هل تعالج الانتخابات البرلمانية أزمات العراق؟
بقلم : د. كاوة محمود
العودة الى صفحة المقالات

مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب العراقي تتفاقم أزمة الحكم المزمنة في العراق، دون أن يبدو في الأفق القريب وفي ظل الحكومة الحالية أملاً لمعالجات ناجحة، تعيد الامل بالاستقرار وتعزز ثقة المواطن بقدرة الدولة على حماية الأمن ومكافحة الارهاب وتوفير الحاجات الأساسية والخدمات الضرورية، بما يؤمن العيش الكريم اللائق بالمواطن العراقي.
تتمحور جوهر الأزمة في أذكاء الطائفية وفي نهج الاستئثار بالسلطة وتركيز السلطات والتفرد في اتخاذ القرار من قبل المالكي، وتعطيل دور مجلس النواب العراقي، وتهميش القوى السياسية التي تمثل المكونات العراقية الأخرى، واهمال مطالب المحافظات والتجاوز على صلاحيات المجالس المنتخبة فيها، والاستحواذ على القرار السياسي واستخدام الجيش والقوات المسلحة في النزاعات السياسية. وتميزت الفترات الماضية بتدخل فض للسلطة التنفيذية في شؤون القضاء العراقي مما يهدد مبدأ استقلالية القضاء.
وتتجلى الأزمة في جانبها الآخر في تعامل ادارة الشأن السياسي في البلاد بعقلية الدولة المركزية المفرطة، وأدى هذا الأمر الى توتير العلاقات بين أقليم كوردستان والحكومة الفدرالية، بسبب التلكؤ في حل الملفات العالقة وأهمها ملف المادة ١٤٠، وعدم التزام الحكومة الفدرالية بالاتفاقيات والتعهدات المبرمة ومنها اتفاقية أربيل التي أنشأت الحكومة الفدرالية الحالية، اضافة الى وضع العراقيل للحيلولة دون استخدام أقليم كوردستان حقه في استخراج النفط والغاز حسب بنود دستور العراق الفدرالي، وعدم الاستجابة لمطالب الاقليم وحقه في المساهمة في اعداد الميزانية الفدرالية، واستمرار نزعة الحكومة الفدرالية في التوسع من المخصصات للنفقات السيادية دون مبرر، والتي تؤثر سلبا على حصة مجالس المحافظات في العراق وحصة الأقليم من ميزانية العراق.
لقد أوجدت كل هذه الظروف أرضية ملائمة لانتعاش نشاطات قوى الارهاب من بقايا البعثيين الصداميين وبقايا القاعدة مستغلين مطالب الناس المشروعة وعدم استجابة الحكومة لحلها ورهانها على عامل الوقت لانهاء الاستياء الشعبي. وكانت التفجيرات والاعمال الارهابية الاخيرة التي استهدفت مدينة كركوك لزعزعة الامن والاستقرار وخلق توترات سياسية واعاقة الاعمار، دليلا على تصاعد الارهاب وتجاوزه الى مديات اخطر من خلال التغيير النوعي في طرق واساليب الاعمال الارهابية.
تجري هذه التوترات التي تعمق من الأزمة العراقية في ظل توترات أقليمة على أثر استمرار الأزمة السورية وتزايد القمع المنظم ضد الشعب السوري وتفاقم الاصطدامات ذات الطابع الطائفي، وتورط أطراف اقليمية في ارسال القوات والمساعدات العسكرية لدعم النظام السوري، وتزايد نشاطات الارهاب المتأسلم في سوريا، وتجاوز تلك النشاطات حدود سوريا لتصل الى كوردستان وعموم العراق.
ان هذه اللوحة السياسية الشائكة تتطلب من كافة الأطراف العراقية المشاركة في العملية السياسية والتي تتهيأ لخوض انتخابات مجلس النواب القادم التعهد أمام الشعب بتدارس الأوضاع انطلاقا من مصلحة الشعب العراقي بشكل عام وعلى اساس مبدأ الشراكة والاستجابة للمطالب المشروعة لأهالي المحافظات، وحل الاشكاليات الموجودة بين الحكومة الفدرالية وبين حكومة الاقليم على اساس روحية الدستور ومواده والالتزام بالاتفاقيات المبرمة، والتخلي عن نزعة التفرد والتعنت والاستئثار بالقرار.
ولكي تكون تلك المساعي بناءاً ومفضياً الى نتائج عملية، تساعد على خلق الاجواء الكفيلة بقناعة الناخب العراقي للمشاركة في الانتخابات واختيار ممثله بعيدا عن الهاجس الطائفي والتناحر المذهبي والفئوي الضيق، وبما يسهم في ايجاد مخرج واقعي للأزمة على أساس انتصار الديمقراطية والارادة الحرة للناخب العراقي بعيداً عن عقلية الغالب والمغلوب، لابد من مراعاة الاسس التالية:
ـ عدم تحشيد الجماهير على أسس طائفية، أو من خلال شحن المشاعر على اسس دينية في الحملات الدعائية.
ـ التاكيد على التزام القوائم الفائزة بأهمية الحوار في كافة المجالات للتقارب والتعامل مع نقاط الخلاف، بعد نتائج الانتخابات، وأن لا يكون هناك موضوع او ملف خارج اطار الحوار.
ـ اطفاء بؤر التوترات الطائفية والاحتقانات الناشئة عن تسعير الخطاب الطائفي الذي من شأنه دفع العراق الى أتون حرب طائفية تهدد وحدته وسلامة مواطنيه.
ـ الالتزام بالدستور واحترام الاتفاقيات المبرمة سابقاً، والوضوح السياسي في الالتزام ببناء الديمقراطية والمؤسسات والمضي في الاصلاح ومواجهة الفساد.
ان تجربة السنوات السابقة في كيفية ادارة البلاد واتخاذ المواقف أبان الازمات، تظهر النوايا والتوجهات الحقيقية لكل الاطراف السياسية، وآن الأوان للناخب العراقي أن يراجع خياراته السابقة في التصويت من خلال الحكم على القوى السياسية المشاركة في الانتخابات عبر التصويت لها من عدمه وفق حصيلة العمل وموقف كل طرف سياسي من الاشكاليات والقضايا التي تمس حياة المواطن وأمنه وكرامته وبما يوفر العيش اللائق به.

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-12-2013     عدد القراء :  1554       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced