المتكهنون بتقسيم العراق ليسوا جناة
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا شك بأن الحفاظ على وحدة العراق هو امنية لكل عراقي غيور ،  تهمه مصلحة شعبه ومستقبل وطنه الذي لا زال اكثرية ابنائه يتطلعون بصبر وأناة لإنقشاع الغمة اللعينة التي كدرت حياتهم وعرضتهم لكوارث احرقت الحرث والنسل ، واشاعت اليأس ونفاذ الصبر في اوسع الصدور  ووهنتْ لها اقوى الهمم . وكيف لا يكون ذلك ، وشعب العراق تدور عليه دوامة صراع طائفي امتدت انعكاساته الى دول الجوار واهَّبتها للتدخل بكل خبثها ، مستغلة فرصتها التاريخية لتزيد الطين بلة في طريق خروج العراقيين من مأزقهم . وعلى هذه الحال يُصبِّر العراقيون على انجلاء محنتهم التي لا زالت على اشدها عقداً ونيف من السنين .

لم يكن يدور في خلد احد أن تتجاسر زمر من العناصر السلفية التكفيرية على مداهمة بلد مثل العراق ، كبير وغني بثرواته . وتحتل ثلث اراضيه بأيام معدودة . لكنه جرى ذلك بسبب تمزق وحدة الشعب وفقدان الثقة بين اولياء الشأن في عملية بناء العراق الجديد وتأثرهم بالنزوع الصارخ للإنقسامات الطائفية الذي عم واستبد بين ابناء الشعب.

يستنفر العراق كل قدراته في حرب ضروس لطرد غزاة لا يُستهان بقوتهم من حيث العسكرة والإمكانات المالية والدعم اللوجستي المتواصل الي تقف وراءه دول واصحاب اموال كانوا يخططون لتحقيق حلمهم في تقزيم العراق ، لا بل حتى تدمير بنيانه الديموغرافي ، لكيلا يبقى له اي مستقبل ذي اهمية في منطقة الشرق الأوسط .

فالإعلام العراقي الذي يصاحب وقائع القتال وينقل الأخبار عن مجربات ما يحصل ، لا زال يراعي اهمية تقوية المعنويات عند الشعب على حساب الواقع على أرض المعارك . فالمنقول عن الأخبار العالمية والمعلقين السياسيين ، يبين بأن القتال لازال سجالاً ، وأن دحر مقاتلي الدولة الإسلامية ، ليس في ازاحتهم من منطقة معينة في الوقت الذي لا زالوا يغيرون علـى مناطق عديدة ويهددون سلامة مدن وساكنيها . وما فتئوا متمركزين في حواضر ومحافظات عراقية مهمة ( نينوى ، أنبار ، تكريت )  وفي هذا ما يشير الى عدم توفر إرادة عراقية موحدة في المجابهة ، لضلوع الكثير من اهل المناطق التي تدور الحرب على ارضها مع العدو على شكل خلايا نائمة او عناصر في مواقع مهمة يُسوِّقون تصريحات من وراء مواقف مستبطنة  تنخر في المجهود العراقي العام .

إن كفة الميزان في ميدان المعارك لا زالت راجحة لمقاتلي داعش طالما كانت معطيات نتائج الحرب بهذا الشكل . وليس من شك بأن تحقيق النصر عليهم ، لم يعد سهلاً ، وبتقديرنا ليس قريباً لأن هذا التنظيم له ارضيته الخصبة في عموم المنطقة .. في العراق وفي دول محيطة به وله مناخات تُسمَّد هذه التربة لإنبات هذه الفطريات . وهذا يعني بأن القتال في ميادين الحرب ليس كفيلاً باجتثاث شأفة ( داعش ) فثمة عامل ذو اهمية كبيرة في التخلص من خطورة هذا التنظيم  هو التحرك الدولي للضغط على الدول التي تتولى اشاعة التطرف السلفي التكفيري من خلال المؤسسات الدينية ومثلها المدارس ،  لوضع حد لهذه الظاهرة وكبح رواجها بمختلف الوسائل  وكذلك بتجفيف مصادر كل انواع الدعم  لهذه المنظومة الدموية الخطرة .

وأن تحقيق النصر المنتظر الذي يشغل بال العراقيين الغيارى ، سوف لا يستهان بما سيكلفه للعراق من الخسائر الفادحة بالأرواح والأموال ، كما لا يمكن التكهن بما سيئول اليه الوضع السياسي في البلاد  بعد انتهاء الحرب . هل يا ترى  يكون ثمة نصر مؤزر يتخذه العراقيون نقطة التقاء يلتئم عندها صف العراقيين جميعاً وتكون المناسبة درساً يُستقى منه ضرورة  تجاوز كل التداعيات وأسبابها التي اضعفت شعب العراق وأثرت على قدراته في حماية حياض الوطن امام هجمة بربرية عاثت فساداً تغرق البلاد والعباد .

ما نريد التأيد عليه هو ، بعد خروج حكومة العراق من مأزق الحرب ، بالتأكيد ستجد اشكالات الملفات المطوية امامها وهي نفسها ( الملفات ) التي اربكت اداء السلطة وزادت من التباعد بين فرقائها ، الأمر الذي ادى الى اشتداد ضرام نار الطائفية لتخلف فجوات كبيرة للتلاعب بمقدرات الشعب وبقرارات الدولة ، ونشطت اعمال المليشيات من الداخل والمتربصين من خارج الحدود  حتى لم يبق امل في ادامة توجه العملية السياسية لبناء عراق ديمقراطي موحد . لا بل ساد التشرذم وعلت اصوات الدعوة الى اقامة الفدراليات ، وبالتالي حتى المطالبة بحل أخير هو تقسيم العراق .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 31-10-2014     عدد القراء :  2043       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced