لا نكتفي بالتفسير... مهمة التغيير تتطلب استنهاض الطاقات
بقلم : د. كاوة محمود
العودة الى صفحة المقالات

تحدد الاحزاب اليسارية لنفسها جملة من المهام السياسية الأساسية لكي تكون منطلقاً عاماً في عملها الحزبي المقبل. ويتم تحديد هذه المهام، ورسم البرامج، وتوجيه الخطاب السياسي، وفق دراسة واستيعاب الواقع الاجتماعي بكل تناقضاته، وتحديد القوى الاجتماعية المحركة لعملية التغيير الاجتماعي، ودور الطبقات والفئات الاجتماعية، وبالأخص تلك القوى الاجتماعية التي تعتبر الحاضن الأساسي للمشروع السياسي. واذا كان التشخيص الصحيح للواقع ولتناقضاته يمثل اللبنة الأساسية والضرورية في رسم السياسة وتحديد المهام، فان تحقيق النجاحات لا يأتي بشكل آلي، كما لا تعطي المقدمات الصحيحة في رسم السياسية نتائج مثمرة، ما لم تقترن تلك المقدمات الصحيحة والتشخيص الموضوعي للواقع، بالعمل النضالي الملموس المثابر والمثمر. واذا كنا قد حددنا مهمتنا بعدم الاكتفاء بتفسير العالم، بل بتغيره، فان عملية التغير لا تأتي بشكل عفوي، بل من خلال مشاركة الأفراد الواعين في تلك العملية. فالمحصلة النهائية تتجلى بدور الناس ومسؤوليتهم في صنع تاريخهم وطرق حياتهم. وهنا يكمن دورالعامل الذاتي، وضرورة تفعيله، في عملية التغيير الاجتماعي.
اذا تحدثنا عن العامل الذاتي بشكل ملموس، سنواجه مهمات محددة وملموسة. فلا يمكننا الحديث عن تفعيل العامل الذاتي دون التأكيد على ضرورة تنظيم الجماهير وتثقيفها وتعبئتها، بمفردات مشروع التغيير والتقدم الاجتماعي. وقد أثبتت تجارب الشعوب والقوى المناضلة من أجل التحرر والتقدم الاجتماعي، بأنه لا يمكن الركون الى عفوية الجماهير وتلقائيتها لتحقيق ما نصبو اليه من برامج وشعارات سياسية.
والسؤال الذي ينبغي اثارته هنا: هل يمكن تنظيم الجماهير وتثقيفها وتعبئتها، دون وجود حزب سياسي فعّال، وحركة سياسية واسعة قادرة على أداء تلك المهام؟
قد لا نختلف في مسألة الربط بين طرفي المعادلة أعلاه.. بين وجود الحزب الفعّال والتحرك في اطار أوسع من الحزب السياسي ومهمة تنظيم الجماهير، فالتجارب النضالية لمختلف الشعوب تعطينا دروسا واقعية حول الابتعاد عن العفوية، وضرورة التنظيم والعمل المنسق للتاثير على الحراك الجماهيري وتوجيهه ووضع اهداف واضحة وبرامج عمل فاعلة. وهذا ما يؤكد ضرورة الحزب السياسي. غير أن الحزب لكي يكون فعّالاً ومؤثراً على الحراك الاجتماعي ومساهما في خلق تلك الحركة السياسية الفاعلة، لا بدَّ أن يكون متوطداَ في تنظيمه، جامعاً لمنظمات حزبية متماسكة في عملها، ومؤثرة في مجال نشاطها وتواجدها الفعلي بين مختلف الأوساط الاجتماعية الحاضنة لمشروعه السياسي.
انطلاقاً من هذه الوجهة، ليس من باب الترف الفكري والسياسي، اذا ما جرى التأكيد دوما على ضرورة تعزيز صفوف الحزب للانطلاق نحو العمل لتوحيد قوى الشعب الوطنية، لتحقيق المهام الراهنة المتجسدة بمتطلبات ضرورات التقدم الاجتماعي. وبتطلب الامر بذل المزيد من الطاقات والارتقاء بالقدرات، والابتعاد عن الموسمية، وديمومة النشاط، وعدم التراخي أو الكسل والانغماس في العمل الروتيني.
ان التحدي الكبير أمام اليسار هو تحويل القرارات والتوجهات السياسية الى مسائل يومية ملموسة ومحسوسة من قبل الجماهير، والسعي لخلق حالة نوعية جديدة على طريق مواجهة المخاطر، وتحقيق الديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
ان القوى المدنية عامة واليسار الديمقراطي خاصة مدعوة الى الارتقاء بحضوره السياسي والفكري والاعلامي والثقافي، ووجوده التنظيمي، نوعاً وكماً، وتقوية صلاته وعلاقاته بالجماهير وتبني مطالبها والدفاع عنها، والارتقاء بالوعي الاجتماعي وإشاعة وترسيخ قيم ومفاهيم العقلانية والديمقراطية. وهذا يتطلب التوظيف السليم للإمكانيات والطاقات المتوفرة.
ان هذه الوجهة من شأنها أن يحقق ما نسعى اليه من تغيير وعدم الاكتفاء بتفسير ما يحدث في مجتمعاتنا.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 03-12-2013     عدد القراء :  1598       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced