سوق الفتاوى في إجازة
بقلم : د. يحيى محمد ركاج
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

شهد العالمين العربي والإسلامي منذ بدايات القرن الحالي صعوداً غير مسبوق للفتاوى في التاريخ الحديث، حتى أصبح الواحد منا يتوقع أن يصحُ في كل صباح على خبر فتوى جديدة تبيح شيئاً وتحرم شيئاً في تعاليم الدين رغم أن الله سبحانه وتعالى قد قال في محكم التنزيل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً" فإذا كنا ننظر إلى فتوى إرضاع الكبير وتحريم الحياة على المريخ وتحريم البوفيه المفتوح وغيرها من الفتاوى على أنها الفوضى التي تعم الأمة، فإنها كانت الباب الأكبر للفتنة التي حلت بهذه الأمة شيبها وشبابها تحت مسمى الربيع العربي المزعوم أو الربيع الدجال، فقد انتقلت هذه الفتاوى من أمور حياتية قد لا تهم الكثيرين في أمتنا العربية إلى فتاوى أصبحت تكتب بدمائنا ودماء أبنائنا كما في التظاهر والتعامل مع الناتو وغيرها، لتتوقف هذه الفتاوى أو تتباطأ ويقل انتشارها مع ما حققه الجيش العربي السوري وصمود الشعب السوري الذي فضح صموده أهداف معظم الفتاوى وخدمتها للكيان الصهيوني وارتباطها به في كثير من الأحيان، ولتظهر على واجهة العرض الفتاوى الداعشية والتي رافقها جدل كبير بين أصحاب الفتاوى السابقة أنفسهم.

لقد ترافق تباطؤ الفتاوى المثيرة للجدل من علماء الأمة مع سطوع الفتاوى الداعشية التي تعتبر تسويقاً للتنظيم الإرهابي المسمى (داع ش)، فأصبح ذكره يحتل المواقع الإخبارية ومواقع التواصل والقنوات الفضائية والمحطات الإذاعية إما لإرهابه الدموي أو لإرهاب الفتوى الذي يسلكه، فلا تكاد تمر ساعة دون أن يذكر فيها اسم هذا التنظيم حتى في الدول التي ليس لها من السياسة والسيادة إلا الاسم.

لقد تجاهلت أغلبية الدول عمداً ما أشار إليه الرئيس السوري والأمين العام لحزب الله والعديد من الزعماء والقادة من أن التنظيم الإرهابي المسمى (داع ش) يهدف إلى تدمير مكونات الأمة من أجل السيطرة عليها، ولن تنتهي أطماعه ظاهرياً إلا بالسيطرة على المقدسات الإسلامية وتدميرها، وتدمير الأمة وشعبها، خدمة لأطماع شيطانية راودت بعض العربان تحت إمرة سيدهم وحليفهم الأمريكي المتصهين، إلا أن الزمن الذي لم يقدّروه حق قدره، قد أفصح عن مكنونات القائمين على هذا التنظيم من نوايا وأطماع، خاصة بعد جرائمه في مصر وليبيا ومغازلته لدول أخرى بعيداً عن الأماكن التي سهلوا بها انتشاره، وبعد مجموعة من الإجراءات التي اتبعها كالقدرة الهوليودية على الإخراج والفبركة كما في فيديوهات الشهداء الكساسبة والعمالة المصرية، وإصدار قوانين وتعليمات تنفيذية للعديد من الأمور الحياتية واعتماده موازنة مالية كبيرة للعام 2015، وإصداره نقداً باسمه قابل للتداول والقياس- رغم جهلي بطريقة القياس والغطاء النقدي اللازم لهذا الأمر الذي سوف تتبعه - على خلاف بعض الدول العربية والنفطية.

لقد بدأت العديد من الدول التي كانت تدعم إصدار الفتاوى تستشعر من خطر التنظيم المسمى (داع ش)، إلا أن ما يؤخر إصدار الفتاوى التي تحض على الجهاد ضد هذا التنظيم هو انتهاء حلفائهم من دعم ما يطلقون عليه معارضة سورية معتدلة، على أمل أن تنتهي التنظيمات الإرهابية الموجودة في سورية من إضعاف القدرات الكبيرة للجيش العربي السوري فتصبح الساحة السورية من جديد مكاناً لصراع جديد يقوم على سفك الدم السوري خدمة لأطماع هذه الدول في الحد من وصول التنظيم الإرهابي إليها وإشغاله في دماء السوريين من جهة، وترسيخ فكرة دولة دينية بعيداً عن الشعائر المقدسة تسهيلاً لتنفيذ خارطة الكانتونات الجديدة للمنطقة والاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني.

إن النتائج الأخيرة التي حققها الجيش العربي السوري في الشمال والجنوب السوري ونتائج المصالحات التي تتم في باقي المناطق، تشير إلى وعي القيادة السورية الكبير لما يُحاك أو يُخطط للمنطقة سواء أكان ذلك من الحلف المتآمر نفسه بشكل مستقل أو بالتنسيق مع المبعوث الأممي، الأمر الذي قد يغير الكثير من الفتاوى في فترة الإجازة هذه التي تمتع بها شيوخ هذه الفتوى, فهل نشاهد في الأيام القادمة فتاوى جديدة للاعتراف بالأمر الواقع وإلباس الطربوش الديني لرأس جديد، أم تشتعل بورصة الفتاوى من جديد تفادياً للهزائم التي حاقت بالتحالف الشيطاني على تدمير المنطقة وتزعمها خاصة بعد الافتضاح العالمي للأمر التركي في حلب، أم أن العقل العربي والإسلامي سوف يرتقي أخيراً إلى محاكاة الواقع والمنطق إيماناً بقوله تعالى "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا"

  كتب بتأريخ :  الأحد 22-02-2015     عدد القراء :  1860       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced