محاولة للالتفاف على إرادة الناخبين:"أقمار" مشحونة بالضغائن والخديعة..!
بقلم : فخري كريم
العودة الى صفحة المقالات

بعد نجاح الكتل البرلمانية الكبيرة في إمرار تعديلاتها على قانون الانتخابات التشريعية، ليلبي تطلعها كيما تحصد ما تستطيع من أصوات الناخبين، رأت ان ذلك لا يكفي لحرمان المواطنين من إيجاد متكآتٍ مدنية تصوّت لها، او خياراتٍ حقيقية تمنحها مزيداً من البدائل التي تستحق ولو بالحدود الدنيا تمثيل إرادتها، لعل بإمكانها العمل من داخل البرلمان لتنقيتها من مثالب المحاصصة الطائفية، وما شاع في الحياة السياسية من فساد سياسي ومالي وإداري.
ورغم الأجواء المحبطة التي تخيم على البلاد جراء الاستباحة اليومية للدم العراقي، وما يحيط بالعراقيين من خيبات أمل ومعاناة حياتية، فان بصيصاً من الأمل يراودهم بإمكانية تغيير في مجرى الأحداث، أو شروعٍ في إيقاف التدهور المستمر في الأوضاع على مختلف الصعد والميادين الحيوية، الأمنية والسياسية والاقتصادية والمعيشية، كنتيجة مباشرة للانتخابات التشريعية في نيسان من العام القادم، وما تفرزه من نتائج يمكن أن تؤدي إلى إقصاء أو تحجيم نفوذ الفريق الحاكم الذي وضع العراق على شفا الانهيار.
ولا ضمان لتوسع دائرة الأمل بين الأوساط الشعبية الواسعة، المكتوية بضغائن واستهدافات الفريق المتسلط على كل مفاصل الدولة الفاشلة، أو الحفاظ على القدر الذي يبدو متشبثاً بأذياله حتى اللحظة، فالنزوع السلبي نحو إجهاض العملية الديمقراطية "الانتخابية" التي بدأت مع الحملة الانتخابية المبكرة، لبعض القوائم المهيمنة على المال والسلاح وأجهزة ومؤسسات الدولة، من شأنها أن تلعب دوراً في  تبديد الامل، وتشتيت الجهود الرامية لتكريسه والارتقاء به، لعله يتطور مع اقتراب موعد الانتخابات فينجح في جذب أوسع ما يمكن من الناخبين الى الإدلاء بأصواتهم، وتفعيل صندوق الاقتراع وجعله وسيلة وأداة تغيير، يُعيد العملية السياسية الى مساراتها الديمقراطية التي عطلتها الرغبة الجامحة في اغتصاب السلطة والانفراد بها، وافراغ الدستور من ثوابته وتعطيله، والالتفاف على ما تحقق من مكاسب ضئيلة ومنجزات حامت حولها الشكوك.
ولأول مرة منذ سنوات، تشعر القوى المهيمنة على العملية السياسية والدولة ومراكزها المقررة، انها لم تعد قادرة على بسط إرادتها على العراقيين، وتكييف توجهاتهم لتتساوق مع نزوعها وتوجهاتها التسلطية المغامرة. والبعض منها بات يُدرك ان الأساليب التقليدية التي مارستها طوال السنوات الماضية لخلق حالة استقطاب وتخندقٍ مشبعٍة بالكراهية والنفور الطائفي، لم تعد فعالة بما يكفي، لكسب ولائها، وانحيازها. فالتجربة العملية، قوّضت الثقة بادعاءاتها في انها تشكل الضمان لحماية "سلطتها" من التآمر والتقولات الباطلة الاخرى. كما ان الوعي الجمعي، بأساليب الالتفاف على إرادتها خلق فجوة اتضح من خلالها ما كان يُراد من التحريض على الفتنة، وإدامة التوتر، وتدوير الأزمات، للتمكن من الهيمنة، وتعطيل إرادة بناء دولة الحريات والمؤسسات وحقوق المواطنة المتساوية.
وهذه الانتباهة من القوى المتنفذة في الدولة، وفي مقدمتها كتلة دولة القانون، للمتغيرات السياسية، جعلها تبحث عن اساليب مستحدثة لتشتيت وعي الناخب، ووضعه في حالة من التيه وفقدان البوصلة في اختيار المرشحين والقوائم الانتخابية في الدورة القادمة. ومن بين تلك الاساليب، التظاهر بانسلات عناصر ومجاميع من الكتل الكبيرة، وتشكيل قوائم صغيرة، تتبنى تسميات جديدة، وشعارات مغايرة، ولا تتوانى في تبني خطاب سياسي، يستجيب للمزاج العام المناوئ للطغم الحاكمة، حتى وان اقتضى الامر، التنديد بالكتل الام وزعاماتها، وتسليط الضوء على بغض ممارسات الفساد ونهب المال العام، او الاتفاق بالتضحية ببعض "أكباش الفداء".!
وقد ظهرت في الايام الاخيرة بوادر من هذا "الحمل الثقيل" لعناصر الفساد السياسي والمالي، وهي تعلن تغيير اصطفافها، وتخليها عن ولاءاتها السابقة، وتكوينها قوائم جديدة بشعاراتٍ مخاتلة ومفضوحة. وليس بمعزل عن الاحساس "الدوني" لبعض القيادات المهيمنة بوعي المواطن، والتقليل من شأنه وإدراكه لما يدور حول من مناورات ومظاهر مشبوهة، لم تجد لتسويق اسلوبها الجديد في "تفريخ" القوائم لتشتيت اصوات الناخبين، الا تلك العناصر المفضوحة بتورطها في كل الصفقات والمناورات التي ارتبطت بالفريق الحاكم في المنعطفات السياسية، وهي عناصر مشكوك بصدقيتها وبولائها للعراق الديمقراطي، مستعدة كما اثبتت الوقائع الدامغة ان تبيع الوطن في سوق النخاسة.
ولأنها مستجدة في العمل السياسي الديمقراطي، او لا تفهم من الديمقراطية كنظام سوى شكلياته وكونها أداة للوصول الى الحكم، والاستئثار بالسلطة وامتيازاتها ومفاسدها، فأنها تبدو على المكشوف، وهي "تستحدث" صيغة ما بات يُعرف "بالأقمار" التي تتحرك وتحوم في مدار القمر الأم "الكتلة الكبيرة". فالمتمردون على زعيم دولة القانون وحزب الدعوة، يجدون في التعريض بالمالكي والتشكيك بنهجه "الوطني" الذي "صار طائفياً" حسب ما يصرحون به لتزكية قرارهم بالخروج عن طاعته، اصبح موضوعاً اثيراً لتسويق بضاعتهم القديمة الجديدة، وهم بذلك يماثلون "المطيرجية" الذين يدربون افضل طيورهم للاندساس بين اسراب الجيران لاغواء طير فحل او اكثر وانضمامه، او بالأحرى سرقته وتوطينه في السرب الجديد. لكن المؤسف ان هؤلاء المطيرجية السياسيين لا يجيدون هذا الكار، فيختارون من هو على استعداد للإغواء في كل لحظة.
يُراد بـ"الاقمار" الانتخابية، التحايل على الناخب، وتقديم بدائل تبدو غير مكشوفة له لينتخبها، ان وجد القائمة الأم "دولة القانون" مثلاً لا تلبي الطموح، لكثرة مثالب مرشحيها، وهي وسيلة اخرى ايضاً للالتفاف على القوائم الصغيرة وحرمانها من الاستفادة من صيغة سانت ليغو المعدل، المتلاعب به.
على ذكر "الاقمار" الخادعة، كان المار بمدخل شارع الكرادة - داخل في السبعينيات، يلتقي بمحل بيع البقلاوة المسمى "خوش بقلاوة"، وبعد سنوات، كان المار ما ان يجتاز محل "خوش بقلاوة" هذا بمسافة امتار يفاجأ بمحل جديد يحمل لافتة "هم خوش بقلاوة"..!!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 10-12-2013     عدد القراء :  1431       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced