العلاقات الدولية تقام على مقاييس المصالح
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بات من اليقين بأن شعوب ما يسمى بالعالم الثالث ، غالباً ما تتلاعب في مصيرها انظمة حكم فاشلة وغارقة في الغطرسة والتجبر الفارغ في سياسيتها الداخلية القائمة على الإضطهاد والقمع ،  وكذلك في سياستها الخارجية التي تعرضها للويلات على اشكالها كنتيجة لإرتكاب الحماقة في التطرف ولإندفاع في اثبات الوجود ، وابراز العضلات في التصدي ، لتغيير الموازين. وهذا هو ما نشاهده اليوم كمحصلة لِما هو قائم في العراق وسوريا واليمن وما تعانيه شعوبها من المصير المهلك الذي اتت  به انظمة متعاقبة قابضة على زمام الحكم  بالقوة  وهي عاجزة  ــ وستظل كذلك ــ عن المساس بالمعادلة السياسية الموضوعة في الشرق الأوسط ، وأي تصدي لهذه المسألة سيبوء بالفشل  ونتيجته مزيداً من الدمار الذي تعيشه المنطقة.

الحكومات التي تفتقر الى الحكمة والدبلوماسية ، وتغض الطرف عن البوصلة التي تشير الى مصالح اميركا لا سيما في منطقة الشرق الأوسط ، هذه الحكومات  ، لابد أن تقع في مأزق وتعرض شعوبها واوطانها للهلاك. إن ما تعيشه المنطقة اليوم ، ليس الا من صنع الأنظمة المستبدة في العراق وسوريا وكذلك في ايران . وليس من العجب في اهتمام الدول الكبرى  بهذه الخارطة الحساسة في حالة تلاعب  هذه الأنظمة المذكورة  باستقرارها ،  وزعزعة الوضع الأمني فيها . كيف  يكون التصور لرد الفعل عند امريكا ومعظم دول العالم الغربي ، تجاه ما أقدم عليه صدام حسين في احتلال الكويت وتوجيه ضرباته صوب السعودية واسرائيل ، وكذلك تجاه فرض الجيش السوري قبضته على دولة لبنان والتلاعب بمقدراته واغتيال رئيس وزرائه رفيق الحريري ، وبعده العشرات من الشخصيات الإعلامية والسياسية ، واقدام ايران بوضع حزب الله وكيلاً لها في لبنان وجعلِ منه محوراً عسكرياً يتلقى كل انواع الدعم من المال والأسلحة ليشكل مع الجيش السوري قوة ضاربة لمحق اسرائيل ، وكان هذا شعاراً رسمياً لدى الحكومة الإيرانية . واليوم زاد في الطين بله ما يحدث في اليمن من حرب اهلية طاحنة تتداخل فيها اطراف من دول المنطقة .

في العراق المبتلى ، يكثر اطلاق التشكيك في موقف التحالف الدولي وعلى رأسه اميركا ، وكأن الفساد المستشري والخيانات والإنقسامات والولاءات على اشكالها ، هذه كلها  ليست عاملاً خطراً يهدد البلاد ومستقبلها .! امريكا لا تتآمر على العراق ولا تبغي تقسيمه ، لكنها لا تتشجع في وضع امكانات اكثر امام العراقيين ، ذلك بسبب التدخل الإيراني المدعوم باصوات دينية عراقية تنادي في تمييع الإسناد الأمريكي وتنشر التشكيك في اهميته .  والى جانب ذلك  ، موقف الحكومة العراقية المساند للنظام السوري .

ولا يخفى بأن الإنسحاب الأمريكي من العراق بعد خسارتها الفادحة في المال والأرواح ، كان تحت ضغوط ايرانية . واليوم ثمة صوت رسمي امريكي يصرح ، بأنه  ما كان على إدارة بوش اسقاط نظام صدام وتحميل اميركا كل تلك الخسائر .

فالذي انتفع بالدرجة الأولى من سقوط نظام صدام ، ليس امريكا ، بل هي ايران التي انفتحت مصاريع ابواب العراق امامها ليكون البلد بمثابة محور اساس ، يسهل لها النفوذ بسهولة الى سوريا ولبنان وفلسطين ، وحتى التحرك على الحدود  الشمالية لإسرائيل ، يوم تم قتل قائد ايراني في نفس المنطقة .

احتلال العراق من قبل داعش ، تدور حوله اجندات دولية عديدة ، كون البلد مفكك سياسياً واجتماعياً ، وتتحكم به الإنقسامات واجهزة الفساد المنتشرة في مؤسسات الدولة وفي الشارع  . ويستمد الغزاة القوة من هذا الوضع  المتنوع في تدهوره ، ويتلقون العون الكبير من ظاهرة الغدر المستشرية في اوصال المجتمع العراقي ، حيث لا زال الكثير من رجالات الجيش والشرطة ورؤساء العشائر يتعاملون مع الأحداث من مفهوم الخيانة . ويتجلى هذا في عمليات تسليم  الأرض للعدو بأسهل ما يكون .

الدعم الأمريكي المقصور على الطيران وتجهيز السلاح ، ليس كافياً اصلاً ، لا سيما امام هكذا وضع ملغوم بفعل الخيانة . وأما دخول قواتها الى ارض العراق ، قد سبق تحريمه بفتاوى رجال دين عراقيين وايرانيين على حد سواء . وسياسة الحكومة العراقية التي تُبنى اليوم على درجة  من المرونة والدبلوماسية في ازالة الخلافات وتقريب وجهات النظر والإنفتاح على دول الجوار ، ما فتئت تصطدم بمواقف فيها الكثير من التزمت والتمسك بالتباعد او القبول المفتعل لغرض الإلتفاف وانتهاز فرصاً مثبطة .

إن مسؤولية هذا الوضع المأساوي في الشرق العربي ،  تتحمله جميع الدول المذكورة بالإضافة الى دول الجوار من السعودية وقطر وتركيا التي تشارك  في إدامة الإحتقان في تغذية هذه الدوامة المدمرة التي ستعصف بالدول المسببة والداعمة والضالعة . وستكون جميعها معرضة لخسران كبير . عليهم جميعاً تدارك هذا الوضع الخطير ، وهم الطرف الرئيسي القادر على نزع فتيلة الحرب والإقتتال  وفرض واقع على الدول التي تبحث عن فرض اجنداتها او تغذي مشاريعها السياسية من استمرار هذه النكبة .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 01-06-2015     عدد القراء :  1965       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced