ما ذنبهم .. لم يعرفوا غيرها
بقلم : شمس الاصيل
العودة الى صفحة المقالات

عبارة مقتضبة وكبيرة في مغزاها  قالها الجالس قربي في المقعد الخلفي للسيارة ( هم لم يعرفوا غيرها ) بحروف ملؤها الصدق والحزن العميق ،يبدوا أنه حزن رجل عارف بتأريخ وخفايا مآسي وطنه المذبوح ، وكانت عبارته هذه جواباً لسؤال سألته وليس موجه لأحد أنما حدثت نفسي بصوت خافت عندما رأيت مجموعة من الصبية وهم مارين عبر شارع (الكفاح) يحملون مختلف أنواع البنادق والأسلحة البلاستيكية وكانوا يتحدثون بًأصوات مرتفعة ونبرة تتسم بالخشونة مع إضافة شيئا من طابع الرجولة المصطنعة عليها وهم مارين كأنهم ماضين إلى معركة في الصوب الآخر من الشارع معركة من أجل البقاء لهجوم فئة بغت عليهم وشعورهم الملح بالإجحاف والظلم هو دافعهم ، في اللحظة الأولى وفي انطباع أولي قلت رباه من هذه الثقافة ،هل هي ثقافة السينما الحديثة وكيف فعلت بنا  ، لكني عندما فكرت بعدالة ، الموضوع خارج ثقافة السينما الحديثة وهي منهم براء  ،إنما هي ثقافة وطني الذي ما أن يغسل ثيابه الملطخة بالدماء ويداوي جراحه العميقة من الغريب والقريب إلا وطعن من جديد وسال الدم على جميع أجزاء خارطته المنهوبة ،حدثت نفسي بصوت خافت ما السبب بنظرة تحمل في طياتها عتب كبير وحسرة على الزمن أولا وعلى الأجيال القادمة ثانيا ، لماذا لم نبدل العلم والثقافة والتطور والسلام بالحرب والسلاح والجهل وثقافة القتل والبطولات المزعومة والمصنوعة بلا واقع يثبت حقيقتها ، وفي داخلي ألف كلمة (ليش) وهي كلمة حينما يقولها العراقي فهي لا تشبه بمعناها (لماذا ) لان كلمة (ليش) يغلفها العتب وشيئا من الاستغراب أو الألم ، ولذلك أقول في داخلي قلت ألف (ليش ) وصلنا إلى هذا المستوى المتردي في كل شيء ،أمّية جديدة تغزونا فوضى عارمة يشعر بها كل مواطن عراقي داخل بغداد يعيش أو داخل الوطن كله ، لا أحد يدري ممن تناط إليهم مهام تنظيم الشارع ماذا يريد بالضبط وعلى أي أسس يعمل ومن هو المسؤول عن أي قرار ، (ليش) على تأريخ وطني المذبوح من الوريد إلى الوريد ، (ليش) على مستقبل أبناء هذا الوطن فهم مشردون بين بلدان العالم أو كادحون في وطن الخيرات أو مدمني مخدرات أو خارجين عن القوانين الأخلاقية والسبب أنهم كانوا ممنوعين من كل شيء ومنحوا كمل شيء في لحظة ومن الأشياء التي منحوها حرية القتل ولا قيمة لإنسان أو عالم أو كبير ،أو أنهم في مدارس لا تعلمهم ألا الجهل والتخلف وعدم احترام العلم والفوضى أو أنهم محرومين من ابسط حقوقهم ويدمع قلب  أحدهم كل ما سمع على نشرات الإخبار أن أحد رعاة وطنهم وحامي شرفهم وأمين بيت مالهم وخليفة الآباء حينما يستشهدون بسبب المفخخات قد سرق الأمين وهرب إلى دول الجوار أو إلى دول بعيدة  ليكون بعيدا عن أي وخزه ضمير ربما تزوره في لحظة يعود له شرفه وتعود له غيرته التي باعها ببخس ونذالة لمن يتاجرون فيها  وما أكثرهم !!

بعد كل هذا وذاك وكل ما فكرت فيه ودمعت عيناي له أجابني احد لجالسين قربي ( هم لم يعرفوا غيرها )، صدق الرجل بكل حرف تفوه فيه هم لم يعرفوا سوى السلاح والدمار والحروب والبطولات المصطنعة والتهديد والوعيد وخشخشة الأسلحة وأزيز الرصاص ودوي القنابل وقصص القتل الدمار وإهانة  الإنسان بأسوأ طرق مبتكرة والتي  تنتمي للدين أو الأخلاق أو القيم أو الأعراف بصلة ، وسالت نفسي صدق الرجل فماذا تريد منهم، وكيف تريد منهم ما ليس يعرفوا معناه أصلا .

shams_alassel2001_(at)_yahoo.com

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-12-2009     عدد القراء :  2475       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced