كان لرد الفعل الأردني ـ حكومةً وشعباً ـ من خلال وسائل الإعلام ، انعكاس مشوب بغضب مقترن بالتهديد والوعيد لوحشية داعش واجرامهم الذي اهتزت له الضمائر فـي جميع انحاء العالم . إن صورة الإقتصاص المفجع من الطيار الأردني ، اراد بها الدواعش أن يعلنوا للعالم بأنهم سيبقون غلاة مع كل من يقف في وجههم او يمس همجيتهم وشرائعهم ومنطلقاتهم او يتصدى بأي شكل من الأشكال لمراميهم في اقامة دولة ، على طراز لا يفهمه سوى اولئك الذين اُقحمت جماجمهم بأفكار ابلاها الدهر ، ويرفضها العصر ، مهما ارتكزت على التأييد والدعم من مرضى النفوس والعقول ، ومن اصحاب مشاريع لهم غاياتهم في اسناد وتحريك هذه الزمر الإرهابية ، ويعتمدونها في ترسيخ وتكريس الخرافة والتخلف حسبما تمليه كراسيهم وتسلطهم وبقاؤهم سادة على مدار الزمن .
اراد داعش القضاء على الطيار الأسير بطريقة مميزة ببشاعتها ، وكأني به يقول لكل طيار يحلق فوق مقاتليه " الويل لك من هذا المصير اذا تسولت لك نفسك تنفيذ الأوامر"وهذا التهديد يأتي مضافاً الى جز الرؤوس ونحر الأبرياء كما ينحر الجدي . هذه هي رسالة داعش للقريب والبعديد . ولا ندري ماذا سيكون موقف القريبين من داعش بين الشعب الأردني ، الذين يعدون بالآلاف من المنخرطين في صفوفه ، ومن المآزرين والداعمين على صعيد الدولة والشعب . وهل يا ترى ستتبدل الصورة ويتوحد الأردنيون في الوقوف مع الدولة لتنفيذ تهديدها المعلن بتلقين داعش الدرس الذي يستحقه .
وفي ردود الفعل على خلفية هذا الحادث ، تميّز شيوخ الأزهر بالحماسة في مقاضاة ارباب هذه الجريمة ، ونسَّبوا لمنفذيها حكماً بمستوى فعلهم ، وهو صلبهم على الأخشاب وعمل في ابدانهم الجزر وتقطيعهم ارباً اربا مستعينين بذلك بآية قرآنية . وليس أية غرابة في هذه الدعوى التي تعالج الجريمة بمثلها ، لأن هذا هو القصاص المشروع في منهاهجهم التدريسية التي تنشر فكراً سلفياً يستقطب الاف الشباب في منظمات ارهابية ، تمتد اضرارها من قلب البلدان العربية والإسلامية وتأخذ انتشارها في العالم الغربي .
والآخرون من اصحاب الرأي والشريعة ، استندوا الى ابن تيمية في جواز عملية الحرق بحق من يلقي الحمم على الرؤوس . والقصد من هذا ، بأن الطيار نال جزاءَه بحكم ابن تيمية ، لأن في قنابله نار حارقة.
وفق هــذا المعنى عبــر رجــال الديــن عـن مواقفهــم مـن الجريمــة النكــراء ، والحكومة الأردنية تعبر عن غضبها في انزال القصاص . ولا يخفى بأن الدولة الأردنية تراعي بقاءها وديمومتها باعتمادها لدبلوماسية رصينة للسيطرة على الشارع الذي يسوده نشاط المتدينين من الإخوان المسلمين ونصراء الإرهابيين من القاعدة والنصرة وداعش ، بالإضافة الى العنصريين المتشبثين بهَوس ، بقيم العروبة وتحرير القدس .