التعذيب لصبية بعمر الورود من قبل أهل الزوج
بقلم : احلام يوسف
العودة الى صفحة المقالات

(س.ن) طالب  هي فتاة جميلة جدا، صغيرة في السن، اذ تبلغ من العمر 12 سنة، جمالها الاخاذ جعلها موضع انجذاب من قبل الامهات لتكون زوجة لأبنائهن ولم يفكرن للحظة ان تلك الجميلة ما هي الا طفلة لا تعرف بعد الخطأ من الصواب.
قررت احداهن وهي قريبة لامها ان تتقدم لخطبتها وكان سؤالها الاول «شاطرة بشغل البيت؟»، لان الزوجة بالنسبة اليهن فتاة خدومة تساعدها بأعمال البيت وحلوة كي تعجب ابنها ولا يعارض اختيارها، ولم تفكر تلك الام ان الجمال لا يمكن ان يكون اساسا لإسعاد ابنها او اسعادها هي ايضا كونها ستعيش معهم في البيت نفسه.
اما ما حصل لام الفتاة وام الولد (فلم يكن قد بلغ الثامنة عشرة بعد) فام الولد تزوجت وهي بعمر السادسة عشرة من رجل لا تعرف عنه شيئا الا ان عينيه عسليتان! وام البنت ايضا تزوجت وهي بعمر السابعة عشر عاماً لذا فلم يجدن العمر مشكلة، ولان ثقافتهن بكل تنوعاتها بسيطة جداً، فلم يكملن دراستهن بعد الزواج فبقيت مساحة تحركهن محدودة جداً مما حدّد مساحة تفكيرهن، فساعات يومهن تنتهي ما بين التنظيف والطبخ. لم تفكر اي واحدة منهن (وقد تكون معذورة بذلك) ان تمسك بكتاب لـ»نوال السعداوي» كي تعي مأساة النساء العربيات وبالتحديد اللواتي تزوجن بعمر صغير ولا حتى اي كتاب آخر ولا صحيفة قد يجدن يوما فيها موضوعا عن خطورة الزواج المبكر في زمننا هذا الذي تملأه الفوضى والتيهان.
هؤلاء النسوة عندما يطلبن من ازواجهن الخروج من البيت فيكون ام زيارة لبيت الاهل او لواجب اجتماعي والاحاديث التي تدور عادة هي عن المشكلات بسبب الزوج والاولاد ولم تفكر اي واحدة منهن ان تلك المشكلات وإرهاقهن منها قد يكون زواجهن المبكر احد اسبابها، كونها وضعت حملاً على كتفها الغض فاستنفذت كل طاقاتها كي تستطيع حمله والمضي في حياتها.
تقدمت ام الولد لخطبة البنت واسعدت امها بهذا الخبر لأنها تجد ان الزواج «ستر» للبنت خاصة وان من تقدمت لخطبتها من اقاربها وهذا ما اشعرها بان ابنتها ستكون بأمان وراحة، فموضوع المشكلات الزوجية التي لا تعد ولا تحصى والتي تكاثرت في هذا الزمن لا يقلق طالما ان الزوج قريب لها وكان القرابة هي «السحر» الذي يمكن ان يقضي على كل مشكلة من تلك المشكلات.
تزوجت الفتاة الجميلة من قريبها ولم تمض مدة طويلة حتى بدأت المشكلات تتولد بينهما وبينها وبين ام زوجها. البعض لام على اهل البنت تزويجها وهي لم تزل طفلة والبعض الاخر لزم الصمت خاصة ممن باركوا هذا الزواج المعاق، المشكلات بدأت تكبر وبدأت تأخذ منحى اعنف عندما اصبح الضرب اسلوب التعامل مع تلك الطفلة المسكينة.
هناك من طالب اهلها بان يسكنها زوجها ببيت منفصل عن اهله وهناك من اصر على ان الطلاق هو الحل لإنقاذها، لكن موضوع البيت كان صعبا بالنسبة للزوج اما الانفصال فهذا كارثة بالنسبة للأهل كونها طفلة فلا يصح ان توصف بالمطلقة، لكن ان توصف بانها مظلومة ومعنفة اهون بالنسبة اليهم، لذا فقد استمرت بهذا الزواج واصبحت اماً لطفلين وهي لم تزل طفلة فكيف لطفلة ان تربي اطفال؟ وباي طريقة يمكن ان تجنبهم الخطر وتعلمهم الصواب والخطأ وكيف يمكن ان تعلمهم التصرف الصحيح وهي لم تتعلم بشكل كاف هذا الموضوع؟
قبل فترة قصيرة وبعد ولادتها لطفلها الثاني بأشهر قليلة تعرضت تلك الفتاة للضرب والتعذيب من قبل اهل زوجها بحجة انها تطاولت على ام زوجها لكن التعذيب الذي تعرضت له لا يمكن ان يبرر ولو بحجة التطاول كونه ينتمي الى الاجرام بحقها.
أرتنا آثار الضرب على جسدها الغض فارتعبنا منها لأنها كانت تشبه اثار اطفاء سيكار وكدمات عنيفة على ذراعها ووجهها مما اشعل نيران الغضب بقلب عائلتها التي كانت ردة فعلها بدرجة العنف نفسه وهذا وضع العائلتين بموقف بشع، فكلٌّ منهما يريد الانتقام من الآخر وفي الحقيقة الضحية الوحيدة في هذا الموضوع هي الفتاة البريئة التي زوجها اهلها من دون ان تعي خطورة الخطوة والطريق الذي زجوها به، فلم تكن تفهم غير فستان العرس الابيض والغرفة الخاصة التي ستكون ملكا لها من دون مشاركة من اخت او ام وحفلة خاصة بها.
رجعت البنت الى بيت اهلها بعد ان حاولوا «سترها» ببيت الزوجية وهي الان مطلقة محرومة من طفليها بعد ان اخذهما اهل الزوج ودخلت العشيرة بموضوع الفصل العشائري لان ابيها من عشيرة اخرى ووجد الاعتداء على ابنته اعتداءً عليه هو شخصيا.
تلك الفتاة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة التي ترمى ببيت رجل وهي لا تعرف مبادئ التعامل مع الجنس الاخر فكيف برجل سيجمعها معه سقف واحد وغرفة واحدة. هناك فتيات زوجوهن بعد ان زور الاهل تاريخ ميلادهن واخريات تزوجن بعقد شرعي فقط، فلم تحفظ حقوقهن القانونية! ولم يفكر الاهل ولو مرة واحدة بمستقبل بناتهم فيما لو حدث مكروه لهذا الزواج.
السؤال هنا من يتحمل تبعات هذا القرار؟ الطفلة التي لا تفهم شيئا عن الحياة بشكل عام؟ ام الاهل؟ وان عرف المسبب هل سيكون هذا حلاً؟ وهل ان الفصل العشائري في القصة التي تحدثنا عنها سيكون علاجا للجروح الجسدية، والاهم النفسية التي تعرضت لها تلك الفتاة؟ هل سيكون حلا لإرجاع تلك الطفلة الى براءتها وحياتها البسيطة التي كانت تعيشها في بيت اهلها؟ والاطفال الذي ولدوا في عائلة مهزومة تلك الهزيمة كيف يمكن ان ينشأوا؟ وهل سيكونون اولاداً صالحين في المجتمع ام تراهم سيكونون ضحايا لأناس اخرين وقد يصبح همهم بعد ذلك الايقاع بضحية اخرى كي يتشفوا بها او كي يشعروا بانهم قادرون على رفع الحيف عنهم بحيف اخر يكونون سبباً فيه؟ ما دور الاعلام وهو يتحدث بكل وسائله عن الزواج المبكر وخطورته على الفتاة نفسياً وجسدياً وما هو دور القانون الذي يمنع الزواج بفتاة دون عمر الثامنة عشرة؟ كيف يمكن ان نردع هؤلاء الاهل عن اتخاذ مثل تلك الخطوة من دون ان نوفر لهم معيشة كريمة وحالة اقتصادية ميسورة خاصة ونحن نعلم ان الكثير منهم يلجؤون الى تزويج بناتهم لانهم يعيشون بوضع اقتصادي صعب، هل سيكون موضوع تحديد النسل حلا ونحن نعلم ان مثل تلك الزيجات تحدث في البيئات الفقيرة والتي عادة ما تكون الاسرة فيها كبيرة من ناحية عدد الاولاد.

  كتب بتأريخ :  الخميس 28-11-2013     عدد القراء :  1741       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced