اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
بقلم : باسمة بغدادي
العودة الى صفحة المقالات

بدأ الحديث عن قضية العنف ضد المرأة يأخذ حيزا كبيراٌ من إهتمامات المنظمات النسائية أواخر القرن العشرين مع صدور الإتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة , وبعد ذلك بدأ هذا الموضوع يأخذ منحى خاصاٌ ومستقلاٌ مع صدور الإعلآن العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة في عام 1993 .
وقد أصبحت هذه الظاهرة ( العنف ضد المرأة ) منتشرة في جميع دول العالم , حيث إن لهذا الإنتشار مجموعة من الإسباب التي تقف وراءها ... العوامل الثقافية والتربوية والتقاليد إضافة الى العوامل البيئية والإقتصادية , فضلاٌ عن الأسباب التشريعية التي نجدها في كثير من الإحيان تساعد على تشجيع ممارسة العنف ضد المرأة.
ومهما إختلفت السباب , تبقى ظاهرة العنف ضد المرأة , واحدة من أهم المشاكل التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية , وذلك يتطلب تكاتف الجهود والعمل على المستويات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والتشريعية , بشكل متكامل , للتغلب على تلك الظاهرة . ولا بد من الإشارة الى إن هذه المشكلة ليست قاصرة على بلد معين أو مجتمع بعينه , بل ظاهرة مشخصة في جميع دول العالم , بشهادة العديد من المنظمات العالمية التي تقف لمواجهة , تلك الظاهرة ,وهو ما يمثل تحديا كبيراٌ أمام المسؤولين والباحثين في هذا المجال .
يعد العنف مؤشراٌ على وجود أوجه الخلل في النسيج الإجتماعي التي يجب الأنتباه اليها , فهو مرآة تعكس نظرة واتجاهات أفراد المجتمع نحو بعضهم البعض , وحين يزداد معدل حدوثه ضد المرأة , فهذا يعني وجود إتجاهات سلبية نحوها , وبالتالي فأنه يجب أن نعمل على تغير تلك الإتجاهات , إذا ما أردنا النجاح على جبهة المواجهة .
أنواع العنف :
1_ العنف النفسي : وهو أي فعل مؤذي لنفسية المعنف ولعواطفه بدون أن تكون له أية آثار جسدية ,, إن الآلام الناتجة عنه ... تكون في الغالب أكبر لإستمراريته , ولكونه يحطم شخصية الإنسان , ويزعز ثقته بنفسه , ويؤثر على حياته في المستقبل , ومن مظاهر هذا العنف ( الشتم , الأهمال , عدم تقدير الذات , النعت بإلفاظ بذيئة , الإحراج , المعاملة كخادم , توجيه اللوم , الإتهام بالسوء , إساءة الظن, التخويف , الشعور بالذنب.
2_ العنف الجسدي : وهو أشد أنواع العنف , وأبرزها , وهو الذي يتعلق بإلأذى الجسدي , وأستخدام القوة , ويتراوح من أبسط الأشكال الى أخطرها وأشد مظاهره ( الضرب , شد الشعر , الصفع , الدفع , المسك بعنق اليد , الرمي أرضاٌ , اللكم , العض, الخنق, الحرق , الركل , الدهس .
3_ العنف الجنسي : وهو الإستدراج بالقوة والتهديد أما لتحقيق الإتصال الجنسي أو لإستخدام المجال الجنسي في الايذاء , كالتحرش , الشتم بإلفاظ بذيئة , الإجبار على ممارسة الجنس , أو الإجبار على القيام بأفعال جنسية لا تقبلها المرأة .
الأثار السلبية للعنف ضد المرأة :
تتراوح الأثار السلبية للعنف ضد المرأة , على جملة من الأشكال , منها النفسية , ومنها الصحية , ومنها الإجتماعية و الإقتصادية ( ومن آثارها النفسية ظهور أمراض نفسية جسدية , كالمشكلآت النسائية والأمراض الصدرية والى ما هناك من أمراض لا أساس عضوي لها , والتي هي نتيجة مباشرة للعنف الممارس على المرأة , لا سيما إن الأخيرة غالباٌ ما تلجأ الى المرض بصفته أحد المخططات الموقته التي تتوسلها لتجنب العنف والتحايل على وضعها في إطار مجتمعي يلزمها بالصمت والخضوع لإسباب متنوعة .... كما إن من آثارها الصحية , الإصابة بسوء الصحة البدنية والتناسلية , حيث تظهر على النساء المعنفات آثار إعتلآل الصحة العقلية وإداء وظائفها الإجتماعية , كما يزداد ميل المرأة التي تتعرض للعنف , على تعاطي المشروبات الكحولية والمخدرات والتدخين , واعتلآل في صحتها الجنسية , ومحاولة الإنتحار والتوتر , واضطرابات الجهاز العصبي المركزي , فضلاٌ عن الإصابات البدنية , كالكسور والألم المزمن , فضلاٌ عن كثير من الآثار الصحية التي من أخطرها هو الموت سواء كان أثراٌ للعنف الممارس ضدها أو نتيجة لإنتحارها ... كما أثبتت الدراسات إن هناك علآقة متنامية بين النساء اللواتي تعرضن للعنف أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية .
أما على الصعيد الإجتماعي , فان العنف الموجه ضد المرأة يحرمها من المشاركة الإجتماعية داخل المجتمع , حيث إن النساء اللواتي يتعرضن للعنف هن أقل إحتمالاٌ للحصول على وظيفة أو يعملن في وظائف متدنية .
كما يمكن أن يكون للعنف ضد المرأة آثار إقتصادية , حيث يقلل من مساهمتهن الإنتاجية داخل الأسرة , وكذلك المجتمع , كما يقلل من القدرة الإبتكارية .
وللعنف أسباب متعددة يمكن تلخيصها بما يلي :

1-التقاليد والعادات القبلية والاجتماعية السائدة والتي تقف دون تطور المراة أو إن تحول دون أن تاخذ دورها , كإنسان كامل الأهلية .
2- وأهم ما يتعلق بالنقطة الأولى هو التخلف الثقافي في المجتمع عموما , بحيث يكون الدور للمراة أقل مما تستحقه , قياسا ٌ للرجل .
3-السلطة الذكورية التي تبدأ من خلال تربية الأبناء ومن ثم في المجتمع الذي يقوم على التعالي وسحق حقوق الاضعف .
4- ضعف المرأة نفسها بحيث تكون بعيدة عن المطالبة بحقوقها الإنسانية أو الوطنية أو دورها السياسي والإقتصادي والإجتماعي .
5- النظام السياسي القائم في البلاد والذي يقف ضد تطور وتنامي دور المرأة .
6- الأزمات الإقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد مما تؤدي الى البطالة لتكون حصة المرأة هي الأكبر فيها .
7- التدهور في المستوى العلمي والمناهج التعليمية وتسرب الفتيات من المدارس مما ينشأ عنه جيل من النساء غير متعلم وغيرمؤهل للخروج الى سوق العمل .
من هنا نجد العنف ضد المرأة بإشكاله ...
والذي يبدأ من الأسرة والمجتمع ومن النظام السياسي والقوانين الجائرة التي تحط من إنسانية المرأة وآدميتها وتدعو الى فقدان الثقة بالنفس وعدم الشعور بالأمان اللازم للحياة والإبداع والتدهور الصحي , خاصة في حالات الزواج المبكر والذي يؤدي بحياة العديد من الشابات وعدم القدرة على تربية وتنشئة جيل بشكل تربوي سليم , ومن ثم فشل الحياة الزوجية والذي يؤدي الى تفشي حالات الطلاق والتفكك الأسري , إضافة الى التدهور الصحي والتعرض الى حالات نفسية خطيرة أو الإعاقة في حالات الضرب والقسوة وأخطر ما وصلت اليه هو الاغتصاب والقتل غسلاٌ للعار نتيجة لوجود عدد من القوانين الجائرة والعودة الى قانون العشيرة .
وعند العودة الى قانون العقوبات العراقي لعام 1969 نرى المادة 41... حيث تنص على عقوبة تاديب الزوجة .
المادة 111 و التي تنص على عقوبة الاعدام خارج القضاء , وما يدعى جريمة الزنا او القتل بدافع الشرف .
وفي قانون الوظيفة العامة وقانون المعهد القضائي حرم تولي المرأة بعض الوظائف مثل القضاء أو بعض المناصب العليا في الدولة لذا إذا أردنا الحد من العنف ضد المراة علينا ... أولاٌ : إجراء مسح شامل للقوانين التي تهدر حقوق المرأة في كافة المجالات وأن يكون قانون الأحوال الشخصية والتشريعات الخاصة بالمرأة والأسرة غير متعارض مع المعاهدات الدولية والخاصة بحقوق الأنسان وحقوق المرأة مثل العهد الدولي لحقوق الإنسان ومعاهدة سيداو .
ثانيا- التشريعات القانونية والحماية القضائية التي تضمن ليس فقط حقوق المرأة ومحاربة العنف ضدها , بل معاقبة كل من يعتدي على تلك الحقوق وكل من يمارس العنف ضد النساء , والمتابعة من قبل أجهزة الدولة المعنية ومعاقبة
مرتكبيه وانصاف الضحايا ورفض الأفكار والتقاليد التي تحط من شان المرأة ودورها .
ثالثا- وضع خطة لمحو الأمية ومن ثم التنمية البشرية ووضع البرامج والمشارع الاقتصادية والثقافية التي تساعد المرأة في الاستقلال اقتصاديا .
رابعا- توعية المرأة بحقوقها الانسانية والوطنية والقانونية كيلا تسمح أو تتهاون عن سلبها أو السكوت عنها .
خامسا- دور الاعلام الكبير في نشر الوعي ضد العنف والتوعية بثقافة متطورة إتجاه المرأة وان يتبنى الاعلام سياسة بناءة ازاء المرأة ومحاربة العنف ضدها وتعرية سياسة العنف وما يترب عليها من مآسي وذلك بوضع البرامج التوعوية الخاصة بإحترام المرأة وكونها نصف المجتمع .
سادسا- دور منظمات المجتمع المدني في توعية النساء بحقوقهن اولا , تعريفهن بتلك الحقوق ومساعدتهن في المطالبة بتلك الحقوق والدفاع عن المكتسبات التي تحصل عليها خاصة المنظمات النسوية والتي تقع عليها المهمة الاكبر , اضافة الى الاحزاب والقوى الوطنية , حيث لها الدور الريادي في مساعدة المراة تاريخيا كونها تمثل اكثر من نصف المجتمع .
سابعا- العنف ضد المراة يشكل حاجة , لانشاء مراكز تقييم ومعالجة في كل محافظة أو مدينة في العراق لتقييم حالات العنف الموجه ضد النساء وفتح مراكز لإيواء المعنفات من النساء لغاية حل مشاكلهن وايجاد العمل الملآئم لهن .
ثامنا- الإهتمام بموضوع الضمان الإجتماعي والضمان الصحي للحد من تدهور المستوى المعاشي وتفشي البطالة , حيث لا زالت قوانين الضمان الإجتماعي الخاصة بالنساء العاملات غير فاعلة ولا تستجيب لمتطلبات الوضع الجديد .
باسمة بغدادي

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-11-2013     عدد القراء :  1567       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced