العلمانية...انها ليست مؤامرة ضد الدين بقلم : د. كاوة محمود العودة الى صفحة المقالات عمل القوى الدينية المحافظة في أغلب المجتمعات شرق ـ أوسطية، على اساس التعامل مع جملة من المفاهيم المعرفية بمواقف مسبقة وبمعايير تصنيف المفاهيم على أسس الفصل بين المقدس واللامقدس، وبمنهجية بعيدة عن مفرادات الواقع واسس العقلانية. وعلى ضوء هذا التصنيف يتم ادخال جملة من المفاهيم في خانة المحرمات. العلمانية هي احدى هذه المفاهيم التي يتعامل معها الفكر الديني السلفي من خلال وضعها في دائرة المحرمات. ويرجع سبب ذلك الى منهجية الفكر الديني السلفي التي تعاملت ومنذ بدايات بلورتها في المجتمعات الاسلامية بمنطق العداء والصراع والتناحر مع الاتجاهات العقلانية في الفكر الاسلامي التي أرادت الاعتبار لقيم حرية الفرد ومسؤوليته تجاه افعاله، والحق في الاجتهاد بالرأي بما ينسجم مع نبض الحياة ومتغيرات الواقع. ليست العلمانية مؤامرة تاريخية مفبركة ضد الدين. وقد انبثقت قبل أن تصبح مفهوما فكريا متبلورا، كحركة اجتماعية لوضع حد للتجاوزات والجرائم التي كانت تقترف من خلال استخدام واستغلال المشروعية الدينية من اجل الحفاظ على مصالح البعض واستغلال الآخرين. ليست العلمانية دينا يقوم بنسخ دين آخر ليحل محله، بل هي أي العلمانية مفهوم كغيره من المفاهيم في مجال العلوم الاجتماعية تبلور وتطور من أجل منع توظيف الدين في السياسة، وفصل الدين عن الدولة، ومنع اضطهاد الناس باسم الدين، وفي المحصلة النهائية تضمن العلمانية اعادة الاعتبار للدين كجزء من منظومة القيم الروحية في المجتمع من خلال فصله عن الدولة. وعموما لا يمكن فصل مفهوم العلمانية عن مفهوم المواطنة التي تتجاوز الهويات الفرعية المرتبطة بالقومية والدين والنوع الاجتماعي. كما لا يمكن الحديث عن العلمانية بعيدا عن دمقرطة المجتمع وتعزيز القيم المدنية فيه. العلمانية مفهوم وفكرة وليست جريمة وتجديفا بالدين. والسؤال المهم الذي يواجهنا هو اية دولة نريد؟ هل نريد دولة دينية تقترف الجرائم باسم الدين وتضطهد الآخرين باسم الدين والطائفة المنصورة، أم نريد دولة ديمقراطية مدنية والتي لا يمكن بلورتها دون العلمانية؟!   كتب بتأريخ :  الأحد 12-01-2014     عدد القراء :  1857       عدد التعليقات : 0