ميليشيات وطوائف ولامنتمون
بقلم : سرمد الطائي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لقد اثرت غضب شريحة واسعة على الدوام، بحديثي عن ضرورة فتح الحوار مع معارضي النظام السياسي، ومحاولة التصالح حتى مع الفصائل المسلحة "السنية" التي قاتلت الاميركان والجيش العراقي، وارتكبت اخطاء رهيبة احيانا. لكنها انخرطت او يمكن ان تنخرط الان، في مشاريع مراجعة سواء مع الجنرال ديفيد بترايوس او الحكومة العراقية، والحوار يستأنف معها حالياً لمحاولة حشد جبهة داخلية ضد داعش، وبناء ثقة جديدة في مناخ سياسي جديد.

ورغم انهم يعرفون انني من مذهبهم، وانني لست بعثيا، وان معظم حلفائي واصدقائي هم اهل اليسار، فان جزءا من الجمهور الشيعي يصب غضبه علي كأنني ابن عم صدام، حين اطلب حوار تصالح وتنازلات فاعلة مع الطائفة الاخرى. وهذا امر طبيعي في وقت النكبات العامة.

والمفارقة (الطبيعية في وقت النكبات العامة) تتسع، اذ ان جزءا من القراء السنة يغضبون علي بشدة، حين انتقد التطرف السني او اطلب شيئا من التسامح مع الشيعة. واخر مرة اثرت غضب هذا النوع من ابناء بلدنا كانت حين دخلت نقاشا حول الميليشيات. الرجل كان يشكرني لانني ادعو للحوار مع فصائل مسلحة سنية، وادعو للتسامح بشأن اخطاء سياسية وميدانية كثيرة وقعت فيها، كي نفتح صفحة جديدة. لكنه كان يطلب مني ان اصب جام الغضب على الميليشيات وان ادعو لطردها من مشروع الحرس الوطني، وان اطالب المرجعية بطرد الميليشيات من الحشد الشعبي. اما انا فسألته: كيف تريدني ان اتسامح مع مسلحين سنة، بينما اسد باب الغفران مع مسلحي المذهب الاخر؟ لماذا نستسيغ مفارقة كهذه؟

والحقيقة اننا نحن الذين ندعو الى التسامح، وقعنا بين معسكرين متطرفين سياسيا، من هذا المذهب وذاك، ونحن لا ننتمي لاي طرف. كل ما نبحث عنه هو حياة طبيعية تشبه حياة الانسان العادي في غواتيمالا او جزر الهونولولو. نتمنى ان نصحو صباحا فلا نجد اي سيف شيعي او سني في هذه البلاد. لكننا لا نقوى على تحقيق هذه الامنية، ولم تبق امامنا سوى ثلاثة سيناريوهات. ان يفوز مسلحو الشيعة على الطرف الاخر. وحينئذ سنصبح خاضعين لنمط متطرف رهيب. او ان يفوز المسلحون السنة، وهذا نمط رهيب ايضا. او ان نعمل جميعا لتقوية الدولة وندعم جهدا تصالحيا مع مسلحي كل الاطراف، يقوم على الصفح وبدء صفحة جديدة مدنية تضمن العدالة للجميع، لندخل موسم محاسبة لكل من يخرق القوانين من الان فصاعدا. والسيناريو الثالث هو الذي نعيش من اجله.

لن يصبح العراق افضل في الوقت الراهن، حين ندعو الى القاء هذه الجماعة في البحر، او سلخ جلود تلك الجماعة وصلب عناصرها على بوابات بغداد. لكن المطلوب هو ان ندين كل فعل مسلح خارج ضوابط الدولة، وان نسمح للمتورطين بفرصة للمراجعة، طالما كان ذلك ممكنا، وان نخوض حوارا وطنيا محكم التدبير بهذا الشأن، لا يتبادل اطرافه التخوين، بل يصممون مع بعض، شكلا لمستقبل الاستقرار.

ولكن علينا ان لا ننسى في هذا الاطار ان المسؤولية الاكبر تقع على طائفة رئيس الوزراء، لانها الاكثر سلطة ونفوذا واستقرارا ومالاً اليوم، ضمن الدولة وخارجها. وان نتذكر ان افضل دفاع عن سمعة هذه الجهة او تلك، هو السماح بالتحقق من اي اتهام يطالها، وتقديم المتعدين على الناس، الى العدالة. اذ لا يخلو طرف من خطأ. وحتى الجيوش الرسمية في ارقى الدول، تعترف بان جنودها يرتكبون اخطاء جسيمة، لانهم بشر طبعا، ولانهم يتعرضون لضغوط رهيبة ويمرون بلحظة ضعف. لكن الجيوش المحترمة تتمسك بالانضباط اكثر فاكثر، وتخضع المسيء لحساب عادل وشفاف. والعدالة هنا ليست ترفاً، بل لكسب ثقة الناس والسماح بمناخ حياة طبيعية يتيح الازدهار والتقدم. وبدون هذا سنبقى متخلفين في السياسة والاجتماع، يسخر منا خليفة داعش، وتتلاعب بنا اصغر القوى والبلدان.

  كتب بتأريخ :  السبت 22-11-2014     عدد القراء :  2466       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced