أمة الشتات ..اللجوء الألهي و انشودة الرحيل ..!!
بقلم : نوفل كريم جهاد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يذكر لنا التأريخ الأسلامي هجرة النواة الاولى لمسلمي مكة حين كانوا قلة مستضعفة هربا من الأضطهاد والبطش في ربوع مكة .حين هاجرت تلك المجموعة المؤمنة بأمر ألهي عبر الوحي المقدس لرسول الرحمة بحثا عن الرحمة في ربوع بلاد أخرى غير عربية .

وهكذا توجه هذا الرعيل الأول من المسلمين الى ملك رحيم لا يُظلَم عنده أحد . ملك يؤمن بالمسيح ويحمل الصليب في قلبه .. لتبدأ هذه الأمة العربية بكتابة تأريخ مستمر من الهجرات المقدسة منذ ذاك اليوم الى يومنا هذا حيث لايزال أبناء خير أمة أخرجت للناس تنشد رغيد العيش والأمان في بلدان غير أسلامية وغير عربية رغم القناعه الثابته لدينا بأننا ولله الحمد أفضل خلق الله من البشر و أكثرهم أيماناَ وألتصاقآ بالسماء وأن عروبتنا هي شرف نمتاز به عن الأخرين ..!!

ونجد هنا أن الهجرة والرحيل ليست جديدة على الأمة العربية أو الأسلامية بل لها جذور قديمة وجذور مقدسة طبعآ...

و لنستذكر الأن أشهر تلك الهجرات في التأريخ الأسلامي من هجرة الحبشة الاولى تلك و التي تبعتها هجرة الرسول الكريم محمد (صلعم ) الشهيرة الى يثرب ..وكذلك هجرة الأمام علي (ع) الى الكوفة و أستقراره هناك ..وأيضا هجرة الامام الحسين (ع) الى كربلاء ومقتله هنا...وغيرها من الهجرات التي يمتلئ بها تأريخ هذه الامة ..

والغريب حقا أن تجد التقويم الأسلامي هو تقويم هجري لمكانة الهجرة في نفوس أبناء هذه الامة الأسلاميه .!! و أن أجيال و أجيال لاتزال تعزف أنشودة الرحيل هذه و لحد هذا اليوم !!

فهل هو حظ عاثر أم هي مصادفة مقدسة يا ترى حيث يستمر قدر الهجرة على أبناء هذه الامه البائسة وتستمر بذلك ديمومه اللجوء الألهي المختوم بالختم المقدس ...!

وهنا نتسأل .. هل هو قدر هذه الأمة أن يترك أبنائها أوطانهم الأسلامية بحثا عن الرحمة والأمان والعيش الرغيد في بلدان غير أسلامية .. بل هي بلدان كافرة وفاجرة ومجتمعات تعاني من تفكك عائلي وسطوة مادية وأنحلال اخلاقي كما يقول تجار الدين والمنابر .. ونحن خير أمه أخرجت للناس و نتبجح بمكارم الأخلاق ونسرد دوما بفخر بطولات غيرنا من الرجال عبر التأريخ .!

فما نراه الان من هجرة للشعوب العربية و الأسلامية هو أمتداد لهجرة الحبشه الاولى , بل هو أمتداد و أستمرار لتنقل البدو الرحل ليس للبحث عن الماء والكلاء فقط بل للبحث عن الأمان والمحبة هذه المرة والسبب هو بكل بساطة لأن الظلم والقتل والأضطهاد لايزال مستمر في خير أمة أخرجت للناس ..!

ونتسأل هنا من جديد ..هل كُتب علينا في اللوح المحفوظ هذا المصير الحتمي منذ هجرة الحبشة الأولى وحتى اليوم ..؟

هل كُتب علينا هذا اللجوء الألهي في السماء لنردد نحن أنشودة الرحيل دوما في الصحراء ..؟

حيث لا زلنا نترك ديارنا ونطلب الرحمة من غير المسلمين بصورة نبدو فيها ضعفاء وأذلاء بين الأمم ..!!

هل هو الوعد الألهي أذن أم ماذا ..؟ هل حقا هو وعد السماء لغيرنا بأن يدخلوا الأرض التي كتب الله لهم في حين نترك نحن الأرض التي خلق الله لنا ..! أي مفارقة تأريخيه مؤلمة هذه حين يعدهم الرب بدخول الأرض ويتوعدنا نحن بالخروج منها ...!!

هل هذا هو عدل السماء و مشيئة الرب فينا ..؟؟ كيف أصبحنا نحن عرب الشتات .. والشتات في نفوسنا وفي أنسانيتنا..! في أي تيه نسير وقد تجاوزت سنين التيه هذه الأربعين..!! ياترى لماذا فشلنا نحن حين نجحت الشعوب الأخرى ، وكيف لم نستطيع خلق مجتمعآ أفضل أنسانيا وحضاريا ونحن خير أمة أخرجت للناس .؟ ونملك أفضل رسالة سماوية .؟!

هل لأننا أبتعدنا عن الدين الحق ..أبتعدنا عن الله وأبتعدنا عن الشريعة ..! أم لأننا قد لا نستحق تلك الرسالة ..؟ وهل غيرنا من الأمم الأن هم أقرب الى السماء منا نحن يا ترى .؟ وديناتهم مستحقه لهم ويعيشون وفق شرع الله ...!! أين الخلل أذن يا كل رجالات السياسة والدين .. أين الخلل أذن يا كل المثقفين والمواطنين ..؟

لماذا نعيش في أوطان ملأها الهلع والفزع والموت..؟ و لكن عذرا.. هي أوطان أسلاميه والحمدلله .!

فأي فهم ساذج وسخيف هذا و كأن الديانه الأسلامية هي الفضيلة الكبرى و وسام شرف على صدور المسلمين بغض النظر عن سلوكهم وحالهم اليوم ..! قد لا أحمل أنا عصى موسى السحرية ولكني أطرح هنا تسأولات بكل تجرد وموضوعية ..ولابد لنا أن نتوقف كثيرا هنا لكي نتقدم لاحقا ...

ويستمر أبناء هذه الأمة بالهجرة لتحتضنهم بلدان ترفع الصلبان لا الأذان .. بلدان تقرأ الاناجيل لا القرأن ..!! ويتكرر مشهد اللجوء الألهي وننشد من جديد أنشودة الرحيل تلك حالنا حال مهاجري الحبشه من أوائل المسلمين ...

لذلك من الافضل لنا أن نصمت ونعمل بجدية الان على بناء الانسان فينا ولنعلم جيدا أن بناء الأنسان هو أساس بناء الأوطان ..والأوطان لا تبنى فقط بالأديان ..!

بل علينا لملمة الشتات في دواخلنا ولندرك بكل وعي أن حالنا المتردي هذا ليس له أي علاقة بالسماء ولا يمثل سخط من الله ولا لعنة الفراعنة علينا ولا هي مشيئة السماء فينا كما يردد البعض ., وليس سبب كل تلك الهجرات والبؤس هو الله وكأن واقعنا هذا هو مسير حتمي خطته أرادة السماء لنا .. !

بل السبب هو نحن أولا كشعوب وعلينا أن نمتلك الشجاعة مع أنفسنا لنحدد السبب , يا ترى هل هو الدين أم الحكم الأستبدادي لسنين ..؟ هل هو الكهنوت أم سطوة القديسين ..؟ هل هو هولاكو السبب أم العثمانيين ..أم هم المماليك أو الصفويين .. قد يكون السبب الانكليز والصهاينه والفرنسيين وكل من مرً علينا من المستعمرين ..! بل من الممكن كل هذا الخليط المشؤوم الجاثم على عقولنا وقلوبنا منذ عقود وسنين ..؟

ما السبب يا ترى ..ما السبب يا عرب ويا مسلمين ..

قد يكون المريخيين هذه المرة..نعم هم بالتأكيد المريخيين ..! فهكذا نحن دوما نلقي اللوم و نعلق أخطائنا على شماعة الاخرين...!! وفي النهاية أقول أن التقدم والتحضر هو شأن أنساني بحت لا دخل للسماء فيه أبدا ..بل هو نتاج عمل بشري متكامل لموروث فكري متواصل ومتجدد لخلق مجتمع أفضل و أمة متطورة وخلق بلدان عربية ومسلمة آمنة ومسالمة يرفل أبنائها بحياة رغيدة حيث ينعم الجميع بمساحة واسعة من الأنسانية والمحبة والتسامح في الاوطان دون الحاجة للرحيل أبدا , لأن السعادة كل السعادة تنبع من قدس أقداس النفس البشرية لنحيا في وطن حر وشعب سعيد ..

وحينها سوف لا نحتاج للهجرة الا كتقويم نحتفي به سنويآ وليس فعلا نحتذي به يوميآ , وحتما سوف نستبدل اللجوء الألهي هذا بالبقاء في الأوطان , ونستبدل أنشودة الرحيل تلك بأنشودة جميلة للأنسان..!!!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 30-12-2014     عدد القراء :  2091       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced