دوامة ..
بقلم : عبد المنعم الاعسم
العودة الى صفحة المقالات

دوامة.. هذا ما يحدث في كواليس السياسة والبرلمان والحكومة ومحافل الاستعداد للانتخابات: هجوم وانسحاب، ثم هجوم وانسحاب، ثم تهدئة مؤقتة. هكذا يتناوب المتشابكون على المواقف والمواقع، بعدها، تنتقل المواجهة الى جبهة أخرى وملف آخر، وتعبئة جديدة الى ملف مرشح لمواجهة في مكان آخر، وقد تنكسر حلقة في موقع ما لكنهم سرعان ما يعيدون الامور الى نصابها، وكأن شيئا لم يكن.
في هذا الحال من المستحيل للمراقب ان يحسب الخسائر في صفوف المتشابكين، لانها في الواقع لا وجود لها. الخاسر الوحيد هو الجمهور، الملايين الغفيرة التي تتفرج على هذا العبث، وتتلقى شظايا المعارك، وتُحرم من الامن والكهرباء وفرص العمل والخدمات البلدية والتعليمية، وليس لها في الاشتباكات الدائرة ناقة ولاجمل، الشيء الوحيد الذي بالامكان رصده هو الدور الذي يلعبه وكلاء المتشابكين في تغذية الدوامة باسباب الاستمرار.
المؤشرات تؤكد بان نفق هذه الدوامة طويل، ولا ضوء فيه، بل ولايبدو أثرا للارهاق في صفوف اصحابها الذين صاروا يغيّرون طواقمهم ويتبادلونهم لتجديد الدماء والحماسات والهمم بما يدفع الدوامة الى ذرى جديدة والى كر وفر جديد، وفي هذا الوضع، غير مسموح، كما يبدو، ان ينتصر احد منهم، وأنْ يلقي بالاخرين الى خارج المعادلات، وهذا هو زيت الدوامة ومفعولها.
الانتصار على الآخر الخصم، ونحن نتحدث عن الدوامة، لا تصنعه الرغبات والاهواء. هكذا هي السياسة، فن الممكن. الممكن هنا جملة من المفاتيح المعقدة موزعة على الكثير من اللاعبين الذين لايثقون بنوايا بعضهم، كما ان مشكلة الثقة تتمثل في انها مثقوبة بالمحاصصة، ولا احد على استعداد لكي يعطي من حصته ويخلد الى الراحة. كان مترنيخ، مهندس الصفقات اللااخلاقية، يقول اعطوني ساعة واحدة أغـّير فيها مجرى الاقدار، لكن على السياسيين قبل ذلك (يقول) ان يخلدوا الى الراحة ويتركوا الساحة الى صفقات قد لا ترضيهم. فمن الذي يعلن انه سيأخذ بنصيحة مستشار النمسا الذي وُصف في قواميس السياسة بالداهية؟ النصيحة تلك باهضة التكاليف؟.
وماذا بعد؟.
الدوامة تبدو لعبة كر وفر. الكل يكرّون، والكل يفرّون، ونحن، المتفرجون، نتأسى على ما يحدث، ونخسر دماء ودموعا، والشبعان لايدري بالجوعان، بانتظار معركة جديدة تدخل في وقود الدوامة من اجل ان يبقى الوضع معلقا من رجليه، ولايهم ان ينال اصحاب الدوامة سمعة لاتُشرّفُ أحدا.

“إذا شبع المرء.. لم يجد للخبز طعماً”. مثل اسكتلندي

  كتب بتأريخ :  الإثنين 16-12-2013     عدد القراء :  1669       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced