ميزانية اقليم كوردستان لعام 2014 والتحديات المتوقعة
بقلم : د. كاوة محمود
العودة الى صفحة المقالات

بعد الانتهاء من تشكيل الكابينة الثامنة لحكومة أقليم كوردستان، ستكون مهمة اقرار ميزانية الاقليم أولى مهام البرلمان الكوردستاني الجديد. لقد أنجزت الحكومة الحالية في الوقت الحاضر الخطوط الاساسية وأعدت مسودة مشروع قانون ميزانية الاقليم لعام ٢٠١٤، والتي ستكون حسب النسب المخصصة في ميزانية الحكومة الفدرالية لاقليم كوردستان. وهذه النسبة في المحصلة النهائية وفي حقيقتها تبلغ للسنة المقبلة ١٠٪ من ميزانية العراق، لان الحكومة العراقية تتعامل بنسبة ١٧٪ المتفقة عليها بعد استقطاع النفقات السيادية التي تزيدها حكومة المالكي سنة بعد أخرى، وهي بالتالي تؤثر سلبا على النسبة المخصصة للمحافظات ولاقليم كوردستان، اضافة الى استقطاع النفقات الحاكمة قبل التعامل بالنسبة المقررة، علما ان قسما كبيرا من حصة الاقليم من تلك النفقات لا تصل.
الاشكاليات الموجودة في الميزانية الاتحادية تنعكس بشكل مباشر على ميزانية اقليم كوردستان. فطابع الاقتصاد الريعي والدولة الريعية والاعتماد على مصدر واحد وأساسي للدخل القومي (واردات النفط)، جعل من الاقتصاد الكوردستاني ريعيا رغم امكانيات الاستفادة من فرص الاستثمار الحالية والتي توفر امكانية واضحة بالتزامن مع مراجعة جدية لمجالات ومصادر الدخل الاخرى وامكانية تفعيلها بشكل واضح.
على الرغم من ضرورة مشاركة المحافظات واقليم كوردستان في اعداد الميزانية العراقية، الا ان تهميش هذه الاطراف اصبح سياسة متبعة من قبل حكومة المالكي منذ سنوات. وعلى العموم تستخدم موضوعة الميزانية ككارت سياسي من قبل الحكومة الفدرالية، ومن المتوقع ان يستخدم هذا الكارت عام ٢٠١٤، بعد مد خط انبوب النفط بين اقليم كوردستان وتركيا، والاتفاق المبرم بين حكومة اقليم كوردستان والحكومة التركية حول تصدير النفط.
وحسب ما هو معلن لحد الآن تبلغ الميزانية التخمينية للعراق لعام ٢٠١٤ حوالي ١٧٤ ترليون دينار. وبعد استقطاع النفقات السيادية والحاكمة التي ازدادت هذا العام، تبلغ النسبة المقررة لحكومة اقليم كوردستان حوالي ١٨ ترليون، تصرف النسبة الاكبر منها في مجال النفقات التشغيلية، حيث من المتوقع ان تصل تعويضات الموظفين أكثر من ٧ ترليون بزيادة ترليون عن العام الماضي. ومن المتوقع ان يكون مقدار العجز في ميزانية الاقليم ما يقارب ٢ ترليون دينار.
ان احدى التحديات التي تواجه الاقليم تكمن في مسألة معالجة العجز المتراكم بسبب عدم ايفاء الحكومة الاتحادية لمخصصات البيشمركة ورواتبهم. ومن الخطأ أن يكون التصور بأن الحكومة الاتحادية تفي بهذا الالتزام في ظل الظروف السياسية الحالية، في وقت يبلغ المخصص للجانب الامني بمختلف مجالاتها (بيشمركة، داخلية، أسايش وغيرها ٢٨٪ من ميزانية الاقليم وهذه النسبة عالية على الرغم من ضرورة عدم الاستهانة بالملف الامني. غير ان هذا التحدي لن يكون الاول والاخير وذلك للاسباب التالية:
ـ طبيعة الاقتصاد الريعي ومفهوم الدولة الريعية السائد في كوردستان.و هذا المفهوم يساعد بشكل مباشر على الاستمرار في الانفاق الزائد غير المبرر، وتفشي النزعة الاستهلاكية.
ـ الزيادة السنوية الحاصلة في تعين الموظفين الحكوميين دون برمجة، مما يؤثر سلبا على زيادة الانفاق والتشويه في مجال مفهوم الوظيفة العامة بالشكل الذي يهدر الطاقات البشرية ويقلل من أداء العاملين في مجال الخدمة العامة. وفي المحصلة النهائية تحصل الزيادة في الميزانية التشغيلية على حساب الميزانية الاستثمارية.
ـ الزيادات الحاصلة في المخصصات دون دراسة معمقة والاستجابة غير المدروسة الى الطلبات في هذا المجال من أجل الترضية فقط.
ـ عدم استيفاء اجور الكهرباء والماء بشكل جيد والافتقار الى آليات واضحة لجباية هذه المبالغ.
ـ ضعف النظام المصرفي في الاقليم.
ـ التسهيلات المقدمة في قانون الاستثمار في كوردستان للقطاع الخاص والاستثمار الاجنبي، مما يشكل ثقلا على كاهل حكومة الاقليم، في حين لا يساهم هذا القطاع بدوره المطلوب حتى في توفير فرص العمل لللعمالة الوطنية.
ـ ضعف مساهمة القطاعات الاقتصادية الاخرى كمصادر للدخل القومي.
ـ عدم النجاح لحد الآن في مجال سياسات التشغيل بما ينسجم ومفهوم اقتصاد السوق غير المنفلت، في وضع لا تزال الدولة تتعامل بضبابية حول مهامها ووظائفها ومسؤولياتها في مجال السياسات ذات الطابع الاقتصادي ـ الاجتماعي.
ان اللوحة الشائكة أعلاه تتطلب البدء بسياسة الاصلاح المالي، وعدم التعامل مع الميزانية كونها مجرد ارقام، بل كونها ارقام تعبر عن معطيات ونائج لسياسات وحصيلة لبرامج سابقة مبنية على انفلات السوق وضعف دور الدولة وعدم الاضطلاع بمهامها الاقتصادية ـ الاجتماعية.
ان الاستمرار في السياسة السابقة من شأنها ابقاء وزارة المالية والاقتصاد الحالي، في اطار كونها في الواقع العملي مجرد وزارة للحسابات المالية، ولا علاقة لها بالسياسات الاقتصادية او التعامل وفق كونها وزارة معنية بالتعامل مع المال العام وترجمة سياسات مدروسة للحكومة في هذا المجال.
وعلى العموم ينبغي التركيز في العام القادم على السياسة النفطية من خلال انجاز واستكمال التشريعات المنظمة لهذا المجال، وانشاء صندوق للاجيال القادمة من واردات النفط، وانتهاج المزيد من الشفافية والوضوح سواء في مجال العقود وابرامها وفق المعايير الدولية وبما ينسجم وحماية الثروة النفطية الكوردستانية، والسعي لتطبيق قانون استحصال حقوق الاقليم من الحكومة الفدرالية.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 13-12-2013     عدد القراء :  1682       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced