كم أباً لمأثرة آمرلي؟
بقلم : عدنان حسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هل تحقّقت مأثرة في آمرلي تستحق كل هذا الجَيَشان الدعائي؟.. ما من شك في هذا. لكنّ مجترحي هذه المأثرة وأصحابها الجديرين بأن تُسجل بأسمائهم فرداً فرداً ويُقام لهم نصب تذكاري عند مدخل البلدة التركمانية، هم أهالي آمرلي الذين صمدوا لأكثر من شهرين داخل بلدتهم ولم يُمكّنوا (داعش) من الوصول اليها واحتلالها.

مناسبة هذا الكلام، هذا التدافع المحموم بين سياسيين ووزراء وزعماء ميليشيات لتسجيل المأثرة بأسمائهم وأسماء أخوة وأبناء وذوي قربى لهم وموظفين في مكاتبهم، فوسائل الإعلام الحكومية والحزبية أظهرت هؤلاء الذين كانوا في الواقع يسيرون خلف القوات المتقدمة نحو آمرلي كما لو انهم محررو البلدة، متغفلة عن انهم كانوا جزءاً من الوضع الذي أفضى الى أن تعاني آمرلي محنة الحصار لأكثر من شهرين والى أن ينجح تنظيم (داعش) الإرهابي في السيطرة على ثلث مساحة البلاد بكل يسر، ويومها لم نر أثراً لهؤلاء وقواتهم وميليشياتهم في التصدي للزحف الداعشي ومقاومته.

نعم، في آمرلي تحققت مأثرة صنعها أهاليها رجالاً ونساء، شباباً وشيوخاً وأطفالاً، وعاونهم ببلوغ حسن الختام فيها جنود الجيش الاتحادي وعناصر البيشمه ركة المدعومين من القوة الجوية الأميركية التي فتح قصف طائراتها الطرق الى آمرلي وأرغم الداعشيين على الفرار نحو المناطق التي لم يزل تنظيمهم يفرض احتلاله الثقيل عليها.

للنصر دائماً آباءٌ كثيرون فيما الهزيمة تبقى يتيمة لا أحد، حتى المتسبب الرئيس والمباشر بها، يجرؤ على تسجيل أبوتها أو أمومتها باسمه وعلى تحمّل المسؤولية عنها.

ما كان لآمرلي أن تعاني محنة الحصار من التنظيم الإرهابي كل هذا الوقت الطويل لو لم تكن هناك هزائم متعددة قادت الى أن يصل الإرهابيون الداعشيون الى مشارف آمرلي بعد أن اجتاحوا مدناً كبرى ومحافظات مترامية الأطراف. وتلك الهزائم التي هي بمجملها هزيمة مركبة كبرى كانت متعددة الآباء والأمهات، والذين حرصوا على الوقوف أمام الكاميرات للظهور بمظهر محرري آمرلي هم من بين آباء تلك الهزيمة وأمهاتها. فما جرى في الموصل وتكريت وتلعفر وسنجار وسهل نينوى وصولاً الى مشارف أربيل وكركوك وبعقوبة، مروراً بطوزخرماتو وسليمان بيك وآمرلي وسواها، وما رافق ذلك من مجازر كبرى ومنها مجزرة قاعدة سبايكر، كان هزيمة سياسية مدوية قبل أن يكون اندحاراً عسكرياً.. وهي هزيمة للطبقة السياسية المتنفذة في الحكم بأجمعها، وكان الأولى بأفراد هذه الطبقة، وبينهم الذين ظهروا بمظهر صناع النصر في آمرلي، أن يحاسبوا أنفسهم وحكومتهم عمّا جرى، لا أن يسعوا الى المزايدات والتدافع لاختطاف مأثرة الصمود في آمرلي من أصحابها وتسجيلها بأسمائهم وإخوانهم وأبنائهم وذوي قرباهم وموظفي مكاتبهم.

عيب ثم عيب هذا الرقص الدعائي على دماء الضحايا في المدن والبلدات المحتلة.. وعيب ثم عيب الرقص على أجساد النساء والرجال الذين تُركوا للمحنة أشهراً عدة في المدن والبلدات المحاصرة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 01-09-2014     عدد القراء :  2055       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced