العراق : شمولية التدمير للتراث والحضارة..!؟؟
بقلم : باقر الفضلي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ليس الأمر بالجديد؛ وما أدركه العراقيون منذ اليوم الأول للغزو الأمريكي للعراق في عام /2003 ، قد إرتبط بكل ما يشتمل على الخراب والدمار؛ وما يعنيه التدمير لمظاهر الحضارة في البلاد، قد بدأ في إستباحة وتدمير مظاهر الحضارة في بغداد كالمكتبات العامة والمتاحف وغيرها من مواقع الحضارة التأريخية في بعض المدن العراقية التأريخية كبابل وأور، والتي حولتها القوات الغازية الى قواعد عسكرية، ناهيك عن أفعال سرقة وتهريب الآثار التأريخية وبيعها في أسواق التهريب الدولية، الأمر الذي قيل فيه كلام كثير..!!؟(1)  

فهل يا ترى، أن ما جرى ويجري الآن في الموصل؛ من تدمير لمقتنيات متحفها الوطني، يختلف في شيء عما تقدم..!؟ أم هل يمكن أن تكون الغاية من تدميره، تبتعد في أهدافها عن أهداف الإحتلال الأمريكي للعراق في عام/2003..!!؟؟ أسئلة ترتبط في جوهرها، بما هدف اليه ذلك الإحتلال للعراق، وبما مهد وخطط له من سيناريوهات وآليات محكمة التدبير؛ فالعراق في حينه كان يشكل عقبة كأداء أمام أمريكا والعالم الغربي، ومن كان يسير في ركابهما، من دول المنطقة، في إستكمال هدف إستعباد المنطقة والتفرد بثرواتها الغنية، وإستكمال تبعيتها للعولمة الجديدة..!؟

إن ما يميز الحاضر عن ماض، قد مر عليه أكثر من عقد من السنين من تأريخ العراق الحديث، إنما بات ينخرط في إستنباط أمريكا وتحالفها الغربي لوسائل وطرق أكثر دهاءً وحنكة من المجابهة المباشرة، إذ لم تعد هناك، من حاجة الى تكرار التجربة الفيتنامية أو الكورية، لما لكلفتهما الباهضة، ولما لتداعياتهما الكارثية على الصعيدين الوطني والدولي، وبالتالي، فإن أي قصل بين الوسائل والأهداف، إنما يصب في خدمة نفس مصالح تلك الجهات التي إستنبطت تلك الوسائل في الوصول الى أهدافها بأقلة كلفة، وبعيداً عن المشاركة الفعلية في الأحداث...!!؟

ومن هنا، فإن ما يدعى ب " الفوضى الخلاقة" لا يخرج في جوهره، عن هذا الإطار، إن لم يكن بذاته سلاحاً ذي وجهين، أو على حد التعبير العراقي الشعبي " نارهم تأكل حطبهم" ؛ وهذا ما يمثل لب وجوهر سياسة " الفوضى الخلاقة" التي إبتدعتها السياسة الآمريكية ومكاتب بحوثها المنشغلة ليل نهار، في رسم الخطط والسنياروهات، التي تسهل على الإدارة الأمريكية إستكمال إستعباد المنطقة بأقل التكاليف؛ فلا غرابة والحال، أن تتعدد الطرق والوسائل المبتكرة كل يوم في أجندات تلك الإدارة وحلفائها وتابعيها، والتي تسهم في خلق المنظمات والمنظمات الجديدة من التي يقع على عاتقها تنفيذ تلك الأجندات والسياسات المرسومة لإستعباد المنطقة، وليس من الغرابة في شيء، أن تلجأ تلك الإدارة وحليفاتها وتابعيها، حتى الى محاربة تلك المنظمات ومنها ذات "الطابع الإرهابي" وتصفيتها نهائياً إن تطلبت مصالحها ذلك، وتأريخ منظمة القاعدة وقائدها أبن لادن مثال حي على ذلك؛ وكما هو الحال اليوم فيما يتعلق بموقف تلك الإدارة وما يدعى بالتحالف الدولي في موقفها الحالي من ما يدعى ب"داعش" ..!!؟؟

وكي لا يبتعد المرء كثيراً في البحث والتدقيق بأحداث الموصل الأخيرة، ومنها تدمير متحفها الوطني، من قبل منظمة " داعش" ، فإنه من البدهي القول وبعيداً عن التكرار، بإن تدمير التراث الوطني لأي دولة، لا يمكن بحثه خارج نطاق الحرب الدائرة في المنطقة، وأن من مصلحة أي جهة تخوض مثل تلك الحرب، تدمير كل ما يمت بصلة الى الطرف الآخر، لما له من تأثير نفسي ومعنوي على شعب تلك الدولة، وهي سياسة إرتبطت بكل الحروب التي تعرضت لها الشعوب، والأمثلة والدلائل على ذلك غير قليلة، وإن إحتلال العراق ليس إستثناءً من ذلك، وما تدمير التراث العراقي، إنما حصيلة محسوبة لذلك الإحتلال..!؟

ومن هنا يأتي إرتباط تدمير التراث لدولة معينة، خاصة إذا ما كان شموليا، بحضارة تلك الدولة، لأن التراث بمختلف صوره وأشكاله، إنما يمثل التسلسل التأريخي والزمني لحضارة تلك الدولة بما يمثل تأريخ جميع تلك الشعوب التي قطنت تلك الدولة على مر السنين؛ وليس العراق إلا ذلك الوطن العريق في القدم، والبلاد الأكثر إستيطاناً من قبل أقوام متعددة الثقافة على مختلف صورها، والتي تركت وكان لها ولا يزال العديد من الآثار التي تحاكي ذلك الوجود حضاريا، ولها على المستوى الدولي، سجل حافل بالتفاصيل، وتعتبر منظمة اليونسكو الدولية من أهم تلك المنظمات الدولية التي ترعى آثار تلك الحضارات، وبالتالي فإن أقل ما يقال بهذا الشأن؛ هو الدور الذي ينبغي إتخاذه من قبل المجتمع الدولي، أزاء ما لحق بمتحف الموصل من تدمير، ومنه ما تقرره نصوص وأحكام القانون الدولي ومنها إتفاقيات جنيف لعام/1949، وإتفاقية لاهاي لعام 1907 في حماية الكنوز التراثية للحضارة الإنسانية، وفي جميع الظروف ومنها حالة الحرب، وكذلك ما سيكون عليه دور الحكومة العراقية  فيما يتعلق بالحماية الجنائية للتراث، طبقاً لقانون الأثار والتراث رقم 55 لسنة 2002..!؟(2)

باقر الفضلي/ 2015/3/4    

______________________________________________________

(1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=106831

(2)   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=149724

  كتب بتأريخ :  الخميس 05-03-2015     عدد القراء :  1560       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced