هل قلبت امريكا ظهر المجن للشيعة في العراق
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا شك أن العلاقات السياسية والدبلوماسية  تبنى على تبادل المصالح ، إن كان ذلك على صعيد الدول او الكتل او الأحزاب ، وهي مسألة بروتوكولية قد تستمر او قد تواجه الإنفراط لسبب ما .

أن الفترة  المحصورة بين  تفجير الثورة الإيرانية عام 1979 ونشوب الحرب العراقية  الإيرانية عام  1980 تمثلت بالتقارب بين العراق وامريكا لتوحيد الموقف في حصر الثورة الإيرانية وتطويق تأثيرها في المنطقة. ولكن سرعان ما ساءت تلك  العلاقات الدبلوماسية بينهما على اثر غزو العراق لدولة الكويت في الثاني من اغسطس/آب عام 1990 وزادت  في تأزمها  حرب الخليج الثانيــة ( تحرير الكويت ) عــام 1991 ومــن ثــم شهــدت تصعيداً حاداً  في التدهور بعد أحداث 11 سبتمبر/ ايلول 2001 إثرَ الضربة التي وجهتها القاعدة الى مركز التجاري العالمي في مدينة نيويوك حيث تم ادراج  العراق بين الدول المارقة التي اطلق عليها الرئيس الأمريكي بوش الإبن (محور الشر ) المقصود  به ، إيران ، كوريا الشمالية ، العراق .

وفي هذه المرحلة ، كات اميركا قد تحولت الى دولة قطبية بعد سقوط الإتحاد السوفيتي . ولما حملت على افغنستان لملاحقة القاعدة وإسقاط نظام طالبان  ، كان في حسابها التخلص من صدام حسين ، بعد أن قدرت خطورته على اسرائيل ودول الخليج والمملكة العربية السعودية. وكان لأمريكا نفس الهواجس من النظام الإيراني الذي اسفرَ عن عدائه الشديد لهــا ، فـورَ استلامـه الحكــم ، بالإضافة الى  دعوته ونشاطه ، لتصدير الثورة  وتهديد امن اسرائيل .

استغلت المعارضة العراقية التي كان للأحزاب الدينيــة مــن الشيعــة العراقييــن نشاطــاً متميزاً فيهــا ، حنق امريكا على النظام العراقي . وبذلت قصارى  جهودها  في اقناع الإدارة الأمريكية بأنها ستكون خير بديل للنظام البعثي الفاشي ، في ارساء اسس دولة عراقية كنموذج ديمقراطي يكون نبراساً بين دول الشرق الأوسط  ، ويكون له دور كبير في بناء  دعائم السلام  والإستقرار في المنطقة .

آمنت امريكا بهذه الطروحات وسلَّمت بها كأن يستحق العمل على ضوئها  ، وهي فرصة نادرة لجعل من العراق  نموذجاً تاريخياً ، يحتذى به ويكون له جانب مؤثر بشكل ايجابي على دول الجوار. ولكن الذي حصل ، خيب امل امريكا ، وبنفس القدر ، خيب امل العراقيين وفتح بوجههم ابواب الجحيم . وكلفهم ذلك مئات الألوف من الضحايا كما كلف امريكا كذلك ، آلاف الضحايا ومليارات من الدولارات . ولا زالت الدوائر المفجعة  تدور على العراق واهله .

من كان وراء هذه الكارثة . هل كان فعلاً الإحتلال الأمريكي ..؟ ام كان مِنْ عمل البعث الخبيث والباحث عن كل السبل الممكنة والمنكرة لأستلامه للسلطة ، واعادة ممارسة دكتاتوريته المقيتة . وبالمقابل  ، كان النظام الإيراني يطمع  بإقامة  نظام  ديني  في العراق .

لا نبتغي في  موضوعنا هذا ، فتح صفحة لإستعراض مجريات الأمور بالتفصيل ، ولكن باختصار شديد ، نحمل الأحزاب الدينية الموالية لإيران والأحزاب الإسلامية السنية والبعث والعشائر التي سارت في ركابه ، مسؤولية كل ما يجري على ارض الوطن  .

أما الأنظمة الضالعة في ايصال العراق الى هذا المنزلق هي :

ا ـ النظام الإيراني صاحب الدور الكبير في اختراق العملية السياسية في العراق ، من اسفلها الى اعلاها .

2 ـ نظام البعث السوري بقياد بشار الأسد الذي احتضن كل المتآمرين من مخابرات وعسكريي                                                             نظام صدام ، وأطلق لهم العنان ، لإفشال اقامة الدولة في العراق ، وذلك بتعبئة الإرهابيين من كل فج عميق ، وتدريبهم ثم ارسالهم مع السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وكل ما تيسر من المساعدات اللوجستية لتدمير العراق كلية .

3 ــ الموقف المخرب لدول الجوار من السعودية وقطر والكويت ، من حيث التكفل بكل المصاريف وما يتعلق بعمليات التخريب  التي تتطلبها عمليات تأجيج نار الطائفية بين السنة والشيعة  في العراق .

هل تبدلت سياسة امريكا تجاه الشيعة العراقيين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكي نفهم حقيقة هذا التصور ، علينا أن نعود الى ملف نشاط السنة والشيعة والكرد في اعقاب سقوط النظام العراقي السابق والإصطفافات التي رافقت العملية السياسية في العراق .

واذا افترضنا بأن امريكا تناور على اضعاف النفوذ الشيعي في المنطقة . علينا التذكير بموقف المليشيات الشيعية  ( جيش المهدي وعصائب اهل الحق ) وغيرها وكيف كانت اول من انبرى لقتال  قوات التحالف (الأمريكية والبريطانية ) في العراق  وبدعم كلي من إيران .

ففي الوقت الذي كانت المليشيات الشيعية تقف بنشاط الى جانب عصابات البعث واذنابهم في الفتك بالجنود الأمريكان والجنود البريطانيين ، كانت اميركا تحتضن الآلاف من الشيعة العراقيين اللاجئين الى السعودية أبان حرب الكويت ، بعد منحهم حق التوطين  .   واليوم يستقرون في مدينة (ديربون) وكأنها خاصة بهم معززين مكرمين . لنسأل اولئك العراقيين الذين ابعدهم صدام الى ايران ، كيف كانت المعاملة معهم هناك فيما إذا قورنت بما هو موجود في اميركا .

لا يُنكر بأن سياسة امريكا تتبدل بين عشية وضحاها ، ضماناً لمستقبل مصالحها . ثمة حقيقة ناصعة  يعرفها  كل متتبع للأحداث ، وهي  أن الأحزاب الشيعية في المعارضة العراقية هي التي استجارت بأمريكا لتنقذهم من صدام . وعشية اعلان امريكا الحرب على العراق ، كانت إيران بالمرصاد  لإختراقه ، بإغراقه بخلايا نائمة والتدخل بشكل مفضوح في بناء الدولة العراقية . ولولا النفوذ الأمريكي ، لقامت في العراق دولة نظام الفقيه.

دأبت ايران على استعمال الضغط على المالكي ، للسعي  في انسحاب القوات الأمريكية من العراق وهو في غمرة تكالب القوى الإرهابية على ارضه .  حتى بلغ الأمر بالسيد المالكي اللجوء الى اقامة شكوى على النظام السوري ، لفرط  تورطه في اشتداد التفجيرات المدمرة في الساحة العراقية حتى طالت المؤسسات الرسمية ومواقع الدولة .

وبناء على طلب الحكومة العراقية ، ارسلت اميركا قوات اضافية تقدر بـ 3000  مقاتل وهذا ما حصل فعلاً . وساهمت هذه القوة بإضعاف قدرات الإرهابيين ، وانحسار نشاطهم بشكل واضح .

وفي هذا الصدد ، وجب علينا التذكير بما حصل بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، حيث عادت الأمور بالنسبة للعمليات الإرهابية الى ما كانت عليه ، حتى تعالت أصوات تدين استعجال الحكومة العراقية في اجلاء القوات الأمريكية .  

امريكا تدرك جيداً صعوبة حل معضلة المكونات الرئيسية للشعب العراقي ، من السنة والشيعة والكرد . وتعي جيداً اسباب  هذه المعضلة ، بأنها نتيجة للصراع الطائفي والعنصري الذي تأججه احزاب من الداخل ودول الجوار من الخارج .

الشيعة العراقيون : شفيعتهم  ايران ، ومسموح  لها  بالتدخل في الشأن العراقي بكل  صغيرة وكبيرة.  

السنة العراقيون : يجدون شفاعتهم في دول الخليج . ورئتهم هو البعث الذي اندست عناصره باندفاع في صفوف سكنة محافظة الأنبار ونينوى وصلاح الدين من الحضر والعشائر ، وجعلت  منهم قوة معارضة مسنودة من خارج الحدود . ولكن امريكا لاخوف لها من السنة في منطقة الشرق الأوسط لمتانة  العلاقة  بينها  وبين  دوَلِهم في المنطقة .

الكورد : شفيعتهم  اميركا  منذ سنة 1991

امريكا اليوم تتوجز العداء من الجانب الشيعي فقط ، بسبب  دور ايران وسياسيتها فــي خلق محاور للإنتشار فــي المنطقــة . وفي التخطيط الأمريكي ، هناك وضع حواجز في طريقها لئلا تجعل من نفسها دولة قطبية عن طريق التشبث بصنع مستقبل لها كدولة نووية ، تهدد امن اسرائيل والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط  ، بالأضافة الى تسعيرها للصراع العربي الإسرائلي . وهذا ما دعا امريكا ، الى تصديها  لنوايا ايران وحصر نفوذها ، لمنعها من  العبور الى سوريا ولبنان وتوسيع نفوذها ، لربط هذه الدول وغيرها بجبهة التعاون الإيراني الروسي الصيني . إن  السياسة الإيرانية في سعيها لإضعاف الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط لكي تطرح نفسها البديل ، ستؤدي الى  نسف الإستقرار ، ليس في العراق  فحسب ، وانما  في عموم منطقة الشرق العربي  .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 09-01-2015     عدد القراء :  2187       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced