروا مصر بما يحقق المصالح الوطنية فانتفضت عليهم جماهير الشعب وايدهم الجيش وبقية القوات المسلحة واسقطت حكم هذه التيارات الدينية وزجت بمعظم قادتها في غياهب السجون فكان اندحار هائل للسياسة الامريكية التي اعتمدت على هذه التيارات واعتقدت بامكانها السيطرة على الشعوب عن طريق هذه الجماعات وتدمير البلاد وتجزاتها كما كانت قد خططت له ... فقد كان للموقف الذي وقفته القوات المسلحة مفاجئة لها غير متوقعة وصدمة كبيرة لمخططاتها لا يمكن السكوت عنها ولا بد لها أي امريكا من مقاومة هذا الموقف المفجع والمفزع وبكل الوسائل المتاحة لها.. ولكنها لا تستطيع مواجهتها بقواتها المسلحة وبشكل مباشر لما شاهدته من تاييد شعبي عارم للقوات المسلحة... مع كل ما ادعته من كونه انقلاب عسكري تجب مقاومته دوليا.. كما اكتشفت بأن الغالبية العظمى من الشعب المصري لا تدعم التشدد الديني كما تهيا لها من تقارير اجهزتها المخابراتية بل على العكس فان الغالبية العظمى من الشعب المصري تتوق الى الانفتاح والتحرر الاجتماعي والاستقلال الوظني ورفض التبعية .. اكد ذلك ما شاهدته من تلاحم غير متوقع بين اكثرية الشعب وقواته المسلحة... فمع كل ما عرف عن التنظيمات الاسلامية من شدة الترابط والتماسك القوي بين منتسبيها فهي لم تستطع ان تواجه هذا الزحف الشعبي الكبير غير ان ذلك لم يفت في عضدها ولم تستسلم وقد وقفت الادارة الامريكية والغرب برمته يحاول دعمها دون جدوى مع كل ما تتصف به تنظيماتها من ارتباط عنقودي تُسهّل عليه حرية الحركة والمناورة فقد انهار وتراجع من جديد الى العمل السري الذي اعتاد عليه خلال ثمانين سنة من عمره الطويل... وبدا بلملمة صفوفه لمقاومة هذا الوضع الجديد .. كما وجد ت الادارة الامريكية برئاسة اوباما بان السكوت والقبول بالامر الواقع سوف يفقدها مكانتها الدولية التي تتسيّد بموجبها على العالم باعتبارها القطب الاكبر الذي خضعت له جميع الدول وسيطرت باقتصادها على مصائر الشعوب ... فاخذت ومنذ اليوم الاول لسقوط الاخوان بدعمهم للتصدي للنظام الحالي بزعامة الفريق السيسي وفي مختلف النواحي وعلى جميع المستويات حيث بداتها بادعائها بكون ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري على شرعية الصندوق.. متجاهلة الاجماع الشعبي الذي شهده العالم في شوارع مصر .. فاخذت تحرك عملائها وجيوشها الخفية وخصصت لذلك مليارات الدولارات لانفاقها بتحشيد الخصوم وتجنيد العاطلين عن العمل والبلطجية وابناء الشوارع لزعزعة الاوضاع في مصر...والقيام بعمليات تخريب وتفجير وقتل لجر الاوضاع لما عليها في العراق أو ليبيا او اليمن وما يجري في سوريا الان ومع ان الضروف في هذه البلدان قد تختلف من بعضها البعض ولكن في نوعية الفروق وليس في وجودها... فقد تكون في دولة تبرز فيها الطائفية وفي دولة اخرى تبرز فيها العرقية غير ان الفروق موجودة على كل حال... وبامكان الادارة الامريكية استغلالها وهي ما تفعله فعلا في الوقت الحاضر... فمع انها قد هُزمت في مصر واندحر اتباعها وحلفائها من التيارات الدينية لكنها لم تستسلم فهي لازالت  الدولة العظمى في العالم... مع بروز الدولة الروسية والصينية كجبهة معارضة مجددا لكن اكثرية الدول الغربية ومعظم الدول النامية التي تشكل الغالبية العظمى من دول العالم  لا زالت تقف الى جانب الادارة الامريكية تطلب معونتها وحمايتها فهي المسيطرة على اقتصاد العالم وهناك العشرات من الدول لا زالت بحاجة الى معونتها حتى مصر .. مما يجعل الادارة الامريكية في مركز القوة التي لا يمكنها أن تستكين لموقف القوات المسلحة المصرية او للاكثرية من الشعب المصري فهناك الالاف من الاعوان لا زالوا يعملون داخل مصر لصالحها اضافة للتيارات الدينية وهم اللبراليون والاشتراكيون الثوريون والعديد من المنظمات المجتمع المدني التي دفعتهم امريكا للانظمام الى التيارات الدينية ودعمها وتكوين جبهة مضاددة  للقوى الشعبية الوطنية وللقوات العسكرية المصرية التي وقفت الى جانب الصف الوطني ودعمت  الاكثرية من جماهير مصر .. عليه فهي لم تستسلم ولن تستسلم واستمرت في محاولتها لزعزعة النظام الحالي في مصر وضرب القوى الصامدة فيه... ولا بد لها لتتمكن من ذلك ان تضرب الجيش وتدمره وتنهي تواجد الشرطة في الميادين .. فقد سبق ان حاول الاخوان تطبيق نظام الضبطية الشعبية بتشكيل فرق المليشيات كما فعلته في العراق غير انها فشلت وتلاشت محاولتها بينما تمكنت ان ترسخه بنجاح تام في العراق واستطاعت تدمير العراق تدميرا كاملا وجعلته اشلاء .. ولكن امريكا لن تياس ولا بد لها من القضاء على جيش مصر فهو السند القوي الذي لو بقي صامدا فسوف تنهار تماما جميع مخططاتها في هذه المنطقة وقد استطاعت ان تنشر اكثر من اربعين الف منظمة مدنية تعمل لصالحها بمختلف الصور كما اوضحنا ذلك في عدة مناسبات.... كاحزاب كارتونية ليس لها سند شعبي وانما تعمل مجرد واجهات وكذا الحال بانسبة لمنظمات المجتمع المدني التي ترتبط بشكل مباشر بمنظمات فريدم هاوس او بمؤسسة مكنزي او بالمعهد الديمقراطي او الجمهوري او بمؤسسة كارنيجي وهيومن رايت وغيرها كثير... وكلها تعمل بدفع من الحركة الماسونية واللوبي الصهيوني ايباك واستطاعت ان تنفذ في المؤسسات المصرية وفي دوائر القرار فيها فكونت الطابورالخامس  الذي شكل معظم اعضاء الحكومة الحالية وسيطر عليها... يؤكد ذلك ويثير الاستغراب ما نلاحظه من تردد وتراخي وما اطلق عليه الاعلاميِّون بالايدي المرتعشة التي اتصف بها اعضاء الحكومة المصرية الحالية التي اضطرت القيادة العسكرية المصرية ورئيس الجمهورية الموقت المستشار عدلي منصور الاتيان بها ارضاء للغرب من اجل تخفيف الضغط علي مصر والتوقف عن وصف ما حدث بالانقلاب العسكري الذي ضلت تروج له بعد 30 يونيو فكان لا بد لرئيس الجمهورية تطعيم الحكومة باعضاء عرفوا بولائهم للادارة الامريكية فبدا هؤلاء العملاء يحاولون بطرق خفية العمل على تقويض النظام الحالي وعرقلة مساعية في التنمية والبناء كما يحاولون اعادة التيارات الاسلامية الى الساحة من جديد بالاعلان عن مشروع المصالحة وهو مخطط شبيه لما حدث في العراق وبما تحاول الادارة الامريكية والغرب عمله تجاه سوريا ولتحقيق الامر في مصر فكان لا بد للتصدي للقوات المسلحة... التي وجد الطابور الخامس بانها أي القوات المسلحة تقف لصالح الشعب المصري... ففسحوا المجال للفرق الارهابية ان تتحرك وتثير الفتن وتشعل الاوضاع عن طريق التظاهرات المستمرة والتخريب والتوجه الى الشباب في الكليات والى المصلين في المساجد وتحريك فرق القسام ومنظمة حماس كي تساعد في الابقاء على اثارة الفوضى في مصر وهي تجد المجال فسيحا لها بوجود هذا التراخي من الحكومة المصرية المتعمد.. فاصبح موقف النظام المدعم من القوات المسلحة في خطر اكيد وهي تعلم تماما بانها لو استطاعت ان تمزق شمل الجيش والقوات المسلحة بخلق الازمات امامه واثارة الشعب عليه لعجزه عن توفير الخدمات عن طريق هذه الازمات المفتعلة... كأزمة الغاز الى ازمة الخبز الى شحة المواد وارتفاع الاسعار وتعطيل المشاريع وتدمير الاقتصاد وكما فعلته في العراق... فعندها سوف  يكون من السهل عليها القضاء على (((القضاءالمصري الرصين))) ركيزة النظام المصري وتعرية الشعب برمته من أي سند لهبضرب الشرطة فتتمكن قوى الشر العميلة للامبريالية من العودة مجددا لحكم مصر وتمزيق شمله كما خططت له الادارة الامريكية والصهيونية العالمية وتستطيع بالتالي من استئناف مهمتها التي تعرقلت بما حدث في مصر.. والسير بها كما خطط لها للقضاء على كل الدول العربية الباقية .. فالوضع اليوم في مصرهو محور النجاح أو الفشل... ولا اعتقد بان امريكا ستستسلم وهي صاحبة اكبر اقتصاد في العالم... ويتمكن النظام الحالي المقاومة وهو ُمغرق ومطوق بالمشاكل ولربما سوف تنهي امريكا الامر بعملية مشابهة لما فعلته مع عبد الكريم قاسم في العراق وانهته بانقلاب 8 شباط او كما فعلته مع عبد الناصر في نكسة 1967 ثم موته المفاجيء بعد اقل من ثلاث سنوات عندما رفض الاستسلام... فكل هذه الامور مرشحة للحدوث فامريكا لن تخرج منهزمة مهما كلَّفها الامر فحياتها متوقفة على هذه المنطقة ولن تتخلى عنها وشعوبها كما هي عليه من التمزق والاختلاف....  وغد لناظره قريب ...!!!

  كتب بتأريخ :  الأحد 24-11-2013     عدد القراء :  1497       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced