رسائل جاسم المطير (12) إلى السيد قائد القوة الجوية العراقية
بقلم : جاسم المطير
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

سلام  إليك، أيها القائد العسكري،  من مواطن مدني، يستمع ،في هذه الايام، إلى تصريحات متناقضة . يدلي  بعض العسكريين قائلين : ان حربنا على تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) لا تحتاج الى طائرات امريكا ، بينما بعض القادة العسكريين والخبراء الامنيون يصرحون أن الحاجة ماسة إلى طائرات التحالف الدولي – الامريكي.  

لست عسكرياً، ولا اعرف شيئا عن الطيران العسكري، لكنني أعرف فقط أن أول رف لطيران الجيش العراقي وصل الى بغداد قادماً من لندن كان يوم 22 نيسان عام    1931  . كان  يقوده طيارون عراقيون تدربوا في بلاد الانكليز. استقبلهم  ملك العراق فيصل الأول في مطار الوشاش  (مطار المثنى) على رأسهم الطيار محمد علي جواد ، أول طيار عراقي، وهو من اقارب الزعيم عبد الكريم قاسم . قررت الحكومة العراقية اعتبار ذلك اليوم يوما ً تاريخياً لأنه يوم تأسيس القوة الجوية.   تجانست الحكومات اللاحقة مع هذا اليوم التاريخي تجانساً كبيراً وصل الى حد الهوس أيام رئاسة صدام حسين ،حيث سخّر امكانيات مالية هائلة، وتدريبات يومية جامعة، لتطوير القوة الجوية وجعلها قادرة على حمايته وحماية قصوره، خادعاً نفسه ن بمقدور طائراته ان تقصف اي دولة يشاء متى يشاء،  مما أدّى، بالنتيجة، خلال ثلاثة حروب خليجية، إلى تحطيم  طموحه وعجرفته وتكبره ، مع تحطم اغلب طائراته في تلك الحروب.  ثم  قام  بوضع بعض الطائرات العراقية الناجية من حرب الخليج الثانية (أمانة حين الطلب) لدى النظام الايراني التي كان يقصف مطاراتها في حرب الخليج الاولى.  ثم تشوّش صدام حسين وتهلوس في حرب الخليج الثالثة لأن جيشه كان بلا طيران ،وهو يواجه اعتى جيش في العالم يمتلك اقدر الطائرات والصواريخ وحاملاتها.

اليوم نسمع تصريحات عسكرية متنوعة بعضها يأتي على لسان شخصيات سياسية من النساء والرجال ، بعضهم اعضاء في البرلمان ليسوا ملمين  بالحروب وبالشئون العسكرية .

ربما  يضيع المواطن في مواصفات التصريحات ،المعقدة أو المتناقضة، لأنها تحمل نوعاً من الاستهانة بإمكانيات االداعشيين الهمجيين .ربما احتدام النقاش في المراكز القيادية في أعالي الدولة حول (سيادة) الاراضي والسماوات العراقية يؤدي بكم وبجيشنا العراقي الى القتال في محافظات صلاح الدين والانبار والموصل بدون طيران صاروخي قدير ..؟  ربما من يتمتع بروح السخرية يمكن ان ينصح القادة العسكريين والسياسيين بالقول:  ان قصاصة ورق واحدة تكفي لقصم ظهر الدواعش و تحرير المدن المغتصبة (خلال ساعات ...) كما سمعنا تكرار مثل هذه التصريحات والتقديرات بعد تحرير ناحية العلم وقرية بو عجيل.

من حق أبناء الجيش والبيشمركة والشرطي الاتحادي والمتطوع في الحشد الشعبي وكل المواطنين ان يفهموا ويعرفوا أن من واجبكم، ايها السيد القائد، بحكم منصبكم ان  تخبروا العراقيين عن حقيقة الفرص المتاحة لكم ولجيشنا العراقي:  هل بالإمكان خفض الاعتماد على طائرات الامريكان أو وقفه ،كلياً، حفاظاً على (سيادة) أجوائنا ..؟ هل بإمكان تحقيق اهداف القوات المحاربة على الارض من دون ان يشتمل ذلك على  طلب العون إلى قيادة الجيش الامريكي في الشرق الاوسط..؟ هل يمكن ان يتحقق النصر سريعا باقتصار الاتصال والتعاون مع العون العسكري الإيراني فقط..؟  

ليس من شك لدى اي مواطن عراقي أن الدواعش سيهزمون ، في النهاية،  وأن العراقيين جنودا ومدنيين سينتصرون لا محالة ، حتى ولو كان الفساد المالي قد صعدت سلالته الرديئة إلى نموذج الصفقات التسليحية الروسية والأوكرانية والجيكية وغيرها. لكن رغم فيروس الفساد فأن العراقيين  عرفوا ،من قبل، مثلما عرفت البشرية جميعها ان العدوان والاغتصاب والاحتلال لن يدوم  حالما يقرر الشعب الدفاع عن حريته وعن ارضه وعن كرامته .

من يدري ربما تاريخ العراقيين في المستقبل سيتوقف على دحر عصابات داعش وعلى اختيارات واختبارات الحقبة القادمة. لكن الشيء المهم، ايها السيد القائد، هو الدور العسكري  في (التوحيد) و(التقوية) لكي ينتصر الجيش بأقل الخسائر، المادية والبشرية. هل يتم الانتصار بالتحليل العسكري الجدلي المتصاعد في القنوات الفضائية، أم يتحقق بالفعاليات العسكرية المدروسة والمخططة بالتعاون مع الطائرات الحربية القاصفة، التي لا يملكها الجيش العراقي ،مع الاسف، مما يجبركم ،شئتم أو أبيتم إلى اللوذ بطائرات أمريكا السوداء حيث تريد منكم  ان تنظروا لها نظرة حب وانتماء وليس نظرة ازدراء وعداء .

لا شك ان الامر متروك لتقديركم وخبرتكم ففي جميع الثقافات العسكرية العالمية، فأن الرجل العسكري عليه أن يتصف بالحزم والجزم والطموح والثقة بالنفس والشعب والجيش، من دون الخضوع والاستسلام لعواطف جياشة تظهر على شاشات التلفزة كأن الجيش العراقي (يشتهي) العون الأمريكي لكنه (يستحي) من الحشد الشعبي.

لكم في الختام تحيات حارة وامنيات بالنصر الاكيد .

  كتب بتأريخ :  الخميس 26-03-2015     عدد القراء :  1992       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced