مواثيق شرف ولكن !
بقلم : طارق الربيـــــعي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بعد كل وجبة طعام دسمة يخرج التـمسـاح الكـبير مـن النـهـر ، متـرنـحـا في خطواته ليربض على اليابسة تحت أشعة الشمس الدافئة فاتحـا فكيه إلى أقصى ما يستيطع . وما هي إلا لحظات حتى يحط عـلى ظـهره طـائر صـغـير يأخذ بالتلفت يمينـا وشمـالا ، ثـم لا يلبـث أن ينـزل ويـقـفـز على الفك السفلي للتمساح ، ويبدأ بالتقاط بقايا الطعام العالقة بين أسنانه الحادة المرعبة دون شعور بالخوف أو القلق .

فأذا أكمل مهمته خرج مرفرفـا بجناحيه ومـضى الى حال سبيله ، وأطبق التمساح فـكيه الكبيرين وأنـسـحب بهدوء الى نـهره وكأن لسان حاله يقول : شكرا لك ياصديقي ! . إنه ميثاق شرف تـعاهـد عليـه الإثنـان مـنذ أن وجـدا على ظهر الأرض . الطائر يُــشـبـع جوعه من بقايا الطعام ، والتمساح يتخلص مـن أذاهـا . ولـم يحدث أن أخل احدهما بــإتـفـاقـه مع الآخر ، أو غدر بـه ، أو تخاصما واهملا واجبيهما .

احزاب الاسلام السياسي في العراق ومنذ ما يقرب من اثنتي عشر سنة تـعهـدت لـنـا ، وأقسمت بالله وبأولـيـاءه الصالحين وبتـربـة الـوطـن الغالي ، إنها ستعمل لخدمتنـا ، وستحقق الرفاه والأمان والعدل الاجتماعي ، وتعطي لـكـل ذي حق حقه ، ولن تُـبـقـي للفاسدين أثرا ... لكنـهـا وما أن وصلت لكرسي السلطة حتـى غدرت بـنـا وطـعـنـتـنـا فـي ظهـورنـا . وجعلت من العراق كـبـقـرة حلوب أحاطت بـها ضـبـاع مـسعـورة من كل جانب تمتص ضرعيها بـنـهـم شديد دون أن ترتوي من لبنها ، أو تُـشـفـق علـيـهـا .

لم تــلـتـزم هذه الأحزاب بمـواثـيق الشرف الـتـي أقسمت عليـهـا ، ولم تحقق ما وعدتنا في تحقيقه . فسادت الفوضى واستفحل الارهاب وعم الفساد ليصبح قيمة من قيم المجتمع العراقي لا يستنكرها أحد ، أو يرى فيها ما يخالف مبادىء الديـــن والإنسانية . لقد أصبحت الفضائيات ملعبا للتناحر والتنابز بين الأحزاب ، دون اي اهتمام بالنتائج التي تترتب على تلك المشاحنات والتصريحات الملتهبــة وما تسببه للمواطن العراقي من مصائب وكوارث ، فضلا عن إنها تفتح الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي من دول الاقليم التي لا تريـــد للعراق ان ينهض من كبوته ويمارس دوره كدولة مستقلة قادرة على الانتاج والابداع .

أقول لـرموز وقـادة هذه الأحزاب : مـا دمـتـم لـم تـتـعـلـمـوا مـن الـدين كـيـف تـحافـظون عـلـى وعودكـم ،ومواثيق الشرف التي أقسمتم عليها ، إذن فـتعـلمـوا مـن الحيـوانـات ، وليـس فـي ذلك عيـبا او مـنـقـصـة ، فـالقـرآن الكريــم يـقول (( ومـا من دابة فـي الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم )) الحيـوانـات أمـم أمـثالـكـم ، فـيـاليـتـكـم تـتـعـلـمـون مـنـهـا مـعـنـى الإلـتـزام بــمـواثـيـق الـشـرف والـوفـاء بالـوعـود ! لتخلصوا هذا البلد المنكوب من أزماتـــه ومصائبــه التي لا تريـــد ان تنتهي بسبب تشتتكم وتفرقكم وأطماعكم الحزبيـــة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 04-05-2015     عدد القراء :  1575       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced