ذاكرة الدولة
بقلم : علي شايع
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لعلّ من غني البيان، القول: لا يوجد، في المستوى العربي، قديماً وحديثاً، ولم يتحقق بعد، معنى الدولة، وبمفهومها المدني المنشود، كنموذج مثالي معروف في بلدان متقدمة، لا يختلط فيه المعنى، والمبنى، للدولة، بفعل حكومي، أو أيّة سلطة عابرة، انتخبها الشعب، وآثر غيرها لاحقاً، وانتهت فاعليتها بوقت معلوم، وبطل نفوذها، لتبقى الدولة راسخة في سالف كيانها، وما منحته الحكومات المتعاقبة لهيكلها من متانة وثبات.

مثال الدولة المرتجاة في النموذج العراقي كانت غائبة لعقود، ومن يعاين محنتنا الوطنية، وما جرى بعد التغيير الديمقراطي، سيحيل القضية إلى خلل إداري هائل في بناء الدولة، لا تتحمله حكومة بعينها، وبتفاوت ظروف الحكم، وهو خلل متدحرج ككرة الثلج، يأخذ بدوامته كلّ حكومة جديدة، وسيبقى في زحفه الأبدي، ما لم يصار إلى تشخيص ومعالجة.

وبالتأكيد لا يتحقق هذا الفعل، بمسؤول يلتفت لمرافقه، وفي لحظة إلهام قانوني، ليبتكر (قانوناً) جديداً، على طريقة (القائد الضرورة!!) لأنه أمر مرتبط بالدستور وآليات فاعليته، وكل ما يمكن أن تحدثه الحكومة من وقائع إدارية، لابد أن تكون له مرجعيات دستورية هي أساس البناء العام للدولة.

لهذه المقدمة الطويلة ما يبرّرها، في صدمة خبر عجيب سمعته قبل أيام - وأتمنى أن لا يكون صحيحاً- عن ضياع مئات ملفات الفساد، أو إخفائها بفعل فاعل.

بالتأكيد القطعي، إن فقدان تلك الملفات يعني هدراً لحق عام كان على الدولة أن تستحصله من المجرمين كحق للمجتمع، وسلامة قانونه واستقراره، والدولة الآن تحت طائلة المساءلة القانونية، بمعنى إمكانية رفع إي مواطن قضية ضدها، لأنها ضيّعت حقه لمرتين: حين سرقه المفسد، وأخرى لحظة أفلت من ثنايا بنيانها الهش.

بعد أيام من احتلال الطاغية المدان لدولة الكويت، أعلن مسؤول منها، لجأ إلى بلد مجاور، أن أرشيف الدولة، ووقائعها المدونة، تم حفظه في أحد بنوك المعلومات السويسرية؛ بتحديث وتجديد معلوماتي أسبوعي.

وأنا أستذكر هذه الواقعة، تساءلت مع نفسي: ترى، ومع إمكانيات التطور والتقدم التكنولوجي، هل أصبح عصياً التعاقد مع بنك مؤتمن للمعلومات، في دولة معتبرة، لخزن وثائق وأرشيف مؤسسات دولتنا؟.

من يعترض على مثل هذه الفكرة، مخافة تسريب المعلومات، أو التبذير المالي، يصح أن نقول له: إن كل ما يخشى منه، سيكون بالتأكيد أهون من ضياع تلك الوثائق وطيّ صفحة سرقة المليارات التي لا يستدعي حفظها والتأمين عليها سوى حفنة من الدولارات. ألا تستحق ذاكرة الدولة أن تشترى؟.

  كتب بتأريخ :  الأحد 14-12-2014     عدد القراء :  1671       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced