النازحون في المنطقة الخضراء ..!
بقلم : علي فهد ياسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

فيما يتعرض العراق شعباً ووطناً لأخطر التحديات في تأريخه ، يستمر مثلث السلطات على مناهج الصراع التي أختارتها الكتل السياسية وأحزابها منذ سقوط الدكتاتورية البغيضة ، ليشمل ملف النازحين ( أخطر وأدق الملفات الشائكة الآن بعد الملف الأمني ) الذي تجاوزت أعدادهم فيه المليونين ، في سابقة لم يألفها العراقيون على مدى تأريخهم الحديث ، بدلاً من أستغلالها فرصة أدارته بنجاح وشفافية ، لتبييض ( بعض ) صفحاتها السوداء في الأداء السياسي لمؤسسات الدولة طوال الأحد عشرعاماً السابقة التي تضمنت دورتين للبرلمان وأربعة حكومات فاشلة ، قبل التشكيل الجديد للبرلمان الثالث والحكومة الخامسة .

يُحسب للدكتور العبادي رئيس مجلس وزراء الحكومة الخامسة ، قراراته الشخصية لمواجهة الفساد الذي ورثته حكومته من سلفه ، رغم ( التكبيل ) الذي فرضته المحاصصة المقيته ، مما أوجب عليه احالة ( ادارة ) ملف النازحين الى نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك بحكم الاختصاص ، لكن نتائج الأداء في هذا الملف تُعيدنا الى دوامة الفساد التي دمرت البلاد والعباد خلال العقد الماضي ، رغم خطورة ملف النازحين وبعده الأنساني على جميع المستويات .

رصدت الحكومة العراقية مبلغ ( ترليون دينار عراقي ) لأغاثة النازحين ، وهو مبلغ لاتُشكل المساعدات الخاجية ( المعلنة والمنفذ بعضها فقط ) بالنسبة له نسبةً كبيرة منه يُمكن ، بالرغم من التطبيل والترويج الأعلامي الذي رافقها ومازال ، بما فيها الـ ( 500 ) مليون دولار التي أعلنت عنها حكومة السعودية للنازحين شكلاً ، ومعروف للجميع قنوات ايصالها والمستفيدين منها ، لكن الأصل في الأمر هو أدارة الملف , التي أثبتت الوقائع والوثائق الى الآن الفساد المستشري في تنفيذ برامجه ، مما تطلب تشكيل لجنة تحقيق من مجلس النواب لفحص نشاط لجنته المشكوك في نزاهتها ، وكانت النتائج فاضحة في التجاوز والتضليل والتقاطع في مضامين وثائقها .

كان تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في ملف النازحين قد أشار الى تجاوزات بالأرقام والتفاصيل ، جميعها تشير الى فساد وتجاوزات في أدارة الملف بكل تفاصيله ، اضافة الى تضمينه أرقاماً متقاطعه مع الحقائق المعروفة لأسعار المواد ، ناهيك عن نوعيتها وشروط توفيرها وتواريخ الأنجاز المحددة في صفقات بناء المخيمات وتجهيز الكرفانات وحجوزات الفنادق وتكاليف السفر بين بغداد وأربيل كمركزين لنشاط ( لجنة الترليون ) سيئة الصيت !, لكن كل حقائق التقرير سوف تُضاف الى مثيلاتها من الحقائق التي تضمنتها تقارير لجان التحقيق التي سبقتها في نتائجها لفحص الملفات المكدسة بالآلاف في دهاليز وأقبية السلطات ، دون أن تكون هناك أفعالاً نوعية لذراع المراقبة والحساب ( لجنة النزاهة ) المفترض أن تقوم بواجباتها المحددة بالدستور ، لحسم الملفات وفقاً للقانون العراقي الذي يخولها ويوجب عليها تنفيذه !.

لقد تناخى العراقيون بجميع  تقسيماتهم التي يُعرًفهم بها أعداء وحدة العراق وشعبه ، تناخوا الى أحتضان بعضهم بعيداً عن الفرقة والتنابز ، ليقدموا للتأريخ نماذج باهرة للانسانية ووحدة الصف التي جُبلوا عليها ، وأحتضنوا بعضهم في هذا الظرف العصيب ، ليقدموا صوراً وشهادات رائعة من التضامن الوطني ، حين تقاسموا مع النازحين فرشتهم ولقمة عيشهم وكسوتهم ، قبل قلقهم ودمعتهم وحنين قلوبهم .

الأصالة العراقية المعروفة للقاصي والداني لم تقتصرعلى العراقيين داخل الوطن ، بل كان في دول الشتات نماذج تستحق الاحترام ، ومن أمثلتها المشرقة ماقامت به ثلاثة نساء عراقيات نجيبات يعشن في ستوكهولم عاصمة مملكة السويد المستقرة في سقف الارض على بعد آلاف الأميال من العراق ،لأجل جمع مساعدات عينية ( ملابس ولعب أطفال ) أحتوتها ( 20 ) كارتونه , أوصلنها الى مطار النجف بمساعدة مكتب الخطوط الجوية العراقية في ستوكهولم ، وأستلمتها منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النجف ، ووزعتها رابطة المرأة العراقية في المحافظة على مستحقيها من العوائل النازحة ، كل هذا جرى خارج نشاط ( لجنة الترليون ) ، لذلك لم يتلوث بأي شكل من أشكال الفساد ، وهو نموذج رائع للوطنية والانسانية الحقة ، تتداعى دونه نماذج الفساد البائسة التي تقابله على المستوى الرسمي لبعض لمؤسسات الدولة العراقية .

المفارقة التي تدعو للأسى والألم ، أن سكان المنطقة الخضراء العابثين بأحوال العراقيين وشؤونهم منذ اكثر من عقد من السنين ، والذين يُديرون ملف النازحين العراقيين الخطير منذ سنوات ، هم  نازحون أيضاً من مدنهم وقراهم ، ومن الدول التي يحملون جنسياتها ، لكن الفرق بينهم وبين باقي النازحين العراقيين ، أنهم نازحون مع القوة ويحتفظون بمساكنهم وثرواتهم ويزيدوها في العراق وفي بلدانهم البديلة , ويعيشون في قصور لم يكن لهم اي جهد في بنائها وتاثيثها ولافي أمانها وتحصينها ، بينما باقي النازحين من الشعب ، هم نازحون بالقوة عن مدنهم ومساكنهم، وفاقدين لممتلكاتهم وحياة شهدائهم ، وشتان بين النازح مع القوة والنازح بالقوة ، لأن الأول حاكم والثاني محكوم ، رغم أن المحكوم في العراق الآن هو الذي انتخب الحاكم ، فهل توازنت المعادلة فيما بينهما كما في باقي البلدان ؟ ، أم أن العناوين والشعارات لاتستحق جهد كتابتها ؟ .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 12-11-2014     عدد القراء :  1986       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced