رسائل جاسم المطير(4) إلى وزير النفط السيد عادل عبد المهدي المحترم
بقلم : جاسم المطير
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا أشك مطلقا أنكم تعرفون جيدا أن (قضية النفط) في كل بلدان العالم مليئة بالتناقضات الرئيسية ، الهرمية والفجائية ، وابرزها التناقض القائم بين (الإنتاج) و(الأسعار) فهي تعبير اقتصادي ،غير مستقر، يتعلق بمواقف الدول العظمى (المستهلكة) والدول الصغرى (المنتجة). أول ما ينتج عن مثل هذا التناقض هو تجريد منظمتي أوبك وأوابك  من إمكانية  الحفاظ على اسعار معقولة ضمن قوانين العرض والطلب وضمن اليد الاقتصادية (الخفية) التي كان قد أشار إليها الاقتصادي البريطاني آدم سميث قبل زمن طويل.

حين اصبح سيادتكم وزيرا للنفط  في جمهورية العراق حدثت (صدمة) كبرى في موروث العائدات المالية العراقية، المؤثرة في اقتصاديات بلادنا المعتمدة على هذه العائدات لتمويل الميزانية السنوية.  المفترض في هذه الحالة ان تقفوا ملياً أمام ثنائية (الانتاج / الأسعار) وكيف يمكنكم التكيّف مع هذه الازمة ، حيث  العالم كله مشحون بالحديث عن انخفاض اسعار النفط الخام  بنسب عالية جداً مما  يفقدنا (منافع) الموقع الذي يحتله العراق في ميدان الانتاج العالمي في ظرف داخلي حلّ فيه عنف الدولة الاسلامية  (داعش) في مساحات واسعة من المحافظات العراقية . تنظيم  داعش يفكر  بإجراء تحوّل نفطي خطير فإما ان (يسيطر) على بعض المواقع النفطية او انه (يخرّب) المنشآت النفطية إذا لم يسيطر على قيمها ومنافعها المادية، كما فعل في تخريب انابيب نقل نفط كركوك المارة بأراضي محافظة نينوى،  مما أوجد تقاطعا في ثنائية (الميزانية / النفط).

هذا الواقع  يتطلب تفكيكه للتغلـّب على العقل التخريبي لتنظيم (داعش) الإرهابي.  بدوره يتطلب ايضاً إعداد قوات مسلحة متينة، وكفاحا حربيا بتسليح مقتدر وتدريب متكامل. معنى ذلك حتمية توفير المال الكثير. من دون ذلك  سيغزو نفوس ابناء العراق كافة، نوعٌ من الألم واليأس والكآبة ربما تجعل الشعب العراقي مجبراً على إنزال لافتته المطالبة بالنهوض الاقتصادي وإعادة تعمير البنى المخربة في وطننا، ثم يجبر الشعب على سحب لائحة طموحهِ في التقدم على أساس ما تختزنه ارضه من ثروات العصر.

لأن هذا العصر هو عصر صراع عنيف تصطدم فيه مختلف انواع القوى البشرية والمادية ومنها الصراع حول المال والثروات فقد وجدتم مسئولياتكم ، ايها السيد الوزير،  وسط ازمة نفطية عالمية تتعلق بتصاعد الانتاج العالمي للنفط غير التقليدي في فنزويلا (النفط الثقيل) وفي امريكا (النفط الصخري) وفي كندا (النفط المقطرن)  مما ادى الى انخفاض الأسعار وتوليد مزيد من المشاكل المالية للدول التقليدية المنتجة ومنها العراق.

أول المشاكل العراقية  أن داينميكية انخفاض الاسعار العالمية  تركتْ أثراً سلبياً  فورياً مباشراً على واقع حال الميزانية السنوية ، كلها ، حيث ظلت ارقامها معتمدة اعتماداً تبادلياً مع  عائدات النفط السنوية ، إذ أن ضبط عائدات 90% من الميزانية على عائدات النفط يعني ان الدولة العراقية هي ،دائما،  في مواجهة مباشرة مع أرقام عائد النفط. تزداد اموالها بزيادة اسعاره وتنخفض بانخفاضها،  خصوصا وأن جميع الأنظمة السياسية، التي سيطرت على بلادنا  لم تركز جهوداً حقيقية  للتعامل الاقتصادي السليم مع العائدات النفطية، خاصة  بعد ارتفاعها ارتفاعا متقافزاً منذ عام 2003 إذ لم تفكر اي حكومة  عراقية لوضع استثمار اقتصادي وطني بتحويل جزء من عائدات النفط السنوية الى الاقتصاد الصناعي او الزراعي لحماية مجمل الاقتصاد الوطني وتطويره.

اتمنى أن لا تكون حالة الهبوط في اسعار النفط قيداً يثقل عليكم واجباتكم ومهماتكم في جو خانق مؤثر على نتائج اعمالكم في تحديد امكانية مواصلة (الاستثمار الجديد) في الحقول النفطية او في امكانية دعم ما تحتاجه الحياة العراقية المتعددة الإشكالية. لذلك ارجو ان لا تغريكم بعض معاني النصوص التي تسمعونها من موظفين تقليدين أو من أفراد لا يستطيعون تفسير فعالية التاريخ النفطي الجاري، بل عليكم يا سيادة الوزير ان تمارسوا حريتكم في البحث عن الفكر الوطني الفعّال العارف بالشئون النفطية وصدماتها السعرية وانماطها في ثنائية العلاقة بين الانتاج والاسعار. من الضروري أن لا تُحجب كفاءات نفطية عراقية مرموقة قادرة على الاندماج بهذه الأزمة،  وتوظيفها في اقصاء بعض او كل نتائجها الكارثية. أجد ضرورة للعلاقة والتواصل بين وزارة النفط وخبراء عراقيين يملكون الوعي النفطي  من امثال الدكتور فاضل الجلبي (لندن) والدكتور عصام الجلبي (عمان) والدكتور محمد علي زيني (لندن) والدكتور جعفر عبد الغني(براغ) والدكتور صبري زاير(أمريكا)  وغيرهم ممن لا ينبغي تجاوزهم .  

 إن تعدد مصادر الاستشارة مع  خبراء عراقيين يملكون الاحساس الوطني والشخصية الكفؤة،  والخبرة النفطية العميقة،  تؤدي بوزارتكم إلى فهم عميق بما يتعلق بالإنتاج و التسويق والأسعار والإستثمار و ابتداع الموقف العلمي المجرب في الميادين النفطية المتغيرة ، التي تتطلب موقفا وطنياً متغيراً ، أيضاً.  

تقبلوا مني يا سيادة الوزير كل التقدير والتوقير.

  كتب بتأريخ :  الخميس 05-02-2015     عدد القراء :  1956       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced